«الشارع»، «الأرصفة»، «الجرى بين المحاكم»، «الوقوف أمام مكاتب المسؤولين»، أصبحت هى المأوى الرئيسى للمئات من طلاب برامج التعليم المفتوح، الذين تسببت الأخطاء الإدارية داخل الجامعة فى «تشريدهم»- على حد وصفهم- رغم اعتقاد البعض أن قرار إلحاقها ووضعها من بين الرغبات الموجودة داخل كراسة شروط الالتحاق بالكليات والمعاهد عن طريق مكاتب التنسيق، بأنه يعد خطوة جديدة على طريق التعليم الحر وانفتاح آفاق العلم على مصراعيه، على طريقة «تعلم ما شئت.. وكما شئت». التحق المئات من الطلاب بالبرنامج، كل حسب رغبته، إلا أنهم وبعد تسجيلهم بكلياتهم وحصول بعضهم على كارنيهات الكلية وحضور المحاضرات، وخاض البعض الامتحان، فوجئوا بأن وجودهم غير منطقى أو قانونى وأبلغتهم الإدارات بانتهاء علاقتهم بالكلية ولكل طالب الحق فى استرداد ما دفعه، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء، لتمتلئ ساحاته بالقضايا والمشاكل التى اختصم فيها الطلاب الجامعة. فتحت «إسكندرية اليوم» الملف بعد توسلات ودموع الطلاب وأولياء أمورهم لإنقاذ مستقبل أبنائهم، البداية كانت مع طلاب كلية الفنون الجميلة، بوحدة التعليم المفتوح، بعدما فوجئ ما يقرب من 230 طالباً وطالبة، مقيدين فى «التيرم» الأول، ببرنامجى «العمارة» و«الديكور»، بحجب نتيجة التيرم، وإلغاء البرنامجين مع تخييرهم بأن يتسلموا الرسوم الدراسية التى دفعوها عن التيرم الماضى أو التحويل إلى قسم «الجرافيك»، على اعتبار أنه القسم الوحيد المعتمد داخل الكلية بنظام التعليم المفتوح، وفقاً لخطاب صادر من المجلس الأعلى للجامعات. قالت نادية «موظفة»، والدة الطالب وحيد، أحد المتضررين: أقمنا ما يزيد على 150 دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى، للطعن على قرار إلغاء القسمين، ضد الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى، والدكتورة هند حنفى، رئيس جامعة الإسكندرية، وعميد كلية الفنون الجميلة، واستندنا إلى أن القرار شابته إساءة استعمال السلطة والانحراف بها، واستهدف غير المصلحة العامة وتعارض مع مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، ولخصنا مطالبنا فى وقف تنفيذ القرار بصفة مستعجلة. و«تابعت»: قضت المحكمة بقبول الدعوى وبصفة مستعجلة وبوقف تنفيذ القرار المطعون عليه بشأن إلغاء القسمين وعودة الطلاب إلى دراستهم فيما رفضت الكلية تنفيذ الحكم. وقالت «سامية»، والدة أحد الطلاب المتضررين: لا أعرف السبب وراء رفض تنفيذ أحكام القضاء، رغم صدورها لصالحنا وماذا يتبقى لنذهب بعد أن حاولنا مقابلة المسؤولين فى الجامعة، وفوجئنا بأنهم يردون علينا قائلين (مازال هناك استشكال على الحكم)، فيما فشلت محاولة مقابلة رئيس الجامعة– على حد قولها- وأن الجميع بدأ يتنصل من تنفيذ الحكم. وانتقدت تصريحات وزير التعليم العالى، التى وصفتها ب«المتناقضة»، بعد تصريحاته بتنفيذ الأحكام ثم عاد ليرفض تنفيذها، وأنها سمعته يقول «إن رجوع الطلاب للكلية مستحيل»، على حد قولها، وأنها لا تدرى سبب رفض الجامعة تنفيذ الأحكام. وقال والد الطالبة «نورهان»: مستقبل أبنائنا فى خطر ومش عارفين هنعمل إيه، وكنا نأمل فى أن تلتزم الجامعة بتنفيذ أحكام القضاء، وأنه على استعداد لطرق جميع الأبواب حتى تعود ابنته وزملاؤها إلى كلياتهم. وقالت والدة «م.