روبرت فيسك يكتب: أخضعوا كلمات البابا للاختبار

«ما حدث فى موضوع الأب ويليامسون خطأ من مستشارى البابا المتشددين» هذا هو ما أعلنه الفاتيكان بعد أن أصدر البابا، الألمانى الأصل، قرارا بالحرمان الكنسى ضد بيشوب ويليامسون، وثارت انتقادات عديدة ضد هذا القرار، وبعد الانتقادات التى وجهت ضده أعلن الفاتيكان أن البابا لم يكن لديه أدنى فكرة عن أفكار ويليامسون قبل إصدار قراره، وأنه وجه «كلمات قاسية» إلى مستشاريه بسبب هذا الموضوع.
وويليامسون هو أسقف بريطانى نفى تعرض أى يهودى لمحرقة الغاز خلال الحرب العالمية الثانية مثلما يشاع، وأكد هذا القسيس المتخرج فى جامعة كامبردج أنه مستعد ل«إعادة اختبار» الدلائل التاريخية على وقوع الهولوكوست، ولم يكن مفاجئا أن يرفض الفاتيكان اعتذار ويليامسون لكل من عانوا على أيدى النازيين، بعد إنكاره للمحرقة.
ويبدو أن الكثير من المغفلين سيتبنون الخط الذى تبناه البابا، والذى يقول عنه أحد المصادر إنه لا يمكن أن يتعرض للانتقاد على كوكب الأرض، وأنه «خارج العالم الحقيقى»، ولكننى أتساءل عما إذا كان البابا يعلم التأثير المدمر لتصريحاته وتصرفاته.
وعلى الرغم من اعتراف البابا بالهولوكوست، والقاء الكثيرين بالمسؤولية عن المحرقة على النازيين، فإن ويليامسون يرى أن المافيا الألمانية هى المسؤولة عن إعدام 6 ملايين يهودى فى مختلف أنحاء أوروبا.
وحكم مجلس قضائى كنسى على ويليامسون برفض العفو عنه، بدعوى أن ذلك يوحى بأن نفى المحرقة «أمر مسموح به»، وكان البابا حريصا جدا أثناء اختيار كلماته عن النازية، كما لو كان يتكلم عن الله، ولكنه هو البابا نفسه الذى انتقد رسول المسلمين ووصفه ب«الشرير» وسبب صدمة واسعة بين صفوفهم.
وأشير هنا إلى مقالة بارزة لرالف كورى، وهو أستاذ فى كلية التاريخ فى جامعة فيرفيلد، عرض فيها العديد من الانتقادات التى يوجهها معارضو البابا لتصريحاته حول الإسلام، حيث وصفوا تلك الانتقادات بأنها تكشف عن تحيزات شخصية ضد الإسلام، حيث قال «هناك تمييز واضح بين الرجل والمرأة فى الإسلام»،
وقال: «إن هناك قانوناً جنائياً إسلامياً متشدداً للغاية ضد كل الأفكار الحديثة التى نؤمن بها». وقال بنديكت أيضا إن المسيحية اتخذت شكلها المميز فى أوروبا على الرغم من ظهورها فى الشرق.
وجاءت تصريحات البابا حول اليهود غير مريحة وشاذة عن السياق العام، حيث أخبر قائد يهودى أن «أى شىء مهم وأساسى لليهود، أساسى ومهم له (البابا) أيضا»، وقال: «إننى أعتقد أن هناك شيئاً مميزاً بشأن هذه المجموعة التى يرتبط تاريخ العالم فى جميع مراحله بها بشكل أو بآخر».
وما يمكن أن نستقيه من كل هذا أن البابا ليس بريئا كما يبدو، وكذلك مستشاروه الضعفاء، وهو يرى المسيحية بمثابة ديانة «غربية» متفوقة على ما عداها، وهى مستعدة للحط من شأن الديانات الأخرى حتى تعترف بها، وأؤكد أن البابا يعرف ما يفعله وما يقوله، وكنت قد اعتدت على النظر إليه على أنه رجل ألمانى عجوز وسخيف، ولكننى الآن أراه بمثابة شىء مؤذٍ.
ترجمة خالد عمر عبدالحليم