تحت عنوان «مستقبل المخابرات المصرية» أكد الكاتب الأمريكى، ديفيد إجناتيوس، فى مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، الثلاثاء، أن العلاقات بين القاهرةوواشنطن مرت فى الشهور الأخيرة بأوقات عصيبة منذ «30 يونيو».ونقل «إجناتيوس» نائب رئيس تحرير «واشنطن بوست» عن اللواء محمد فريد التهامى، رئيس جهاز المخابرات العامة، قوله إنه «لا تغيير فى علاقة المخابرات المصرية بأجهزة المخابرات الأمريكية»، وذلك رغم تأخر تسليم الأسلحة الأمريكية إلى القوات المسلحة المصرية، والحديث الدائر عن الاتصالات الجديدة بين الجيشين المصرى والروسى.وأضاف «التهامى»: «علاقات الصداقة بين المخابرات فى البلدين تختلف تماما عن العلاقات السياسية.. أنا على تواصل ثابت ومستمر مع مدير المخابرات الأمريكية، جون برينان، بدرجة أكبر من أى جهاز آخر فى العالم».واعتبر «إجناتيوس» أن «هذه العلاقة الأخوية بين الولاياتالمتحدة ومصر فى مجال المخابرات ما هى إلا رجوع إلى الروابط التى كانت موجودة فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، عندما كان عمر سليمان ذو الكاريزما القوية- حسب وصفه- رئيساً للمخابرات المصرية، وكان هناك وقتها التبادل يتركز حول قضايا مكافحة الإرهاب التى يمكن القول بأنها ساهمت فى عزل مبارك عن شعبه، وجعلت الولاياتالمتحدة مصدومة من الانتفاضة التى أطاحت به فى فبراير 2011».ووصف «إجناتيوس» التهامى بأنه «رجل نحيل أصلع له عيون غائرة، وله أسلوب متحفظ تشكل بسبب عمله طوال حياته فى الظل، وهو مدخن شره، ويتحدث بصوت منخفض وثابت»، وظهر هذا خلال أول مقابلة صحفية معه.ورأى الكاتب الأمريكى أن «التهامى» استغل مقابلته الصحفية الأولى للتحدث عن بعض النقاط حول كيفية عمل المخابرات المصرية تحت إدارة الفريق أول عبدالفتاح السيسى.واعتبر «إجناتيوس» أن ذلك بمثابة «العودة إلى المستقبل، وجانب من جوانب مصر الجديدة التى عرضها التهامى فى تعليقه بقوله (إن قوة الأمن الوطنى التابعة لوزارة الداخلية نجحت فى استعادة بعض من قدراتها المهنية السابقة، وذلك بإعادة تعيين بعض المسؤولين السابقين الذين أقالهم مرسى)». وأشار «إجناتيوس» إلى أن «التهامى» كان يتقلد وظيفة حساسة فى عهد مبارك حيث كان يدير هيئة الرقابة الإدارية، مما جعله يستطيع الوصول إلى أكثر الأسرار حساسية للنظام.وأضاف: «إن منتقدى التهامى يقولون إنه ساهم فى دفن مخالفات مالية تورطت بها الدائرة المحيطة بمبارك، بينما نفى أحد أنصار التهامى تلك التهمة».وسأل «إجناتيوس» التهامى عن خطر ما وصفه ب«حملة القمع الدامية» ضد جماعة الإخوان المسلمين، التى من الممكن أن تدفع أعضاءها مجدداً إلى العمل السرى، لتشكل نسخة جديدة من المنظمات الإرهابية التى شكلت تنظيم «القاعدة»، فأجاب «التهامى» قائلاً: «بعض الخلايا المرتبطة بفكر القاعدة كانت تحاول أن تبنى جذوراً لها فى شبه جزيرة سيناء»، مشيراً إلى أن جماعة تسمى أنصار بيت المقدس تعتبر واحدة من المنظمات التى تدعى الانتماء إلى تنظيم القاعدة، إلا أنه لا يوجد دليل على أنها على اتصال مباشر مع التنظيم أو زعيمه أيمن الظواهرى.وأضاف: «بعض الخلايا الجهادية تسللت القاهرة ودلتا النيل وصعيد مصر، ولكن يجرى تعقبها من قبل وزارة الداخلية».وقال «التهامى»: إن الهجمات الإرهابية من المرجح أن تستهدف المصادر الرئيسية للدخل الأجنبى فى مصر، مثل السياحة وقناة السويس والاستثمار الأجنبى، ولهذا يجب على الخدمات العسكرية والأمنية توفير حماية خاصة لهذه القطاعات.وبسؤاله ما إذا كان يمكن السماح لأنصار الإخوان المسلمين بالمشاركة فى الحياة السياسية من خلال حزب «الحرية والعدالة»، بدلاً من العنف، فأجاب أنه بموجب «خارطة الطريق» ستستعيد مصر «الديمقراطية المدنية»، وبالتالى لن يتم استبعاد أى قوة من العملية السياسية «مهما كان من يريد الانخراط فى العملية السياسية، فهو موضع ترحيب كبير». وقال «إجناتيوس» إنه إذا كانت مصر حقاً على استعداد للسماح للإسلاميين بالانخراط فى السياسة سيكون ذلك اختباراً رئيسياً للحكومة الجديدة، وكان لافتاً أن رئيس المخابرات، الذى وصفه ب«الوجه الأقوى فى النظام الجديد»، على استعداد لدعم هذه الفكرة.وبالنسبة لخارج مصر أعرب التهامى عن بالغ قلقه إزاء عدم الاستقرار فى كل من ليبيا وسوريا، وقال إن هناك فراغاً أمنياً كبيراً فى ليبيا خاصة فى ظل وجود الميليشيات القبلية والجماعات المتطرفة وانهيار السلطة المركزية كما حدث فى العراق، وقال: «لن يعود الاستقرار إلا بمساعدة القوى الخارجية لإعادة بناء الجيش الليبى والحكومة المركزية».أما بالنسبة لسوريا، قال «التهامى» إن جهود مساعدة المعارضة المعتدلة بالسلاح والأموال كان لها رد فعل مضاد من خلال تعزيز «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم لقاعدة، ولأن جبهة النصرة أكثر قوة، حصلوا على السلاح».