بعد أيام من عودة الهدوء إلى الشارع السكندرى بانتهاء المعركة الانتخابية، على الرغم من «السخونة» التى تميزت بها هذه الدورة، ما زالت مظاهر الانتخابات تملأ شوارع وميادين الثغر، فالأشجار وأعمدة الإنارة والشرفات لا تزال شاهدة على «حرب اللافتات» التى اندلعت وزادت حدتها كلما اقترب موعد فتح باب الاقتراع. أنفق المرشحون مئات الآلاف من الجنيهات على الحملات الدعائية، بمختلف صورها وأشكالها، وتجاوز بعضهم مبلغ ال200 ألف جنيه الذى وضعته اللجنة العليا للانتخابات حداً أقصى للإنفاق على وسائل الدعاية، التى أكد الكثيرون أن مثواها الأخير يكون فى سلة المهملات. حسام على، أحد الذين يسارعون إلى جمع اللافتات، يقول: «أنا صاحب مصنع لتصنيع لعب الأطفال، من العرائس والدباديب، أتوجه إلى المرشحين ممن يجمعون لافتاتهم ووسائل دعايتهم، وأطلبها منهم لاستخدامها فى حشو العرائس ولعب الأطفال». هناك مرشحون يطلبون أن أدفع لهم مبالغ زهيدة مقابل حصولى على أطنان من الأقمشة، وهناك مرشح آخر لا يطلب مقابلا، فآخذها منه مجانا لأنه فى النهاية يريد أن يتخلص منها. أما سعاد عبدالحميد، ربة منزل، فترى أن هذه اللافتات عملة نادرة، ينتظرونها فى كل موسم انتخابى، حيث تستخدمها فى تسقيف البيوت فى المناطق البسيطة، فتقول: «أسكن فى حوض عشرة، حيث نجمع لافتات الدعاية المصنوعة من قماش البافتة، ونغسله جيدا، لإزالة الألوان والكتابات منه، ثم نقوم بتسقيف البيوت به مع الخشب والطوب، حيث يمنع سخونة الألواح التى يتم التسقيف بها، خاصة عند اشتداد حرارة الشمس فى فصل الصيف». وقال اللواء محمد عيد يوسف، رئيس حى الجمرك، إن كل مرشح من المرشحين يسدد مبلغ تأمين قدره ألف جنيه، كلٌ حسب الحى التابع له، على أن يزيل المرشح الدعاية الخاصة به بانتهاء العملية الانتخابية، مشيراً إلى أن الحى يحرر محاضر ضد المتخلفين عن إزالة دعايتهم الانتخابية، ويتولى الحى ذلك، على أن تخصم تكلفتها من مبلغ التأمين، الذى يُرد للمرشح حال التزامه بإزالة دعايته. وحول مصير اللافتات التى يتولى الحى إزالتها بالنيابة عن المرشحين المتخلفين، أكد عيد أن معظم الأقمشة المستخدمة فى صناعة اللافتات تُستهلك وتصبح غير صالحة للاستخدام بانتهاء العملية الانتخابية، خاصة أن الخطاطين يتعمدون ثقبها حتى تستطيع مواجهة الرياح دون أن تتمزق، بالإضافة إلى احتوائها على الكثير من الألوان والبويات. وأكد أن الحى سيقوم هذا العام بتسليم ما يجمعه من أقمشة للجمعيات الأهلية أو أى جهة تريد الحصول عليها للاستفادة منها، حتى لا يكون مصيرها «الفرم» والإلقاء فى سلة المهملات. وفى المقابل نفى عاطف محمد، نائب رئيس حى وسط، أن يكون الحى قد تلقّى أى أموال من المرشحين مقابل التخلص من لافتاتهم وملصقاتهم الانتخابية وجمعها بالنيابة عنهم، مؤكدا أن الحى لا يقوم بتحصيل أى أموال من المرشحين لأن ذلك ليس من مسؤولياته. وأضاف: «بمجرد انتهاء العملية الانتخابية، يحدد الحى مهلة للمرشحين لجمع دعاياتهم، ورفع لافتاتهم وملصقاتهم، فإذا تأخر أى منهم فى جمع اللافتات، يقوم الحى بدوره برفعها، حتى يعود الشارع إلى مظهره الطبيعى، مثلما كان عليه من قبل»، مؤكداً أن الحى اعتاد رفع الدعاية فى جميع دورات الانتخابات السابقة، دون أن يتقاضى أى مبلغ من المرشحين. أما عن مصير اللافتات بعد جمعها فقال: «إما أن يتم إعطاؤها إلى المرشح مرة أخرى إذا احتاجها، أو تسلم لجهات تستفيد منها، بعد فصل القماش عن الخشب، مثل الورش والمصانع التى تستعمل هذه المخلفات فى تصنيع منتجات أخرى أو تعيد تدويرها». من جانبه قال أمين بدر، مدير مكتب الدكتور مفيد شهاب، إن المرشح فى كثير من الأحيان لا يتولى عملية تعليق اللافتات الانتخابية، وتكون عبارة عن «مجاملات» من مؤيديه، وفى هذه الحالة يكون غير ملزم بإزالتها، مشيراً إلى أن هذا ما حدث مع الدكتور مفيد شهاب فى دائرة محرم بك، التى امتلأت بالدعاية المؤيدة له، مؤكداً أن 95% منها قام بها الأهالى والمؤيدون، ولا يعرف مصيرها بعد انتهاء الانتخابات.