"بلومبرغ": التباطؤ الكبير في نمو الأسعار في روسيا أول مؤشر على أن نجاح البنك المركزي الروسي    كتائب القسام تعلن قصف موقع قيادة لجيش الاحتلال على محور موراج بقذائف الهاون    صحة غزة: 58 ألفا و667 شهيدا حصيلة العدوان الإسرائيلي    قائمة بيراميدز في معسكر تركيا    عرض جديد من مانشستر يونايتد للتعاقد مع نجم برينتفورد    موسم زراعة البانيه.. عرض مسرحي يحذر من تآكل القيم    41 شهيدا فى غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    مطالبات بتنفيذ خطة لدمج المشروعات الصغيرة في سلاسل التوريد الصناعية    المؤتمر: وضعنا اللمسات الأخيرة للدعاية لانتخابات مجلس الشيوخ    ياسر عبد العزيز يكتب: الأهلى والزمالك والإسماعيلى نماذج واقعية لأزمات الكبار    ارتفاع عدد المصابين فى حادث أسيوط الغربى إلى 22 مصابا    ممثلة شهيرة تنجو من الموت على طريق دهشور    الجبهة الوطنية يعقد أولى دوراته التثقيفية لقيادات المحافظات ومرشحي الشيوخ    خاص| أشرف زكي ينفي خبر وفاة الفنانة زيزي مصطفى    "المهن التمثيلية" تنفي وفاة زيزي مصطفى والدة منة شلبي    الخبرة والشباب    حكم استخدام إنترنت العمل في أمور شخصية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم إظهار جزء من الشعر خارج الحجاب؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم التحايل على شركات الإنترنت للحصول على خدمة مجانية؟.. أمين الفتوى يجيب    «الصحة»: تكريم الدكتور خالد عبدالغفار بجائزة القيادة المرموقة من المجلس الأوروبي    أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع وسط تقارير نتائج أعمال الشركات    وزير المالية : ندرس العودة مرة أخرى إلى «الصكوك» بعدما نجحنا في الطرح الأول لبيت التمويل الكويتي    في حادث غرق 3 شقيقات بأسيوط .. الإنقاذ النهرى ينتشل جثمان الطفلة آية    سنوات صعبة!    وزارة الصحة تكشف نتائج التحاليل فى واقعة وفاة 5 أطفال أشقاء بمحافظة المنيا .. اعرف التفاصيل    خالد الجندي: تقديم العقل على النص الشرعي يؤدي للهلاك    مصراوي يكشف تفاصيل أزمة حامد حمدان في ودية بتروجيت    أثليتك: نيوكاسل يحاول ضم ويسا بعد انسحابه من سباق إيكيتيكي    وزيرة التنمية المحلية تبحث مع محافظة البحيرة مشروع تطوير المسارات والفراغات العامة بمدينة رشيد    حالة الطقس اليوم في السعودية.. الأجواء مشمسة جزئيًا في ساعات النهار    أوباميانج لاعب حر فى السوق.. القادسية يعلن رحيل الفهد الجابونى    محافظ سوهاج: يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والوضع العام بقرية " المدمر "    أشرف صبحي يلتقي بوزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية    تفعيل منظومة انتظار المركبات داخل مدن الأقصر وإسنا والقرنة    غالبًا ما تدمر سعادتها.. 3 أبراج تعاني من صراعات داخلية    القاهرة الإخبارية: ارتفاع حصيلة شهداء كنيسة العائلة المقدسة بغزة إلى 3    شيخ الأزهر يوافق على تحويل "فارس المتون" و"المترجم الناشئ" إلى مسابقات عالمية بهدف توسيع نطاق المشاركة    «التعليم» تعلن الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025-2026    ضبط 3 أشخاص لاتهامهم بغسل أموال ب90 مليون جنيه من تجارة المخدرات    انهيار أرضي في كوريا الجنوبية ومصرع 4 أشخاص وإجلاء ألف آخرين    إعلام إسرائيلى: اعتراض صاروخين أطلقا من شمال غزة باتجاه مناطق الغلاف    وسط إقبال كثيف من الخريجين.. 35 ألف فرصة عمل في الملتقى ال13 لتوظيف الشباب    جامعة أسيوط... صرح أكاديمي متكامل يضم 19 كلية في مختلف التخصصات و5 معاهد بحثية متميزة    كشف ملابسات فيديو جلوس أطفال على السيارة خلال سيرها بالتجمع - شاهد    بين التحديات الإنتاجية والقدرة على الإبداع.. المهرجان القومي للمسرح يناقش أساليب الإخراج وآليات الإنتاج غير الحكومي بمشاركة أساتذة مسرح ونقاد وفنانين    في 6 خطوات.. قدم تظلمك على فاتورة الكهرباء إلكترونيًا    مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى .. والاحتلال يعتقل 8 فلسطينيين فى الضفة    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماع مجلس الدراسات العليا "أون لاين"    "IPCC" الدولي يطلب دعم مصر فى التقرير القادم لتقييم الأهداف في مواجهة التحديات البيئية    هل الخوف فطرة أم قلة إيمان وعدم ويقين بالله؟.. محمود الهواري يجيب    ليفربول يقدم عرضا ضخما إلى آينتراخت لحسم صفقة إيكيتيتي    شوبير يكشف مفاجأة بشأن موعد عودة إمام عاشور لتدريبات الأهلي    إغلاق حركة الملاحة الجوية والنهرية بأسوان بسبب سوء أحوال الطقس    وفاة والدة النجمة هند صبري    فيلم الشاطر لأمير كرارة يحصد 2.7 مليون جنيه في أول أيامه بدور السينما    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمى خدمات الرعاية الصحية    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: بروتوكول تعاون مع الصحة لتفعيل مبادرة "الألف يوم الذهبية" للحد من الولادات القيصرية    مقتل امرأة وإصابة 3 إثر هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية في روسيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنازعنى إليك نفسى