أ» إحدى الطالبات المتضررات، رفضت نشر اسمها، إن ابنتها كانت مقيدة بكلية الهندسة قسم العمارة، جامعة القاهرة، السنة الماضية، وفور الإعلان عن افتتاح القسم فضلت العودة للإسكندرية- وتقدمت للدراسة بقسم العمارة لكنها فوجئت بإلغاء القسمين ورفض الجامعة تنفيذ الأحكام وطلبت بأن تعود ابنتها إلى كلية الهندسة التى تركتها طالما لم تنفذ الأحكام، وقالت: ماذا سننتظر.. هل سنظل هكذا حتى يضيع مستقبل أولادنا. ومن كلية الفنون الجميلة، إلى المتضررين من البرنامج فى كليات الحقوق فرع دمنهور والفنون الجميلة والتجارة، وكشف الطلاب عن خطأ إدارى جديد تسبب فى إحداث أزمة جديدة داخل الجامعة، وكشف الطلاب عن وجود خطأ إدارى بداخلها يدفع توابعه الطلاب الذين التحقوا بوحداته، ثم تم إبلاغهم بأنهم غير مقيدين لمخالفة النظام، رغم أنهم قاموا بدفع المصروفات وحضروا المحاضرات لمدة 3 أسابيع. قال الطلاب: «أبلغنا موظف الشؤون الإدارية بعدم قيدنا فى الكلية وطلب منا استرداد مصروفاتنا بدعوى عدم مطابقة الشروط وأن الالتحاق بالتعليم المفتوح يشترط مرور 5 سنوات، للحصول على الشهادة الثانوية، من خريجى السنة الداراسية 2008/2009 فيما قبل، وأن شرط مرور سنة واحدة على التحاق الطلاب من خريجى الثانوية العامة لهذا العام لا ينطبق عليهم، وفق قولهم. وقال محمد بسيونى، أحد الطلاب المتضررين، «حصلت على شهادة الثانوية الأزهرية السنة قبل الماضية والتحقت بكلية التجارة جامعة الأزهر بالقاهرة، وقررت الالتحاق بكلية الحقوق بنظام التعليم المفتوح، وكان شرط القبول أن يكون الطلاب من خريجى العام الدراسى 2010، وأن قبول خريجى السنة الماضية عليهم أن يلتحقوا بفرع الجامعة بدمنهور، وبالفعل تقدمت بأوراقى وتم قبولى وسددت 1350 جنيهاً مصاريف دراسية». أضاف: حضرت ما يقرب من «5» محاضرات حتى فوجئنا بأحد الإداريين فى شؤون الجامعة، يقوم بالنداء على مجموعة من الطلاب وأبلغنا بأننا أصبحنا غير مقيدين فى الكلية، بسبب قرار الوزير وعدم انطباق المواصفات علينا، ومنحونا فرصة لحل مشكلاتنا وعرضوا علينا الحصول على المصاريف التى قمنا بسدادها فتسلمها بعضهم، فيما رفض البعض الآخر وهددوا بخصم 20% من المصاريف إذا دخلت خزينة الوزارة، وأوضح: أصبحت فى الشارع وضاعت سنتان من عمرى، متسائلاً عن المخطئ فى ضياع مستقبله ومستقبل زملائه. وقال أحمد طارق النميس، طالب بكلية الفنون الجميلة بنظام «التعليم المفتوح»: أعلنت الكلية عن بدء التقدم للتعليم المفتوح 2010/2011، وفق الشرط المعلن عنها بعد اجتياز امتحان القدرات والالتحاق بالبرنامج التأهيلى المعد لذلك، ونجحت بالفعل فى الامتحان وقدمت الأوراق المطلوبة ومنها سحبت الملف الخاص بى بالكلية التى كنت ملتحقاً بها «تجارة جامعة بيروت»، واشتريت الأدوات الخاصة بالدراسة بتكاليف عالية، وحضرت جميع المحاضرات التى بدأت منذ شهر أغسطس، ثم فوجئت بشطبنا بدعوى عدم مرور «5» سنوات على تخرجى وأن الكلية تقبل خريجى 2006، وتساءل عن سبب قبوله إذا كانت الشروط لا تنطبق عليه. وشكا 92 طالباً بكلية التربية، ممن لم يمر على تخرجهم 5 سنوات، من عدم قبولهم، بعد أن تلقت الإدارة بجامعة الإسكندرية، خطاباً من المجلس الأعلى للجامعات يقضى بوقف قبولهم. وقالت الطالبة «شيماء محمود»: «تركت كلية الحقوق، التى التحقت بها السنة الماضية وفضلت الالتحاق بكلية التربية وسحبت أوراقى وقدمتها إلى الكلية وحصلت على الكتب، وبعد فترة من حضور المحاضرات، فوجئنا باستبعادنا من الكلية ومنعنا من دخول المحاضرات، بدعوى أننا مخالفون لشروط ال5 سنوات»، وتساءلت هل نحن أخطأنا ولو أخطأنا فلماذا قبلتنا الكلية، وطالبت بمعاقبة المسؤول عن ضياع مستقبل الطلاب-على حد وصفها. من جانبه، قال الدكتور محمد إسماعيل عبدالمقصود، عميد كلية التربية: إن إدارة الكلية لا تملك إصدار قرار استبعاد طلاب من الكلية، ولم تقم باستبعاد الطلاب وتم عرض الأمر على رئيس الجامعة ووعدنا بحل المشكلة. وأضاف «عبدالمقصود»: نحن جهة تنفيذية ولسنا أصحاب قرار، بشأن القرار الذى اتخذه المجلس الأعلى للجامعات، بوقف قبول 92 طالباً من طلاب برامج التعليم المفتوح»، موضحاً أن إدارة الجامعة برئاسة الدكتورة