المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    ترامب يدرس بيع سيارته طراز تسلا بعد خلافه مع إيلون ماسك    محمود خليل الطالب الفلسطيني المعتقل بأمريكا يقدم أول إفادة مكتوبة للمحكمة: الاتهامات الموجهة ضدي باطلة    ملف يلا كورة.. الأهلي يعلن صفقة زيزو.. غياب وسام أبو علي.. ومنسي يحلم بالمنتخب    محمد عبد الشافي: فخور بأنني كنت جزءا من تاريخ الزمالك    ثلاثية بقيادة هالاند.. النرويج تصعق إيطاليا في تصفيات كأس العالم    الأكاديمية المصرية بروما تطلق مبادرة الجوار الأكاديمي بالتعاون مع أكاديمية بلجيكا    «محدش يروح لجزار».. تحذير من الذبح خارج المجازر الحكومية    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    ولي العهد السعودي: نجاح خدمة ضيوف الرحمن نتيجة جهود الدولة في رعاية الحرمين والمشاعر المقدسة    "الخارجية الفلسطينية" تُرحب برفع عضوية فلسطين إلى "دولة مراقب" في منظمة العمل الدولية    فولودين: الحكومة الألمانية تثير الصدامات بين روسيا وألمانيا    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. 42 شهيدا بغزة منذ فجر أول يوم العيد.. انتخابات مبكرة بهولندا في 29 أكتوبر المقبل.. إسقاط مسيرة استهدفت موسكو.. وبوتين يهنئ المسلمين بعيد الأضحى    فيفا يدخل ابتكارات تقنية غير مسبوقة فى كأس العالم للأندية 2025    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    البابا تواضروس يهنئ بابا الفاتيكان الجديد ويبحثان أوضاع غزة ودير سانت كاترين    تفاعل مع فيديو هروب عجل قفزًا في البحر: «رايح يقدم لجوء لأوروبا»    زيزو: جميع الأمور فى الزمالك غير مستقرة إلا الجمهور فقط.. ولهذا السبب اخترت الأهلي    حمدى فتحى: التواجد مع الأهلي شرف لى.. وأثق فى قدرتنا على تقديم بطولة مميزة    زيزو يصل دبي ترانزيت قبل استكمال رحلة السفر لميامى    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق نشب في كشك بكرداسة    أخبار × 24 ساعة.. المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    "ب3 جنيه" تتفسح بحديقة صنعاء فى كفر الشيخ خلال العيد.. ملاهى وخضرة.. فيديو    «4 ساعات حذِرة» .. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم : «ترقبوا الطرق»    صلى العيد ثم فارق الحياة.. تشييع جنازة صيدلي تعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الشرقية    «الطقس× العيد».. استمرار الارتفاع في درجات الحرارة مع «اضطراب الملاحة والشبورة والرياح» بالمحافظات    وفاة سائق إسعاف إثر تعرضه لجلطة أثناء عمله ببنى سويف    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع في جلسة نهاية الأسبوع    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    بصورة مع والدته.. حسن شاكوش يحتفل بعيد الأضحى    اليوم.. فرقة رضا فى ضيافة "هذا الصباح" على شاشة إكسترا نيوز    عرض الفيلم المصرى happy birthday بمهرجان ترابيكا بحضور أوسكار إيزاك    فرصة مميزة على الصعيد المالي.. توقعات برج الحمل اليوم 7 يونيو    لا تنخدع بالنجاح الظاهري.. برج الجدي اليوم 7 يونيو    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    احذر من الإسراع في تخزين اللحوم النيئة داخل الثلاجة: أسلوب يهدد صحتك ب 5 أمراض    بعد غياب 5 سنوات، مفاجأة في لجنة تحكيم "ذا فيوس كيدز" الموسم الجديد    زيزو: جمهور الزمالك خذلني وتعرضت لحملات ممنهجة لتشويه سمعتي (فيديو)    زيزو: حسين لبيب عرض عليّ "فيلا" للتجديد.. ووالدي يستحق عمولة    حدث في منتصف