ثقافة الشرفا.. قصر من ذهب

الرحلة الطويلة من وسط العاصمة إلي القناطر الخيرية ومنها إلي كفر الشرفا "غرب" للذهاب إلي أحد قصور الثقافة هناك لم تكن تبشر بأي شيء، فالفوضي والقمامة يصاحبانك طوال الطريق إلي "قصر الشرفا للحرف الفنية والبيئية"، إلا أن الواقع عند الوصول كان مختلفا عن التوقعات لتجد قصرا يمتليء بالنشاط ولوحة عُلقت عليها انجازاته.
فتختفي القمامة عندما تطالعك لوحة القصر ليظهر بدلا منها اللون الأبيض المميز لحوائطه، بينما تلتقي وجها لوجه مع تمثال نصفي للفنان «حسن حفني» الذي يصفه مدير قصر الشرفا «جلال محمود عبد اللطيف» بال"عالمي" قائلا أن هذا الفنان هو من قام ببناء هذا القصر محافظا من خلال مبانيه علي التراث المصري القديم عن طريق بناءه بمواد البناء التي تستخدم في البيوت الريفية " الطين والتبن "، مضيفا أن القصر يعتبر أحد أهم الرموز الثقافية التي جاءت نتاج محاولات ثورة يوليو 1952 لنشر الوعي الثقافي.
وما أن ترفع عيناك عن التمثال حتى تواجهك لافتة توضح الأقسام الثلاثة الرئيسية الموجودة بالقصر "قسم الحرف البيئية"، و" قسم الفنون التشكيلية"، و"قسم الثقافة العامة "، وعن قسم الثقافة العامة يقول المشرف عليه «حسن عبد الونيس» أنه ينقسم إلي قسمين المكتبة العامة والفنون الشعبية ، وقد بدأت المكتبة مع إنشاء القصر سنة 1965 ومتواجدة بشكل جيد في خدمة أهالي البلدة والطلاب الموجودين سواء طلاب المدارس أو الجامعات حيث تضم حوالي 7800 كتاب في المكتبة العامة و3 الاف في مكتبة الطفل، كما يشمل نشاط المكتبة محاضرات وندوات وأمسيات شعرية إلي جانب ورش الأدب والصحافة والقراءة الحرة.
وحصلت مكتبة القصر عام 2002 علي المركز الأول في مسابقة المكتبات المتميزة بين مكتبات الإدارة العامة للقصور المتخصصة ثم تلتها الجوائز أعوام 2003 و2004 و2005 وفي أعوام 2006 و2007 و2008 والتي تنوعت ما بين أول وثاني وثالث.
ويشير المشرف على القصر في حديثة عن الفنون الشعبية إلى أن هذا النشاط، بدأ بالقصر في عام 2000 بإعتماد فرقة مكونة من حوالى 35 عازف ومؤدي لتقديم التراث الشعبي، إلي جانب الأغاني الريفية الموجودة في منطقة وسط وجنوب الدلتا، و قد اشتركت الفرقة في أول مسابقة في نفس عام تأسيسها وفازت بالمركز الرابع بالإضافة إلي فوزها بعدد من الجوائز الفردية، كما شاركت منذ عام 2002 وحتى الآن في كل المسابقات التي تنظمها الإدارة العامة للفنون الشعبية وحصلت علي ست جوائز كفرقة إلي جانب المراكز الفردية التي يحصل عليها أعضاء الفرقة مثل أحسن أداء للموال وأحسن أداء للآلات الوترية (الربابة) وأحسن عازف لآلة الأرغول وأحسن عازف كولة.
أما عن الفنون التشكيلية فتقول «إيمان رمضان» حافظ أخصائية الفنون التشكيلية بالقصر أن القصر يوجد به مراسم فنية تقدم خدماتها للأطفال والشباب علي السواء من خلال تدريبهم علي الفنون المختلفة مثل الطباعة والرسم علي الحرير والرسم علي الزجاج والزجاج المعشق من خلال ورش علي مدار السنة يتم تكثيفها في فترات مهرجان القراءة للجميع، وتضم الفنون التشكيلية الحرف المتعلقة بمجتمع القرية مثل الحصير والكليم والخزف والتي يتم من خلالها تدريب الرواد اللذين يقوم البعض منهم بعد ذلك بالعمل في تلك الحرف والاعتماد عليها كمصدر رزق.
ويشير «صلاح محمد بدر الدين»، المشرف علي الحرف البيئية بالقصر، إلى أن العمل داخل إنتاج الكليم بالقصر قد حصل علي العديد من الجوائز في المسابقات التي تقيمها الهيئة العامة لقصور الثقافة. ويتميز قسم صناعة الحصير في القصر بمنتجاته المستوحاة من البيئة ويؤكد «بدر الدين» أن بعض الرواد "يتكسبوا" من خلال قيام بعضهم بإنتاج بعض الكليم أو السجاد أو الحصير من خلال ما تعلمه في القصر وبيعه للبازات.
وتقترب الزيارة من نهايتها في الوقت الذي تطالع فيه جزءا من معروضات قسم الحصير الذي تتصدره قطعة حصير تخلد ذكرى مذبحة دنشواى نفذها صاحبها من وحي خياله بدون تصميم مسبق.