فى فجر الخميس، كنت على الطائرة من القاهرة إلى دبى، وكانت الصحف بكل أطيافها موجودة، ومتاحة، وكان الخبر الأهم فيها، فى تقديرى، يدور حول هجوم الدكتور زكريا عزمى، عضو مجلس الشعب، على عدد من الوزراء، ابتداء من الصحة، ومروراً بالبيئة، وانتهاءً بالسياحة والتربية والتعليم! وربما كان قارئ هذه السطور يذكر، أنى كنت قد كتبت فى هذا المكان، عقب انتخابات برلمان 2010، أن البرلمان الجديد إذا كان قد جاء منزوع المعارضة، فإن البديل الوحيد، لوضع مقلوب من هذا النوع، هو أن نظل نراهن على أن تنبت معارضة من داخل الحزب الوطنى، وأن يكون الحزب الحاكم، شأنه شأن شتى أحزاب العالم المتطور، منطوياً فى أعماقه، على آراء متنوعة، وأن يكون فيه اليسار، وفيه اليمين، ثم الوسط، وأن تعوِّض المعارضة، من داخله، هذا الغياب المحزن للمعارضة الرئيسية عن مجلس 2010. وقتها، أى وقت أن كتبت هذا المعنى، ثم راهنت مع غيرى عليه، كان هناك آخرون متشائمون للغاية، وكان الدكتور مصطفى السعيد، وزير الاقتصاد الأسبق، فى مقدمتهم، وكان يرى من خلال رسالة بعث بها، ونشرتها فى هذا المكان فى حينها، أنه كان يتمنى لو يتفاءل مثلى، وأن يراهن على معارضة من داخل الحزب الحاكم، ولكنه، لأسباب سردها فى وقتها، لم يكن يعلق آمالاً عريضة، على بديل للمعارضة من هذا النوع! وقد يكون هذا الهجوم الكاسح، الذى تزعمه الدكتور عزمى، فى بدء انعقاد المجلس الجديد، على 4 وزراء، نوعاً من إحياء الأمل فى رهاننا القديم، وقد تكون مواجهة الدكتور عزمى، مع الوزراء الأربعة، سبباً فى أن يراجع الدكتور السعيد، قناعاته المستقرة، وأن يتفاءل مثلنا، لعل الأيام تخيب ظنه بالحزب الوطنى، وتثبت أن فى داخله رجالاً يمكن أن ينهضوا بمهمة المعارضة، تحت قبة المجلس، لأننا فى حقيقة الأمر، لا يمكن أن نتصور برلماناً فى مصر، التى شهدت أول برلمان فى العالم العربى، عام 1866.. لا يمكن أن نتخيل برلمانها، فى عام 2010، بلا معارضة، وكأننا، مع شديد الأسى، نتراجع، ونتقهقر، ولا نخطو إلى الأمام! طبعاً.. هجوم د. زكريا على وزير التربية والتعليم، بالذات، سوف أعود إليه، لأن د. سرور، رئيس المجلس، قد انضم هو الآخر، إلى الدكتور زكريا، فى مواجهة الوزير، بما يعنى أن هناك خطأ وقع فيه د. أحمد زكى بدر، حين اتخذ قراراً ضد عدد من المدارس الخاصة بالإسكندرية، لايزال يثير تداعيات موجعة فى الشارع هناك، إلى اليوم.. ولكن ما يهمنا، هنا، ألا يكون الدكتور زكريا واقفاً بمفرده، للقيام بمعارضة مسؤولة على هذا المستوى، وأن يسانده آخرون، من داخل الحزب الوطنى، يكون لديهم الإحساس الكافى بالمسؤولية، تجاه بلدهم، وأمام ضمائرهم، ثم أمام الله تعالى. نريد تياراً يقوده زكريا عزمى، ليشعر المسؤولون، وزراء وغير وزراء، أن فى البرلمان مساءلة حقيقية، وليست شكلية!