فى الحادى عشر من ديسمبر الماضى أتم المخرج البرتغالى مانويل دى أوليفيرا المائة من عمره، وأصبح المخرج الوحيد الحى الذى عمل فى السينما الصامتة، وأول مخرج فى تاريخ السينما يكمل المائة وهو يعمل ليس فى فيلم واحد، وإنما فى فيلمين يصور أحدهما ويكتب الفيلم التالى. توقف دى أوليفيرا عن العمل فى فيلمه «الشقراء غريبة الأطوار» يوم عيد ميلاده المائة فى استراحة أطول قليلاً من فترات الاستراحة المعتادة، وبعد أن تناول غداء عيد الميلاد، وشرائح من تورتة الشيكولاتة التى يحبها، عاد واستأنف التصوير ليكون الفيلم جاهزاً فى الوقت المناسب للعرض فى مهرجان برلين «5-5 فبراير»، وبالفعل عرض الفيلم فى المهرجان الذى كرم فنان السينما الكبير. وفى الوقت نفسه كان دى أوليفيرا يفكر فى فيلمه التالى «حالة أنجيليكا الغريبة» ويوشك على كتابته ليبدأ التصوير بعد مهرجان برلين وينتهى منه بحيث يكون جاهزاً للعرض فى مهرجان «كان» «13 - 24 مايو». أخرج الفنان المئوى للسينما أفلاماً تسجيلية وروائية من مختلف الأطوال من 10 دقائق إلى 7 ساعات مدة عرض فيلمه «حذاء الشيطان» كاملاً، كما أخرج للمسرح، وهو أيضاً رسام ونحات وممثل وكاتب سيناريو ومونتير ومن بين أفلامه الروائية الطويلة «زيارة: ذكريات واعترافات» الذى أخرجه عام 1982، ولكنه لم يسمح بعرضه، وأوصى بأن يعرض بعد وفاته فقط، وهكذا سيتاح لمن يعيشون بعده أن يشاهدوا له فيلماً جديداً وهو غائب عن الدنيا بعد عمر طويل، وقد كان المفكر الراحل أحمد صدقى الدجانى، الذى كان بمثابة أخ كبير لى وصديق عظيم، عندما يسمع خبر وفاة يسأل عن عمر الفقيد، وإذا كان فى الثمانين أو بعدها يقول: «صغير»، وكنت أندهش وأسأله كيف، فيرد، ما دام هناك من يعيشون حتى المائة، فمعنى هذا أنه أمر ممكن يمنحه الله سبحانه وتعالى لبعض الناس. ومن المصادفات المدهشة أن تعريف دى أوليفيرا فى كتابى عن أعلام الإخراج السينمائى فى دول الاتحاد الأوروبى الذى صدر عام 2004 يأتى فى صفحة مائة، ويشمل ذلك التعريف قائمة بأفلامه القصيرة الاثنى عشر، وأفلامه الطويلة ال 24 التى أخرجها حتى 2004، وقد أضاف فى السنوات من 2005 حتى العام الماضى أربعة أفلام، وأضاف هذا العام الفيلم الذى عرض فى مهرجان برلين، ثم الفيلم الذى سيعرض فى مهرجان «كان» إن شاء الله ليصبح الفيلم الثلاثين الطويل. [email protected]