شعبة السيارات تحذر: نقل المعارض خارج الكتل السكنية يهدد الصناعة ويرفع الأسعار    أخبار كفر الشيخ اليوم.. ضبط 10 آلاف لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء    مراكز البيانات تلتهم الكهرباء| ابتكارات جديدة تطفئ نار الأزمة    زعيمة اليابان الجديدة تواجه رد فعل صيني غاضب بسبب تصريحاتها حول تايوان    محمد يوسف: البطولة الدولية للناشئين أولى سلسلة بطولات يخطط الأهلي لإطلاقها مستقبلا    المعمل الجنائي يفحص حريق شقة بأوسيم    مايان السيد تكشف مفاجأة: فيلم "ولنا في الخيال حب" أعاد والديّ لبعضهما بعد انفصال    حبيب الجفرى مشيدا ببرنامج دولة التلاوة: يعكس مكانة مصر الرائدة فى عالم التلاوة    الصيادلة تكشف سبب أزمة نقص بنج الأسنان    روما يوقف قطار ميتييلاند المنطلق بالدوري الأوروبي    أول كلمة له خارج إيطاليا.. بابا الفاتيكان يحذّر من حرب عالمية ثالثة    رئيس الدراما بالمجلس الأعلى للإعلام: شائعة "قائمة الممنوعات" في الدراما للبحث عن الترند    مديرة مدرسة تتهم والدة طالب بالاعتداء عليها فى مدينة 6 أكتوبر    وزارة الصحة توجه تحذير من حقننة البرد السحرية    دنيا الطفل / سهرة الأسبوع ..... حفل موسيقى على المسرح الصغير وكورال الأطفال بالإسكندرية    هالة الصفتي.. حسناء سيف الدين تُشوق الجمهور لمسلسل 2 قهوة    جامعة أسيوط تعزز الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب عبر اجتماع وحدة الأبحاث    الأهلي يشكر مسئولي الجيش الملكي    رئيس الوزراء اللبناني: المرحلة الأولى من حصر سلاح حزب الله يفترض أن تنتهي مع نهاية العام الجاري    اتحاد اليد يقرر تعيين محمد جمال هليل قائمًا بأعمال أمين الصندوق    «رجال يد الأهلي» يفوز على البنك الأهلي في دوري المحترفين    يوسف إبراهيم بطل وادى دجلة يتأهل إلى نصف نهائي بطولة هونج كونج للإسكواش    قومي حقوق الإنسان يستقبل الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لبحث آفاق التعاون المستقبلي    بعد ترشيح معزوفة اليوم السابع لجائزة الشيخ زايد.. جلال برجس ل الشروق: سعيد بالتواجد وسط كتاب مبدعين    هل الصلاة في مساجد تضم أضرحة جائزة أم لا؟ أمين الفتوى يجيب    هل مصافحة المرأة الأجنبية حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الخشوع جوهر الصلاة وروحها ويُحذر من هذه الأمور(فيديو)    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    منتخب مصر بطل دورة سوريا    هيئة الرعاية الصحية تمنح رئيس قطاع إقليم الصعيد جائزة التميز الإدارى    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    بالأسماء.. إصابة 7 طلاب فى حادث تصادم سيارتين بأسوان    وزير قطاع الأعمال: مصر شريك أساسي في بناء صناعة دوائية متكاملة    مريم نعوم تعلّق على توجيهات منسوبة للجنة الدراما بشأن مسلسلات رمضان: لو الخبر صحيح سأعلن إضرابي عن العمل    توزيع آلاف الطرود الغذائية والمساعدات الشتوية من مصر لقطاع غزة    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    بعثة منتخب سيدات اليد تغادر إلى هولندا لخوض لبطولة العالم    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 4 عناصر جنائية لغسل 170 مليون جنيه من تجارة المخدرات    التحقيق مع 5 عناصر جنائية حاولوا غسل 50 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    إطلاق مركبة سويوز الروسية وعلى متنها 3 رواد إلى محطة الفضاء الدولية    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    غلق 32 منشأة طبية خاصة وإنذار 28 أخرى خلال حملات مكثفة بالبحيرة    ارتفاع حصيلة الفيضانات وانزلاقات التربة في إندونيسيا إلى 19 قتيلا    سلطات هونج كونج: ارتفاع عدد قتلى حريق اندلع بمجمع سكني إلى 55    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصمت الإسرائيلى الآن.. والكلام عن الشهيد مروان
