ليل القاهرة.. بللته دماء قبطية.. أو بالأصح.. دماء مصرية.. حين أعود إلى بيتى يتلبسنى إحساس غامض.. وموغل فى الخوف.. أنا أشتم رائحة الدماء.. فوق الكنائس.. وعند المساجد.. وعلى أرصفة مصر.. يسكن البللُ الأحمر.. وفى الأجواء.. تصريحات.. وتنديد واستهجان.. ومسلمون غاضبون بحق.. ومسيحيون صامتون ولكن كلهم.. أم ثكلى.. أنا لا أعرف الخنساء.. ولكن قلب الخنساء هو الذى ينبض فى كل قلب عربى الآن.. يستحق مصريته وعروبته.. أرجوك أيها القانون فى مصر.. لا أعرف لمن أوجه مقالى.. أرجوك وضح لى من هم الأقباط.. من هم الإخوة الأقباط؟ بطريقة علمية.. إن معرفة السؤال هى نصف الإجابة.. وبالتالى.. طريق الحل سهل.. سأشرح لك أيها القانون أيها الدستور.. أنت تعرف أن الحق هو السد العالى لمصر.. السد الحقيقى.. الذى لا ينهار بتعاظم الفيضان ولا يُدمَّر من قذيفة.. القانون الحق.. هو العدل.. لى «سؤال» واشرح لى يا دستور من هم الإخوة الأقباط؟ من الطبيعى أنى أقول الإخوة العرب فيفهم منها أن صلة القرابة هى العروبة.. أى أننا تخذلنا المؤامرات الدولية.. ولكن انتمائى لوطنى جزء من إنسانيتى وجنسيتى.. اللتين تشملهما فى المجمل.. عروبتى.. بمعنى آخر.. إذا كنت عراقية وتآمرت الكويت على وطنى فمن الطبيعى أن أنحاز إلى بابل.. والأسماك المزجوفة والقنبجى والمواويل القديمة فى بغداد. وإذا تآمرت أمريكا على الكويت مثلاً أو كالمعتاد، فمن الطبيعى أن عروبتى تقف فى صف الكويت جنباً إلى جنب.. هنا.. الموضوع واضح.. ولا غموض.. ولا تساؤل.. أما مسلم ومسيحى.. فكيف تراه يا سيادة القانون، حين لا نفهم فيك مفهوم القبطى.. وتعريف معنى القبطى.. والإخوة الأقباط.. فبالتالى.. يتوه المعنى.. ويتوه الحق.. وما لهم وما علينا.. وتتوه الدماء.. إذا كنت صغيرة.. وقالت لى أمى.. وأنا ضمن إخوتى الرجال إن هذا الطفل كأنه أخوك أو «اعتبريه زى أخوكى» فأنا هنا أفهم تماماً.. أن أستحى منه.. ألا أضربه حتى فى الشجار لأنه «ضيف» و«زى أخويا».. أما أخى الحقيقى فأتصرف معه بتلقائية لأننا إخوة فى الدم.. والذى نفهمه من التنشئة. أما أنت أيها القانون.. لم تُفهمنى هذا.. لم تعلمنى أن القبطى المصرى هو أخ لى فى الدم.. والعرق.. والكرامة.. لم تقسم بيننا قسمة عدل.. ووضعت قوانينك بالأغلبية وكأنها انتخابات.. ولا تجادل.. لأن الدليل عندى طوال الوقت. لِمَ تركت الإعلاميين يقولون الإخوة الأقباط وكأنهم إخوة المصريين وليسوا هم من المصريين. لِمَ.. لم تعاقب أطباء نفسيين مخابيل يقولون إن من أهم أسباب الاكتئاب البعد عن الإيمان والصلاة على النبى.. وكأنك على الوجه الآخر تؤكد أن صاحب الدين الآخر سيموت ويشنق نفسه من الاكتئاب والهوس لأنه ليس مسلماً!! لم سمحت لبعض شيوخ الدين المتعصبين والجهلة أن يتطاولوا.. ويحملوا فى طيات كلامهم إدانة لكل ما هو غير مسلم. لِمَ لَمْ تعاقب أحداً شتم مسيحياً أمام الجميع.. واتهمه بالمسيحية وكأنها سُبة.. وهل أيها القانون المسيحية عندك سُبة؟.. لِمَ أصلاً كلمة عاش الهلال مع الصليب؟! لِمَ.. لم تكن عاشت مصر... لم الإخوة الأقباط؟ وهل هناك الإخوة السنيون.. والإخوة الشيعيون؟ والإخوة البهائيون؟ لا أيها القانون.. نحن نحترق. وتصير مصر بعيدة.. بعيدة.. عن التصنيف ويغرق الوطن.. بكل الإخوة الذى صنعتهم أنت.. بمن فيهم الإخوة العرب.. لأنك تعلم.. والتاريخ يعلم حتى الشمس والقمر يعلمان.. أنهما إذا غابا عن مصر.. وأغرق بترول الخليج الصحراء فلن تنبت شجرة واحدة.. يستظل بها طفل عربى.. لأن الكبيرة.. غابت. أرجوك أيها القانون.. فهّمنا عملياً.. وبعِقاب.. أن أقباط مصر.. هم مصريون.. بطعم وحلاوة ورائحة.. صدر أمى. أفْهِم العالم أيها الدستور.. أن الدين ليس جنسية.. خاصة أنك أيها الدستور «لهم دينهم ولى دين».. وأن وطنى هو وطنى سواء فى جيبنا الصغير مصحف.. أو مدقوق صليب أخضر على شريان مصرى. أرجوك حين تصل إلى أشباه الحيوانات الذين ظنوا أنها فتوحات إسلامية فى الكنيسة المصرية.. أن تشنقهم وعلى الهواء مباشرة.. ولن نقبل بكلمة إعدام دون أن نرى.. أو حقوق إنسان.. لا.. حقوق الوطن أهم.. وحق الدم أولى.. وحق الدمع واليتم والخوف أولى. ربما.. إذا فعلت هذا ورأيناه.. ينزاح بعض الهم. ربما ينشف بلل الدماء على أرصفة مصر. ولكن.. بالتأكيد سيكون الطريق عاشت.. وعظمت.. مصر X مصر