أنا فى عرض المجمع اللغوى.. لو اجتمع ذكاء الخواجة بيجو (فؤاد راتب)، وألمعية حسونة الفطاطرى (إسماعيل ياسين)، وفطرية أبو طعمة (عبد الفتاح القصرى) وفوقهم أم طعمة نفسها (زينات صدقى) كما اجتمعوا على المشكلة الإملائية الحمارية الشهيرة فى فيلم «إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين» لصادفوا فشلا مماثلا فى ترجمة الحروف الثلاثة على لوحات السيارات الجديدة ذات اللونين الأزرق والأبيض. معلوم أن للمجتهد أجراً إذا أخطأ وأجرين إذا أصاب، ومعلوم أيضا أن بعض من حاولوا حل أحجية الحروف الثلاثة لم يتحصلوا على أجر، نفر منهم أصيب بلوثة عقلية، يهيج مثل رياض القصبجى ويهرش فى قفاه من أثر بودرة العفريت كلما صادف لوحة أزرق فى أبيض فى خلفية السيارة التى أمامه فى الإشارة، سرعان ما يخرج من جيب الصديرى الداخلى ورقة صغيرة وقلماً صغيراً ويسجل الحروف الثلاثة، ويركن فى أقرب قهوة كموظفى الحكومة المزوغين من الدوام العاكفين على حل الكلمات المتقاطعة طيلة النهار، وأحيانا يشرك معه بعض الثقات من الأصدقاء، ويجهز الحل ويرسله إلى الإدارة العامة للمرور، لكنها لا ترد أبدا، وهو ده اللى مجننى. شعور عارم بالغبن والإحباط تعقبه نوبة بكاء حارة بنشيج، يختمها المواطن الصالح بالدعاء على الإدارة العامة للمرور من رئيسها إلى آخر عسكرى مرور فى شارع السد البرانى بالسيدة زينب، الحروف صعبة قوى. نفر من الشباب الالكترونى اقترح توفير الحلول النموذجية عبر الرسائل الإلكترونية SMS ترسل الحروف التى أمامك وأنت راكب السيارة إلى الإدارة، والإدارة ترد، منها توفير دخل إضافى للإدارة ومنها تجيب أسئلة الحيارى. اللوحات المعدنية الجديدة المستوردة من ألمانيا تؤرق الشباب من الجنسين، تجرى مسابقات فى النوادى والكافيهات حول تفسير الحروف (عربى وإنجليزى)، متفقهون فى اللغة، أكثر من أبوطعمة وبالاستعانة بالمجامع الإلكترونية وفى غرف الشات والفيس بوك، فشلوا كلية فى تقديم إجابات نموذجية للوحة معدنية واحدة تتحرك فى شوارع العاصمة. الرهان على ذكاء المصريين حق يراد به باطل، الحق أن المصريين أذكياء، ولكنه ذكاء من النوع الكوميدى يقدم تفسيرات هزلية للوحات الألمانية، من نوعية، الهاء (فى العنوان) اختصار هاى وتعنى مرحبا، والطاء طريق السلامة يا عسل، والدال دلنى على العنوان يا بنى. أصحاب الخلفيات المرورية يشيرون إلى أن (الهاء) ترجمتها القاهرة، إشارة إلى المحافظة التى تتبعها السيارة لإمكان تتبعها عبر المحافظات، و(الطاء) منطقة طره، و(الدال) دراسة، أى وحدة المرور التابعة، لوحات ملغومة بالمعلومات. الحروف على اللوحات ليست الأحجية الوحيدة، هناك خط غير مرئى يفصل بين أعلى اللوحة وأسفلها يتكون من عدد من النقاط يستحيل العبث بها كإجراء وقائى للوحة التى يصعب تزويرها، كما أن اللون الأزرق يعنى سيارة ملاكى، والأصفر أجرة، والأحمر نقل. نقل الخبرات الألمانية فى اللوحات المعدنية والاستفادة من التكنولوجيا المرورية ليس عيبا، ولكن تمصير اللوحات مطلوب، اللوحات يستحيل تزويرها ويمكن تتبعها ولا يمكن فهمها، حروف كودية، القاهرة ثلاثة حروف، الجيزة حرفان، وهكذا. اللوحات تشابهت علينا، متوالية الحروف الحسابية وتكراريتها توفر فرصا للوحات جديدة عجزت عن استيعابها الأرقام بشكلها القديم، اللوحات بلغت ستة أرقام وهو رقم يصعب تتبعه بالعين المجردة لعسكرى المرور، اللوحات الجديدة ترصدها الإشارات الإلكترونية التى ستعمم لاحقا، شىء لزوم الشىء.