«جواز عتريس من فؤادة باطل».. هل تذكرون هذه الجملة الحماسية من فيلم «شىء من الخوف» للكاتب ثروت أباظة، هذه الجملة أشعلت بركان الغضب فى قلب بلدة أنضجها الظلم وكواها استبداد عتريس ورجاله. فى سياق القصة فإن البطلة « فؤادة» هى الإنسان الوحيد فى القرية الذى تجرأ ووقف أمام عتريس، فتحت الهويس لتروى الأرض العطشى بعد أن أغلقه عتريس ليذل رجالات القرية ويجبرهم على تنفيذ كل أوامره. رغم ما يحمله له قلبها من حب قديم، فقد أحبته طفلا وصبيا بريئا، رفضت الارتباط به والزواج منه، حين فرقت بينهما الاختيارات. هى اختارت جانب الخير وهو اختار أن يكون زعيم قبيلة الشيطان. فؤادة لم تسلم جسدها ولم تنحنِ ولم تخف، فؤادة ضحت بقلبها مقابل حريتها وشرفها الحقيقى، فؤادة أدركت ما عجز الآخرون عن إدراكه بأنه ليس عليها سوى محاربة الخوف، والخوف ليس كائنا أسطوريا كما تظن النفوس الضعيفة، لكنه جرثومة خيالية تحتضر بمجرد خروجها من الصدر. أين أنتِ يا فؤادة اليوم، نحتاجك لتكونى قدوتنا لنُخرج الخوف من داخلنا، ونستمتع بحقوقنا التى كفلها لنا القانون. فؤادة نحن النسوة نخاف أن نقول «لا» لمن يأتى ليقتطع جزءا من جسدنا بدعوى العفة، نخاف أن نصرخ بأن جسدنا منحة من الله لنا لابد أن نحافظ عليها ولا نهينها، ولولا تدخل النظام لمنع الختان لظللنا سنوات صامتات أمام هذه الجريمة. فؤادة شرفك لم يكن نقط دماء على منديل أبيض يخرج به الأهل ليثبتوا أن ابنتهم بكر، لكن شرفك كان شجاعتك وأمانتك ومسؤوليتك أمام مجتمعك.. فؤادة رغم الحب لم تخضعى وفضلت المصلحة العامة عن الخاصة، لكن حفيداتك بدعوى الحب أو إرضاء الشريك يتركن ما جاهدن طوال عمرهن للوصول إليه بعد سهر الليالى فى الدراسة والبحث عن فرصة عمل مناسبة ليصبحن ربة منزل.. فؤادة كان وجهك مكشوفا وأنت تواجهين الجبروت، حفيداتك اليوم يختفين من نور الشمس وراء نقاب... آه يا فؤادة، كم نحتاج لمثلك لندخل البرلمان بالانتخاب وليس بكوتة مفروضة، لنخرّج أجيالا قوية لا تهاب إلا الله.. ولكننا سنظل نردد: «جواز عتريس من فؤادة باطل» ونحن فى الحقيقة كلنا شهود إثبات.