هند حنفى، طلبت حصر الأسماء، لبحث مشكلتهم والعمل على حلها للحفاظ على مستقبلهم. وقال إن سبب عدم قبول الطلاب، أنهم من خريجى الثانوية العامة 2009، فيما ينص قرار وزير التعليم العالى على قبول خريجى دفعة 2010، وبخلاف ذلك يتم تطبيق القرار القديم بشأن مرور 5 سنوات من الحصول على الثانوية العامة لقبولهم فى الكلية بنظام التعليم المفتوح، وأكد أن الطلاب الجدد حضروا لقاءات قليلة بحكم أن طبيعة الدراسة لا تقضى بحضور محاضرات وأن الطلاب سيحصلون على المصاريف التى سددوها بالكامل، مع بحث كيفية حل أزمتهم مع إدارة الجامعة. واعترف متولى أمين، أمين عام الجامعة، بوجود خطأ إدارى فى تسجيل الطلاب وطرق تحويلاتهم، وأنه تم رفع الموضوع إلى المجلس الاعلى للجامعات، مرجحاً احتمالية مناقشته خلال الجلسة المقبلة، ونفى أن تتخلى الجامعة عن الطلاب مع الوضع فى الاعتبار إيجاد الحلول المناسبة الحفاظ على مستقبلهم. ورفض الدكتور هشام سعودى، عميد كلية الفنون الجميلة، رئيس التعليم المفتوح فى الإسكندرية، التعليق على الموضوع، واكتفى بالقول إن الأمر أصبح داخل ساحات القضاء وعلينا الانتظار لحين صدور الأحكام النهائية. وأكد الدكتور سعيد عبدالعزيز، عميد كلية التجارة، عدم وجود أى حالات داخل كلية التجارة، وأنه قام بإبلاغ الشؤون الإدارية والطلابية، بالتدقيق فى تنفيذ ما ورد فى شروط القبول، لافتاً إلى أن القرار واضح وشرط أساسى للالتحاق بالتعليم المفتوح، أن يتم مرور 5 سنوات قبل الالتحاق به، فيما يستثنى منه خريجو السنة الدراسية الماضية، وأوضح: إذا تمت مخالفة القرار يعتبر مخالفة إدارية، ولابد من محاسبة الموظف عليها. من جانبها، قالت الدكتورة هند حنفى، رئيس الجامعة، ل«إسكندرية اليوم»: «سنقوم بدراسة الموضوع وعرضه على المجلس الأعلى للجامعات بعد الاطلاع على جميع جوانبه، لافتة إلى أن مصلحة الطلاب أمام أعيننا وفى المقام الأول. وأضافت: إن سبب إلغاء وحدتى العمارة والديكور، يعود إلى أن القسمين لا تجوز فيهما الدراسة عن بعد وتحتاج إلى تفرغ كامل، وأن الالتحاق بهما عن طريق تحصيل المجموع الذى يسمح للطلاب بذلك، ونفت ما تردد عن إلغاء العمل بهما ليصب فى صالح التعليم الخاص، كما أشاع البعض، وتساءلت: كيف يتم اتهامنا بخدمة التعليم الخاص فى الوقت الذى أدخلنا فيه نظام التعليم المفتوح الذى يخدم مصلحة الطلاب فى الحصول على شهادة عليا، ويساعد على زيادة موارد الجامعات . وأضافت: إن ثمة خطأ ما فى الاجراءات حدث بشأن قبول الطلاب الجدد، دون استيفاء الشروط المطلوبة وأنه ستتم دراسة توفيق الأوضاع للطلاب من حملة الثانوية العامة . وأكد الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى، أن الدولة ملتزمة بتنفيذ كل أحكام القضاء وما يهمنا فى المقام الأول مهمة ومصلحة الطلاب وأبناء وبنات هذا الوطن، وأن الأمر تحت الدراسة، وأن هناك خطة نعمل بها، مشيراً إلى أن الأمر يحتاج دراسة، نافياً أن تتخلى الوزارة عن أبنائها. وأضاف: من غير المعقول أن أساهم فى تخريج طلاب يعملون مثلاً فى مجال الهندسة المعمارية بعد تخرجهم من خلال برنامج التعليم المفتوح وأن الأقسام العملية تحتاج إلى تفرغ وتركيز وصغر فى السن، فيما نفى الدكتور عادل الكردى، عميد كلية الهندسة، ما تردد عن وجود أزمة داخل الكلية، وأكد أن كلية الهندسة لم ولن تكون مكاناً لطلاب التعليم المفتوح لأنها ببساطة شديدة، تحتاج لدراسة خاصة، وأكد أن الكلية لا تصلح للبرنامج الذى تعتزم الدولة اعتماده. «الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى، أكد أن الدولة ملتزمة بتنفيذ كل أحكام القضاء وما يهمنا فى المقام الأول مهمة ومصلحة الطلاب وأبناء وبنات هذا الوطن، وأن الأمر تحت الدراسة، وأن هناك خطة نعمل بها»