شابان فى العقد الثالث من عمرهما، يجلسان أمام المحل الذى يعملان به.. الساعة تتجاوز التاسعة مساء، فى انتظار أن يمر عليهما زبون واحد يرغب فى شراء أى من السلع المعروضة، أو حتى يلقى عليهما السلام، هكذا بات الوضع فى محال وبازارات منطقة «الحسين» بعد وقوع انفجار الأحد الماضى. كراسى متراصة ومتلاصقة تخلو من الجالسين، يقف بجوارها عمال المقاهى، الذين انشغلوا تارة بالحديث عن «وقف الحال»، وأخرى بالصمت الذى أصبح يسكن المكان كله، ولا يقطعه إلا حركات المارة من رجال الشرطة، فى جولات تفقدية للمنطقة. فى شارع خان الخليلى، الذى يعد من أشهر الشوارع السياحية بمنطقة الحسين، والذى لم يكن يخلو من المارة ليل نهار، باتت الحركة «معدومة» على حد وصف محمد صلاح، صاحب بازار به، يقول صلاح: «منذ الصباح الباكر واحنا فاتحين محلاتنا، ولم يمر علينا ولا زبون واحد يشترى حاجة ولا حتى يقول سلام عليكم». يضيف: «لم تكن حركة البيع والشراء قوية مثلما كان الوضع منذ سنوات ماضية، فكان الربح يصل إلى 200 أو 300 دولار فى اليوم الواحد، لكننا الآن وبعد الانفجار الأخير لم نكسب جنيهًا واحدًا». التفجير الأخير كان له تأثير أكبر على مستأجرى البازارات بخان الخليلى فيقول كريم سعيد مستأجر بازار: «استأجرت متر فى متر من صاحب المكان وأدفع شهريًا 5000 جنيه لكى أبيع فيه الساعات، وكنت أستطيع تجميع المبلغ لأن المكان سياحى لكن اليوم ركود عام وصل إلى درجة تحت الصفر، وإذا استمر الوضع هكذا فسأضطر لترك المكان والعمل فى مكان آخر». المشكلة أن مئات العمال بالحسين يعملون «أرزقية» يتقاضون أجرًا نظير نسبة معينة من البيع، وهو ما قاله أكرم أبوالعلا، عامل فى مقهى شهير: «المشكلة أننى وكثيرين غيرى نتقاضى أجراً نظير نسبة من البيع، وهو ما يجلعنا فى ورطة كبيرة نتيجة أن أغلبنا مسؤول عن أسرته فكيف يمكننا أن ننفق عليهم وهذا الوضع مستمر». ويرى علاء رمضان، مدير بازار، أن التفجير الأخير أعاد للأذهان آثار التفجير الذى وقع فى أبريل 2005 فى منطقة الأزهر، واستمر الركود بعد تفجير الأزهر لمدة تجاوزت سبعة شهور، ويضيف: «كلما حدث انفجار شعر المواطنون بالذعر وخافوا على أنفسهم من التواجد بالحسين، لذا لا ينبغى التهويل من الموقف، خاصة أن ما يحدث متوقع حدوثه فى أى مكان وفى أى دولة، ولكى يعود الوضع كما كان عليه ينبغى طمأنة الناس». المكان يكاد يخلو من السياح، ولم يعد يضج بالمصريين كما كان أو حتى الخليجيين».. يقول وليد عباس: «كنا نتوقع إقبالاً كبيرًا من الخليجين بالمنطقة خاصة أنهم فى إجازة نصف العام بالنسبة لهم وكنا نتوقع حالاً أحسن من هذا لكن ما حدث جعلنا نتوقع هروب السياح إلى مكان بديل مثل وسط البلد أو المهندسين أو جامعة الدول العربية».