ليلًا| أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي على الدائري.. وموجة حارة بكافة الأنحاء    ترامب: ماسك فقد عقله ولا أنوي الحديث معه الآن    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    رئيس الشئون الطبية ب التأمين الصحى يتفقد مستشفيى صيدناوي والمقطم خلال إجازة العيد    المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية يصوت بالإجماع لصالح رفع عضوية فلسطين إلى دولة مراقب    رواتب مجزية| 25 صورة ترصد آلاف فرص العمل الجديدة.. قدم الآن    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    مع قرب انتهاء أول أيام عيد الأضحى.. الغرف التجارية: لا داع للقلق السلع متوفرة.. شعبة الخضروات: انخفاض ملحوظ في الأسعار.. المخابز: لا توجد إجازة لتلبية احتياجات المواطنين    فلسطين ترحب برفع عضويتها إلى دولة مراقب في منظمة العمل الدولية    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    "إكسترا نيوز" ترصد مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى في مصر الجديدة    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أسباب موت الصحف
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 10 - 2010

«قدّرتُ كُتّابى فقدّرنى قُرائّى».. هذا شعار صحيفة لم تولد فى مصر بعد، وكيف لمثلها أن يرى النور، والقاعدة الاقتصادية البائسة التى تقول: «العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة» قد غزت سوق الكتابة من بابه الوسيع، والقاعدة الحياتية التى تقر أن «المستنقعات تهجرها الطيور الجميلة» باتت هى السمة الرئيسية لمعيشتنا التى تتهاوى بلا هوادة، وهى المسرب الضيق الذى قد ينتهى بمقابر متجاورة ترقد فيها صحف كانت تملأ الدنيا، وتتيه على الزمن، وتختال على الناس.
الصحافة ليست استثناء من حالة الإنتاج المعرفى فى بلادنا، ورغم أن أغلب الصحفيين ناقلو معرفة وليسوا منتجين لها، فإن أحدا لا ينقل بأمانة، ولا أحد يقرأ بإمعان. وإذا كان الرقيب السياسى قد توارى قليلا فى بعض الصحف قبل أن يتأهب للعودة بضراوة فى الأيام الأخيرة، فإن الرقيب الذى يدفعه الهوى أو تحركه الغريزة أو المصالح والمجاملات استيقظ بملء جفونه، لا فرق فى ذلك بين العام والخاص، والتابع والمستقل، أو من يدعى أنه منبت الصلة عن الدوائر الجهنمية التى تحرك كل شىء فى بلدنا المكلوم.
جاء اليوم الذى نسمع فيه أنه ليس من الضرورى أن تقرأ لكى تكتب، وأنك يجب أن تسكب على الورق كل ما يأتى على بالك مهما كان سخيفا أو سطحيا أو تافها، كى تعوم ويكون حضورك خفيفا على من يطالعك، لأنك ببساطة تشعره بأن الفرق بينكما معدوم، وأن ما يميزك عنه أن حظك جعل وظيفتك «كاتب» وحظه جعله «بقال» أو «بواب» لكنه يقرأ لك، ثم يلعن الأيام التى جعلت المواقع تتبدل، ويقسم أنه لو جلس إلى مكتبك مكانك لسطر أفضل مما تسطر، ولديه كل الحق، «فالمصطبة تكفى لجلوس الجميع».
ولتضحك حتى تتخاصم شفتاك إلى الأبد، وأنت تسمع مذيعى التليفزيون يوزعون لقب، «الكاتب الكبير» على من لا يحسنون كتابة جملة مفيدة، ولا يجيدون نطق عبارة سليمة، وفى رؤوسهم تعوى الرياح ويقيم الخراب. ولا تتعجب، فالمذيعون لا يكذبون فهذا «كبير فى الحجم» وهذا يجلس على كرسى أكبر من الأريكة التى كان يضطجع عليها السلطان برقوق، وهذا يقعد فى مكتب أوسع من ميدان التحرير. وعليك أن تترحم على اللقب الذى هبط من طه حسين إلى (س) ومن نجيب محفوظ إلى (ص) ومن محمد حسنين هيكل إلى (ح) وتتوالى الأسماء ونقيضها. وعليك أن تجمع هذه الأضداد فى صفين متقابلين، وتتفرس فيها مليا، ثم تقهقه حتى يسمعك من فى القبور.
