المبنى الضخم للجهاز المركزى للمحاسبات بشارع الطيران فى مدينة نصر يكاد يختفى تماماً أمام أعين المواطنين البسطاء الذين لا يعرفون أكثر من السعى وراء «لقمة العيش». قرابة 120 تقريراً تصدر سنوياً عن الجهاز ونحو 10500 عضو يعملون به ليل نهار فى 34 إدارة مراقبة، لكل واحدة اختصاص يختلف عن الأخرى، إلا أن هذا العالم غير معلوم لدى كثير من المواطنين فباتت إجابات بعضهم حول معرفتهم بدور الجهاز وأهميته ساخرة تفتقد المعرفة، فى حين أدرك قليلون منهم دور الجهاز الحقيقى، وكان أغلبهم ممن عملوا بجهات كانت خاضعة لرقابته. «تعرف إيه عن الجهاز المركزى للمحاسبات؟».. سؤال طرحته «المصرى اليوم» على المواطنين فى الشارع لتأتى إجابة محمد مصطفى محمد، مدرس لغة عربية بإحدى مدارس محافظة الجيزة، قائلا: «هو جهاز تابع للرقابة الإدارية (رغم أنه هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية)، لكنه يراقب الشؤون المالية بالمديريات والوزارات، وأعتقد أنه مهم لأنه بيحمى أموال الشعب من الفاسدين». الإجابة اختلفت تماما مع مصطفى حسونة «سائق تاكسى» 50 عاما، ليتحدث عن الجهاز بكل ثقة قائلاً: «إنه موجود فى شارع الطيران فى مدينة نصر، بس مش عارف بالظبط إيه دوره، أنا باوصّل زباين كتير للمكان ده، وعمرى ما سألت حد عن دوره». الجهاز كما رأته مروة فاروق بكالوريوس تجارة: «هو حامى أصول الدولة ويراقب المسؤولين الذين يعملون بالأجهزة الحكومية، ويكشف عن قضايا الاختلاسات والتزوير». كثيرون ممن تحدثنا إليهم أكدوا عدم معرفتهم بماهية الجهاز المركزى للمحاسبات، فيقول حسن محمود، طالب: «مش عارف هو بيعمل إيه بالظبط، وماسمعتش عنه قبل كده.. بس بما إنه محاسبات فأكيد بيحاسب بس مش عارف بيحاسب مين؟». بينما تحدث أشرف حسنين، 28 عاماً، عن معرفته بالجهاز المركزى للمحاسبات قائلا: «كل معرفتى عن الجهاز جاءت منذ أن حدثت مشكلة بينه وبين الصحف الحزبية والمستقلة عندما طرحت فكرة مراقبته على هذه الصحف وحدثت ضجة إعلامية كبيرة، كانت كل وسائل الإعلام تتحدث عن ذلك، وعن مراقبة الجهاز على المؤسسات الحكومية أو التى تضم نسبة من المال العام»، ويشير أشرف إلى إحساسه كمواطن تجاه ما يفعله الجهاز قائلا: «بالتأكيد أشعر بالرضا تجاه عمل جهاز المحاسبات لأنه بكل المقاييس يبحث عن حقوق المواطنين فى المال العام وهذا يشعرنى بالاطمئنان». بعض من المواطنين تصادف أن لهم أقارب يعملون بالجهاز، ورغم ذلك لا يدركون أهميته أو الدور الذى يقوم به فيقول محمد صلاح مهندس كمبيوتر: «كل اللى أعرفه إن عمى بيشتغل فيه، وهو حاليا على المعاش». فيما قالت هبة توفيق بكالوريوس تربية: «أنا أعرف إن خريجى كلية الحقوق، خصوصاً الحاصلين على تقديرات عليا، يعملون به وأنه جهاز ذو سلطة». بينما قال محمد الفزارى مهندس: «إنه جهة رقابية تراقب أداء الدولة والمؤسسات الحكومية وتصدر تقارير مهمة عن المخالفات التى ارتكبها المسؤولون لكنها فى النهاية تعرض على مجلس الشعب». وتابع: «المفروض أن يتم سحب الثقة من الحكومة بناء على هذه التقارير لكن لم نسمع عن محاسبة مسؤول نتيجة لهذه التقارير التى تكشف عن مخالفاتهم.