إذا كنت من جموع المحبطين، الذين ملوا كثرة السقوط والبداية من نقطة الصفر، أو الذين ملوا أساساً البحث عن هذه النقطة، الذين تكسر لهم من الأحلام ما يعجزون عن تذكره، الذين يصبحون كل صباح وينتظرون اليوم الذى سيغير حياتهم إلى الأبد.. فهنيئاً لك.. افرح فالإحباط حالة نفسية راقية لاتصيب إلا الطموحين أو الموهوبين أو المجتهدين، فأن تحبط هو أن تفعل شيئا ويطول انتظارك للمقابل، والذى لا يأتى أحياناً كثيرة، فكما يصف الأطباء النفسيون مرض (القلق) بأنه مرض (المفكرين) فقط من البشر، وكما أكدت دراسة نفسية أن (العصاب) أو المرض النفسى يصيب المرأة (المتعلمة) أكثر من مثيلاتها الجاهلات، وأن هناك علاقة طردية بين الإصابة به وذكاء المرأة، فأنا أؤكد لك أن الإحباط وسام شرف على صدر كل محبط.. أنا لا أدعو بهذا المقال إلى أن تنضم إلى صفوف المحبطين -وما أكثرهم- إنما فقط أريد أن أوضح لك أنك إن كنت لا طاقة لك، ولا موهبة لك، ولا إرادة لك، ولا ميزة لك، فأبدا لن تكون من المحبطين، فعلام الإحباط إذن؟! يتغنى الغرب -وله كل الحق- بأنه أرض العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وأنه فى بلادهم «من زرع حصد» ولا جدال، وأنه لا مجال للنجاح إلا بالجهد الحقيقى لا بالوساطة أو المعارف أو المحسوبيات، ولكن دعنى أقل إنى أرى فى وضعنا هذا ميزة وحيدة يمكنك التصبر بها، وهى أن هذا الوضع الذى لا علاقة فيه بين الكفاءة والموهبة، والتميز والنجاح يقوى الإيمان ويدفعك دفعا إلى أن ترمى حمولك على الله، وأن تعتقد يقيناً -لامفر- أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، وإنما المسألة هى اختبار فى طول النفس. صيدلانية