أين هذه الصحيفة التى تمتثل لحديث نبوى شريف يقول: «أنزلوا الناس منازلهم» أو تستجيب لقاعدة ذهبية صكها الفقهاء تقول: «يُعرف الرجال بالحق ولا يُعرف الحق بالرجال» أو تسمع للقائد العسكرى الذى صرخ فى الجنود قبل أن يظفر بالنصر المبين: «تمايزوا أيها الناس لنعرف من أين نؤتى»، أو تترك كل هذا وراء ظهرها وتفكر فى مصلحتها الآنيّة والآتية وتنفض عن كاهلها حسابات صغيرة وضيقة تدمرها تباعا، حين تطلق جيوش السوس لتنخر فى عظامها بمرور الأيام، وأصحابها فى غفلة؟!.
أين هذه الصحيفة التى تدرك تماما أن من يطالعها يقرأ ما بين السطور، فينجلى له كل شىء، وتهتك أمامه كل الستائر السميكة المشبعة بشعارات جوفاء وادعاءات باطلة، وتنكسر القشرة الخارجية البراقة ليظهر المتعطن والمتعفن والمعطوب، فيعرف علاقة هذا بذاك، ويفهم همزات الوصل بين هذه وتلك، وحين يطمئن إلى كل شىء يدير ظهره للسطور وكاتبيها، ويهيل التراب على الادعاءات وقائليها، ويبدأ رحلة التحايل التى انتهت بسقوط جرائد من عليائها لتستقر فى القاع البارد المستكين، واختتمت بانطفاء أسماء كتاب لأن القراء وجدوهم يعيدون ما كتبوه من دون تجديد ولا تجويد؟!.
إن فاقد الشىء لا يعطيه، والصحيفة إن لم تحترم كُتابها ومحرريها فلن يحترمها قراؤها، ويبدأ هذا الاحترام باختيار من يطلون على الناس كل يوم بصورهم الضاحكة أو الواجمة، والأهم بسطورهم التى تسوى المطابع بين أشكالها وتفرق العقول بين مضمونها، ثم يأتى مبدأ «الاستحقاق والجدارة» فالبقاء للأصلح والأنفع والأجدى، تتبعه قاعدة أن من «يتكاسل يتراجع»، فلا معنى لاستمرار من لا يضيفون جديدا ومفيدا فى كل قطعة يكتبونها. فصفحات الجرائد ليست مثل مكاتب الحكومة فى هذا الزمن لا بد أن تجد من يشغلها بغض النظر عما إذا كان يعمل أم يكسل، وليست مثل البرلمانات المزورة التى تصفق دائما، وليست كذلك مثل الفاسد من أقسام الشرطة، تلصق الاتهامات بالأبرياء كى تقدم مبررا لترقية الضباط المتراخين الذين لا ينهضون ولا ينتفضون إلا أمام رؤسائهم حين يضربون الأرض بأرجلهم ويرفعون أياديهم اليمنى بمحاذاة رؤوسهم ويصرخون «كله تمام يا أفندم».
لقد أدركت صحفنا العريقة فى أيامها الزاهرة قيمة أن تضم مبانيها مكاتب لكبار الكتاب، حتى ولو لم يكتبوا سطرا واحدا لها أو كتبوا دون انتظام، فيكفى أن يقال فى كل مصر والعالم العربى من المحيط إلى الخليج: إذا أردت أن تقابل أو تراسل المفكر أو الأديب أو الكاتب الفلانى فعليك أن تقصد الصحيفة الفلانية. راح كل هذا وجاء زمن تنفتح فيه صفحات الرأى أمام كل شىء إلا الكتابة، وتذوب فيه الحدود الفاصلة بين الكتابة ومختلف فنون العلاقات العامة، أو ممارسة السياسة فى أدنى صورها. ومع هذا التراجع المهين فقد الكتاب دورهم، وخسروا موقعهم المتميز فى نفوس الناس، وتهاوت كل المسافات المملوءة بالهيبة والقيمة والاحترام والاستنارة بين الكاتب والقارئ، وحلت محلها مسافات مملوءة بغرور الصغار وفسادهم.
أيها المحرر الصالح النزيه النابه، أيها الكاتب العارف الموهوب، لا تيأس، ولا تنقطع عن العطاء، فالزّبَد يذهب جُفاء وما ينفع الناس يمكث فى الأرض، فارفع رأسك وثبت قدميك فى الأرض عميقا، وتذكر أن الريح كنست فى طريقها قشا كثيرا كان هائجا ويملأ العين فى يوم من الأيام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.