إن الحوارات الإعلامية وغيرها عندما تتناول المصري وما يعيشه من واقع فإنها تتكلم عن ماضي كان يعيشه وما كان هذا الماضي من تواريخ تحمل أخطاء سياسية واقتصادية وعسكرية، والتي نتج عنها أزمات هزت الكيان المصري، ونظل ننقب عن هذه الأخطاء ونتكلم دون كلل أو ملل، وهذه النقلة أتت بعد فترة زمنية ظللنا لا نتكلم عن شيء سوى أننا أحفاد الفراعنة رغم أن هذا مشكوك فيه منطقياً لكن هذا ليس بموضوعنا وطال هذا الحديث وانتقلنا ما يليه من حقب حتى وصلنا إلى النكسات القريبة، وإن انتهينا من ماضي وتاريخ وما يحمل هذا التاريخ من أحداث ننتقل إلى المستقبل والخطط السنوية والخمسية والعشرية والعشرينية والخمسينية وما يليها من خطط لا تنفذ ولا نرى لها وجود غير أنها تنتقل إلى أخطاء الماضي وتاريخ يحمل معه نكسة جديدة، ونظل نتكلم عن المستقبل وما يحمل معه من أحلام وآمال المصري التي سوف تحل جميع المشاكل التي يحياها، اجتمع الوزراء، اتفق الوزراء، ذهب وزراء، أتى وزراء، عُدِّل الدستور، البلد كلها اتغيرت، اتعدلت، اتكلمت، والحال كما هو الحال، نفس الكلام يتوارثه الأجيال . أين المصريّ في يومنا هذا؟ المصريّ يعيش في فقر، أزمة تعليم وصحة، وفجوة بين الطبقات تتسع مع الأيام، إن البنية التحتية للمجتمع المصري ينهار، إن المصريّ في يومنا هذا لا يستطيع أن يشبع حاجاته الأساسية الأولية، ونحن في طريقنا إلى لن يكون هناك طبقة وسطى لن يكون هناك سوى طبقتين فقراء وأغنياء، والفجوة تزداد بمرور الخطط، ولن ننتهي إن تكلمنا عن قضايا المصري في يومنا هذا ومشاكله اليومية، التي أصبحت دائرة صراع لا تنتهي، مسلسل طالت حلقاته، تكرر أبطاله، والضحايا يموتون مائة مرة ومرة، فهذا المصري داخل الحدود، أما خارجها أصبح لديه عقدة الآخر وفجوة ثقافية في الحوار والتعايش معه، وتزداد الفجوة العلمية والتكنولوجية بتقدم الآخر وبتكلمنا عن الخطط، إلى متى سيظل الآخر يسيطر ونكرهه، هو يعمل ونحن نتكلم، هو ينفذ ونحن مزيداً من الخطط نخطط، بدون أن نعرف هذا المصريّ، لن يكون هناك مستقبل نخطط له، وسيبقى هناك مزيداً من الخطط التي تتحول إلى أخطاء من الماضي تحمل تواريخ نتكلم عنها، الخوف من أن يأتي يوم ويصبح المصري من الماضي ...!