أعلن برنامج الطبعة الأولى للأستاذ / أحمد المسلماني عن إذاعته لمحاضرة د / أحمد زويل في حلقته الأسبوعية تلك المحاضرة التي ألقاها في دبي في منتدى الإعلام العربي Arab media forum عن مستقبل الإعلام العربي في ظل التقدم التكنولوجي الرهيب الذي نعايشه. وكنت قد أخبرت أحد الأصدقاء عن المحاضرة وموعد بثها وفى اليوم التالي بادرني بالسؤال :هل شاهدت المحاضرة؟ فأجبت بأن طبعا شاهدتها وسألته :هل شاهدتها أنت؟ فأجاب: لقيت ماتش طاوله أحسن فصدمت وتساءلت: ما الذي يشكل الوعي العربي؟ ما الذي يشكل العقل العربي؟ ما الذي يحكم تفكيرنا وأولوياتنا؟ وما الذي يعطى الأهمية التي نستشعر بها تجاه موضوع معين؟ أو ببساطة ما الذي جعل صاحبي يفضل اللهو واللعب عن محاضرة نادراً ما سيراها مرة أخرى؟ في يوم سابق قرأت معلومة صادمة أخرى وهي أن الإنتاج القومي للوطن العربي (22 دولة) يساوى إنتاج شركة نوكيا للمحمول يساوى الإنتاج القومي لدولة اسبانيا يساوى 717 مليار دولار إلى متى سنظل كشعوب عربية عالة على الأمم؟ إلى متى سنبقى في هذا الوهن؟ إلى متى سنستمر في هذه المهانة والهوان؟ تتحكم في مصائرنا طغمة حاكمة تستفيد من استمرار وضع أقل ما يوصف به الهوان والذل. جل اهتمامنا في وطننا العربي بكرة القدم حتى أنه في أوروبا صارت مقولة عنا: الشعوب العربية لا تقوم ولا تقعد إلا لكرة القدم. للأسف أصبح تفكيرنا كله بالنصف الأسفل البطن والفرج وكرة القدم. إن الذي حكم تفكير صاحبي واهتمامه وسيره هي تنشئة مسئول عنها مجتمع بأكمله. مجتمع يعاني من السخف الفكري والإسفاف الحضاري والاهتزاز الثقافي. ملوك وحكام مابين الوراثة والتزوير. مسئولون تغلب عليهم ثقافة الفهلوة وليس الفهم. أصحاب أعمال يغلب عليهم ثراء فاحش غير معلوم المصدر. رؤساء عمل اختيارهم طبقاً لدرجة الولاء وليس الكفاءة. شعب من اللا مبالين لا يضرهم من خذلهم وتعلم فنجاه الله ولهم لسان حال يقول: لو أن زويل بقى بيننا في مصر لما صار كما هو الآن. إنني فقدت الثقة في هذا المجتمع ولم يعد لدى أمل فيه. وإني لأجد يوماً نكون فيه على قدم المساواة مع شعوب تتمنى لو كنت أحد أبنائها أجده يوماً مستحيلاً إن مجيء مثل هذا اليوم سيكون حين نرفع الأقلام فوق الأقدام حين نرفع أصحاب العقول فوق أصحاب الجيوب المنتفخة. فهل من الممكن مجيء مثل هذا اليوم؟ سئل الإمام الغزالي رحمه الله ت 505 ه عن أصناف الرجال فقال: الرجال أربعة: رجل يعلم وهو يعلم أنه يعلم فذاك عالم فاتبعوه. رجل يعلم وهو لا يعلم أنه يعلم فذاك غافل فنبهوه. رجل لا يعلم وهو يعلم أنه لا يعلم فذاك مسترشد فدلوه. رجل لا يعلم وهو لا يعلم أنه لا يعلم فذاك جاهل فاجتنبوه. فرجل مثل أحمد زويل الذي هو على رأس المقالة ورؤوسنا جميعاً تاجاً يتلألأ هو رجل يعلم ويعلم أنه يعلم ونحن جميعاً موقنون أنه يعلم فيا ليتنا نتبعه.