رؤية في التغيير إن طريق أي إصلاح لا يكون بفرض رأينا وقيمنا ومبادئنا على الآخرين ولكن بإقناع الآخرين بقيمنا . ولا بد من احترام الرأي والرأي الآخر وعدم التطاول والاهانة والسب والقذف والصوت العالي . إن ما يحدث الآن وما نراه كل يوم خرج عن إطار تبادل الآراء بما يحقق الصالح العام ولكن معظمها ردود فعل لا تسمن ولا تغني من جوع ، وتصفية حسابات . ولكن قل لي بالله عليك ، اليوم أنت تنادي بالتغيير وتسب وتهين الطرف الآخر وتضرب برأيه عرض الحائط لمجرد أن قال رأيه حتى ولو كان مخالف لمبادئك ، فقد تحولت من مظلوم إلى ظالم وبدون أن تشعر أصبحت نسخه جديدة لدكتاتور آخر يفرض رأيه بالقوة مع الاعتقاد الراسخ بأنك على حق . لو تركنا الأمر بهذه الصورة أنت على صواب وأنا مخطئ ، وأنا على صواب وأنت مخطئ وكل واحد في وادي لن نلتقي أبداً على هدف واحد فنحن الآن لا يحكمنا إلا منطق القوة . هناك مبدأ عظيم في الإقناع قائم على : ( قل هاتوا برهانكم ) فلا بد من احترام الآخر في التعبير عن رأيه ، ما لم لا يضر بالقواعد الأساسية في حرية التعبير ، والرأي الصواب في النهاية هو الذي يسود والاختلاف في النهاية لا يفسد للود قضية . إن إحداث التغيير في الرؤية والإدراك المتمثلة في تغيير القيم الفاسدة وجعلها موافقة للمبادئ العامة والمتعارف عليه شيء عظيم . نحن غير مطالبين بتحقيق أكبر قدر من التغيير بسرعة البرق ولكن مطالبون بالسعي والاستمرار المتواصل في التغيير وفق حرية التعبير . لا بد أن نؤمن أن البدايات في أي تغيير إذا كانت بطيئة لا يفقد مصداقيتها مما قد يكون نهايتها سعيدة ، وقد تكون البدايات في التغيير مبشرة بالخير وسريعة في تحقيق مكاسبها ولكن قد تكون نهايتها غير سعيدة وعواقبها سيئة . هناك قصة مشهورة عن فلاح وجد أن أوزته باضت ذهباً في الصباح فباع البيضة الذهب وعجب لذلك . في الصباح التالي وجد بيضة أخرى من الذهب فعجب أشد العجب ثم باعها أيضاً . هذا الفلاح بعد فترة أهمل كل حيواناته في المزرعة إلا أوزته الذهبية وأصبح يصحو من نومه قبل الأوزة ويستعجل البيضة قبل أن تبيضها . ثم سأل نفسه ذات يوم " ماذا لو ذبحت الأوزة وحصلت على كل ما فيها من ذهب ؟! " ذبح صاحبنا الأوزة وأستعجل النتيجة فلا هو وجد الذهب ولا عادت الأوزة تبيض ذهباً . بقلم / عصام كرم الطوخي .