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 12 - 2010

بما أننا نتناول عملاً إسرائيلياً عدائياً وهو تجنيد المتهم بالجاسوسية طارق عبدالرازق عيسى فى الصين عام 2007، للتجسس على مصر ودول عربية أخرى، مثل لبنان وسوريا فإن علينا أن نتوقف عند الدلالات الكبرى لهذا العمل العدائى. الدلالة الأولى أن إسرائيل وأجهزتها الأمنية لا تفرق فى أنشطتها العدائية بين دول عربية وقعت معها معاهدات سلام ودول عربية لم توقع، ذلك أن مفهوم الأمن القومى الإسرائيلى الذى تأسست عليه الدولة عام 1948 لم يتعرض لأى تغييرات جوهرية حتى الآن فى نظرته إلى المحيط العربى حول الدولة، هذا المحيط كان وسيبقى من وجهة النظر الإسرائيلية محيطاً معادياً، وبالتالى يجب العمل طوال الوقت على فتح الثغرات فى جدرانه الحصينة واختراقه بمزيج من عمليات التجسس والاستنزاف على جميع الأصعدة،
ليس غريباً إذن فى إطار هذا المفهوم الإسرائيلى أن تتكرر محاولات تجنيد شبكات التجسس فى الدول العربية أو أن نشهد عمليات زرع الفتن وتعميق التناقضات الداخلية فى المجتمعات أو أن نقرأ مخططات صريحة حول ضرورة تمزيق الدولة العربية إلى عدة دويلات وأن نرى آثار هذه المخططات بالفعل فى العراق باستخدام القوة العسكرية الأعظم فى العالم أو فى جنوب وشرق السودان أو فى إشعال الفتن الطائفية وتغذية لهبها فى لبنان وغيرها، وبما أننى نذرت عملى العلمى وجهدى الرئيسى لمتابعة هذه المخططات المعادية المقبلة من خلف حدود مصر الشرقية، فإننى أعبر عن حالة عميقة من الرضا لملاحظة موجة عارمة من اليقظة والنشاط من الصحف وشبكات التليفزيون العربية، لتنبيه شباب العرب فى كل مكان إلى مخاطر هذه النشاطات الإسرائيلية العدائية بل وتوجيه النصح لهم فيما يتعلق باحتمالات تعرض اتصالاتهم على شبكة الإنترنت والفيس بوك وغيره من منافذ إلى الاختراق الإسرائيلى،
لقد أسعدنى على نحو خاص ذلك الحضور القوى للقيادات الشابة فى كتيبة الدراسات العبرية المصرية التى نعد الأمة بأن تظل أجيالها التالية والتى مازالت فى طور الإعداد بمدرجات الجامعة اليوم على نفس درجة الوعى القومى والمعرفة العلمية العميقة والالتزام الوطنى والمبادرة إلى الفعل المطلوب، أما الدلالة الكبرى الثانية التى أود التوقف عندها، فقد تداعت إلى ذهنى خلال حوارى مع مذيع قناة الجزيرة الأستاذ غسان بن جدو فى أثناء مشاركتى فى حلقة برنامجه الحوارى المذاعة من بيروت مساء يوم السبت الماضى حول قضايا التجسس الإسرائيلية.
لقد رأيت أن أضع فكرة هذه الدلالة عنواناً لهذا المقال، لأهميتها القصوى فى تنوير الرأى العام المصرى بأحد أساليب الحرب النفسية التى تمارسها الأجهزة الإسرائيلية ضدنا منذ الثمانينيات، أى بعد معاهدة السلام، ذلك أننا أمام حالتين أو سياستين إسرائيليتين متناقضتين، الأولى هى سياسة الصمت التام حيال قضايا التجسس التى تكشفها المخابرات المصرية وتعلن عنها السلطات القضائية، والثانية هى سياسة الإفراط فى الكلام حول الادعاء الإسرائيلى الكاذب بأن الشهيد أشرف مروان قد أبلغ رئيس الموساد تسيفى زامير فجر يوم السادس من أكتوبر بأن قرار الحرب قد اتخذ فى مصر وسوريا وأن الهجوم سيبدأ فى نفس اليوم الساعة السادسة مساء.
ترى لماذا يصمت المتحدثون الإسرائيليون بجميع أنواعهم من عسكريين ورجال أمن ومتحدثين إعلاميين وسياسيين فلا يصدر عنهم أى تعليق يؤكد أو ينفى صحة المعلومات التى تعلنها سلطات التحقيق المصرية فى قضايا شبكات التجسس التى بلغت حوالى 15 قضية حتى الآن منذ معاهدة السلام؟! الصمت هنا هو أداة عمل مخابراتى شائعة فلا يجب أن يتطوع جهاز مخابرات مثل الإسرائيلى بتقديم أى عون أو إشارة تساعد جهات التحقيق المصرية على الوصول إلى حالة اليقين المبنية على اعتراف الجهاز المعادى حول ثبوت الاتهام للمتهم، ولذا يتم إصدار تعليمات للصحف الإسرائيلية بالاكتفاء بنقل الأخبار التى تذيعها السلطات المصرية عبر الصحف ووسائل الإعلام مع الامتناع الكامل عن أى تعليق.
