كان من المؤسف أن ينبه الأمير الوليد بن طلال فى مؤتمره الصحفى بالقاهرة الصحافة المصرية إلى أن روبرت ميردوخ الذى أصبح شريكاً له فى «روتانا» ليس يهودياً، وإنما هو مسيحى، فالمشكلة ليست فى ديانة ميردوخ، ولست أعرف موقفه الشخصى من قضية الشعب الفلسطينى، ولكنى أعرف أن جيمس بلفور، صاحب الوعد الشهير عام 1917، كان مسيحياً صهيونياً، وأن الصهيونية لا تقتصر على اليهود. بل إن المشكلة ليست فى صهيونية ميردوخ إن كان صهيونياً، ومشاركة الأمير فى «روتانا» التى تملك نحو ثلث الأفلام المصرية الروائية الطويلة، وأن معنى هذا أن تلك الأفلام المصرية أصبحت بين أيد صهيونية، وبالتالى بين أيدى إسرائيل! وإنما المشكلة فى أن التليفزيون المصرى ترك الشبكات التليفزيونية السعودية المنافسة مثل «روتانا» و«إيه. آر. تى» تشترى الأفلام المصرية أو بالأحرى تنقل ملكيتها إليها، وليس فقط بيع الحقوق. والمشكلة ليست فى نقل ملكية ثلث الأفلام المصرية إلى «روتانا» والثلث الثانى إلى «إيه. آر. تى» وبقاء الثلث الثالث فقط مملوكاً لشركاته المصرية، فلا يمكن لوم الشركة المصرية التى باعت لأنها فى السوق. وقد ذكر الزميل أسامة صفار فى مجلة «آخر ساعة»، الأربعاء الماضى، أن شركة الصوت والضوء والسينما فى وزارة الاستثمار باعت حقوق أفلام الثقافة إلى «روتانا» بعقد ينتهى العام المقبل، أى أن الحكومة تبيع حسب السوق أيضاً لغير تليفزيون الحكومة، فلماذا تلوم الشركات الخاصة وحدها، وذلك بغض النظر عن الثمن البخس الذى دفعته وزارة الاستثمار لوزارة الثقافة مقابل شراء أفلامها. وفى نفس مقال الزميل صفار صرح على أبوشادى، الذى يعمل فى وزارة الثقافة، وفى شركة وزارة الاستثمار ب«أن كل ما يحدث هو مشاريع اقتصادية»، مؤكداً ما نقوله عن أن السينما مثل أى فن آخر هى فى «السوق». ولكنه قال أيضاً: «لماذا نخاف على الأفلام، لقد حفظوها أفضل منا»، وهو ما يتناقض مع القول بأن أصول الأفلام محفوظة فى شركة وزارة الاستثمار فى «أحسن حال، وحسب أعلى المعايير الدولية». المشكلة ليست فى حفظ الأصول، فعلى كل من يملك فيلماً أن يحافظ عليه، ولكن المشكلة فى أن مصر لا تملك أرشيفاً من نسخ كاملة للأفلام المصرية، سواء كانت ملكاً لشركات مصرية أم غير مصرية، وهذا هو دور وزارة الثقافة ودور مصر فى المحافظة على التراث السينمائى المصرى. [email protected]