نشر في المصري اليوم يوم 10 - 11 - 2010

لأول مرة تسألنى صديقة حميمة عن (إلى أى وطن أنتمى؟) ودون أن أدرى وبسرعة بديهة متعثرة أجبتها (وطنى فى كل قلب يحبنى وعين تحترمنى وعقل يقيّمنى) وما أن خَلَوتُ بنفسى حتى حملنى التفكير بسؤالها بين طيّات رياح ورعود تساؤلات تهزّ سكون خلوتى فأرانى حائرة أبحث فى قواميس التعريفات عن (ما هو الوطن؟) هل هو أرض ومادة؟ جغرافيا وموقع وحدود؟ هوية وانتساب؟ رحم متصلة بشريان حياة؟ هل يحتل وطن مكان وطن آخر على صفحة الانتماء والولاء؟ ثمّ ما حقيقة ما أحمله من عشق يسرى كما الدم فى العروق لعروبتى وأوّلها مصر، وما يحاول البعض تحجيمه بوسائل قياس شخصية ليست ذات مفعول ومصداقية. (ما هو الوطن؟)
اختلفت التعريفات عند الباحثين، كلّ حسب منهجه الفكرى، ولكن الأغلبية اشتركت فى تعريفه بالمكان الذى يعيش فيه الأفراد تربطهم لغة مشتركة وحضارة وتراث وتقاليد، سواء بين من ولدوا على أرضه أو من هاجروا إليه وانصهروا مع أبنائه فى بوتقة انتماء واحدة، متساوين فى الحقوق والواجبات، يتمتعون بالأمان والاحترام وحرية الكلمة والفكر، حتى أقيمت الدولة وصار الوطن يعنى الدولة ثمّ النظام، وأصبح يحمل بُعدا فكريا وأيديولوجيا بنيت على أساسه العلاقات والمفاهيم والمصطلحات الحديثة التى استنبتت فى جسد المنظومة العربية الواحدة لتفرقها بالحدود المصطنعة، ثمّ ليصبح الوطن هو النظام، والنظام هو الوطن، وقد ساهمت الألسن الملتوية والمباهاة بالأصول المستوردة والأحقاد والإعلام، وعن جدارة، فى تأكيد هذا المفهوم ليتحول الانتماء والمواطنة إلى (هويّة) وعلاقة قانونية تؤثر على استقرار المواطن لو اختلّ شرط من شروطها.
وهناك من عرّف الوطن بالعقيدة، وآخر بالذكريات والشخوص وكل ما هو ميت لا ينتقل مع الفرد، ليبقى للوطن تعريف خاص عند الأدباء والشعراء والفنانين ينطلق من تزاوج المادة بالروح.
فهو الشجرة الممتدة جذورها فى تربة الأمّة، غذاؤها ولاء وماؤها انتماء، وديمومتها جينات موشومة على أغصان وثمار، كتلك التى يمتصها الطفل من ثدى أمّ. الوطن خليّة من خلايا أمّة ذات تركيبة ونسيج واحد. الوطن أمان واستقرار وعدل فإن فقدته فى أحد أوطان الأمّة فربما تجده فى آخر، فى عيون وقلوب ومشاعر وتراحم ومروءة، وطبيعة مشتركة، نفس المناخ والتراب والماء والسماء والنسيم والعبق والسحنة والدم واللسان. بل حتى الأحداث والشخوص التى غيّبها الأجل والشتات وأصبحت فى خانة الذكريات، سيثقلها ما يستجد من روابط وصداقات وأحداث ومناسبات، وكما كان الماضى حاضرا يصبح الحاضر ماضياً وذكرى.
الوطن شغاف روح محفورة عليه أبجديات حياة من أول حرف، حتى آخره. الوطن قلوب نقيّة ومشاعر صادقة، ويد تربت على رأس غريب مهموم، وطموحات تتمازج فى كأس هدف واحد، إنسانية بلا حدود وحب بلا تلوّث لا يعرف شيفونية ولا عصبية ولا (أنا وأخى على ابن عمّى وأنا وابن عمّى، على الغريب وإن كان مظلوما).
الوطن كما قال سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه:، (الفقر فى الوطن غربة والغنى فى الغربة وطن) سواء الغنى بأصدقاء الخير وحب الناس أو غنى المادة. الوطن صديق صدوق وحبيب وفىّ. الوطن ليس بترابه أو نظامه، أو غناه وفقره بل بأهله (فالجنة دون ناس لا تنداس).
الوطن منطقة معبّدة بالرضا بين عقل حكيم وقلب سليم. وهو القبلة المشتركة التى يتوجه إليها الناس غدا من كلّ فجّ عميق تجمعهم تكبيرة وتلبية بلغة واحدة وصوت واحد. الوطن الفاضل أبناء لو اجتمعوا على الخير ونكران الذات والإيمان المطلق والالتزام بمكارم الأخلاق لأصبحنا خير هوية تحملها الإنسانية والأمّة.
هو ذا الوطن صديقتى الغالية.. وهى ذى عاشقة مصر المحلّقة بلا هويّة فى فضاءات عشق، وقلوب خيّرين، تخطّ بمداد الروح أصدق شعر ونثر. فليس للعشق والإبداع وطن.. ويبقى الأمان والعدل والسلام والحب هوالوطن.. و(وطنى وإن شغلتُ بالخُلد عنه نازعتنى إليه فى الخُلد نفسى).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.