هذه القاعدة الذهبية فى عمل أجهزة المخابرات، وهى سياسة الصمت هى فى حد ذاتها التى تكشف دوافع حالة الأفراط الكلامى على جميع المستويات السياسية والأمنية والصحفية والقضائية حول الادعاء الذى ينسبونه باطراد لأشرف مروان منذ بداية الثمانينيات. إن الدوافع هنا مفضوحة ومكشوفة فالهدف هو تطبيق خطة انتقامية إسرائيلية بعيدة المدى من حرب أكتوبر المجيدة ومن القيادة المصرية التى طبقت خطة الخداع الاستراتيجى التى أوقعت الزعامة والمخابرات الإسرائيلية فى نوم عميق وغفلة كاملة إلى أن انطلقت الطائرات والمدافع المصرية والسورية فى تمام الساعة الثانية مساء.
لقد سبق أن قدمت دراسة كاملة هنا فى «المصرى اليوم» حول هذه الخطة الانتقامية الإسرائيلية فى عدد الأربعاء الموافق 20/10/2010 بالصفحة 13 بمناسبة الكشف عن مجموعة محاضر القيادة الإسرائيلية أثناء الأيام الأولى لحرب أكتوبر 1973. ولقد بينت من خلال تحليل محتوى المحضر الأول الذى قيل إنه عقد فى الساعة الثامنة وخمس دقائق من صباح السادس من أكتوبر، لمناقشة الخبر الذى أبلغه مروان لرئيس الموساد تسيفى زامير قبل ذلك بساعات حول نشوب الحرب فى نفس اليوم، أن هذا المحضر ليس أصلياً بل هو محضر ملفق تم تأليفه بمعرفة لجنة مشتركة من المخابرات العسكرية والموساد معاً.
إن الهدف من تأليف المحضر وتلفيق الأقوال على ألسنة قيادات إسرائيل فى ذلك الوقت هو محاولة إيهامنا بأن الخبر حول قرار الحرب وتاريخها قد وصل إلى إسرائيل صباح السادس من أكتوبر وأن خطة الخداع الاستراتيجى قد فشلت، بدليل أن القيادة ناقشت فى المحضر الملفق والمزيف عدة قضايا مبنية على الخبر.
الأولى: إجلاء العائلات والمدنيين الإسرائيليين من سيناء والجولان.
الثانية: مطلب رئيس الأركان، الجنرال دافيد اليعازر بالسماح له بتوجيه ضربة جوية إجهاضية للطيران وبطاريات الصواريخ المضادة للطائرات على الجبهة السورية قبل الظهر.
الثالثة: مطلب رئيس الأركان بجمع الاحتياط بكامله بما فى ذلك الفرق المدرعة بمجموع مائتى ألف جندى على الفور.
الرابعة: مطلب رئيسة الوزراء، جولدا مائير، باستخدام الخبر لردع السادات عن بدء الهجوم، وذلك باستدعاء شبكة الإذاعة البريطانية «بى.بى.سى» وشبكات التليفزيون الأمريكية قبل الظهر وإخبارهم أن إسرائيل قد أصبحت على علم مؤكد بقرار الحرب وأنها أصبحت مستعدة له وأنها تحذر السادات من بدء الهجوم.
لقد بينت فى الدراسة المذكورة أسباب اعتقادى بأن المحضر المذكور مزيف وأنه جزء من خطة الانتقام، يأتى بعد سبع وثلاثين سنة من انتصار أكتوبر، ويكفى هنا أن أقول إن القارئ بذكائه سيكتشف التزييف عندما يدرك أن أى أجراء من الإجراءات التى قيل إن القادة الإسرائيليين ناقشوها فى المحضر لم ينفذ منها شىء. ترى لماذا لم ينفذ أى إجراء؟ الإجابة ببساطة: لأنهم كانوا جميعاً نائمين فى تمام الثامنة وخمس دقائق مع أحلام التوسع التى تتغذى على مشاعر يوم الغفران. علّنا نتأكد الآن لماذا يخالفون قاعدة الصمت المخابراتى فقط فى حالة الشهيد أشرف مروان، الذى اغتالوه كجزء من الانتقام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.