أقال رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت أمس اللواء فى الاحتياط رئيس دائرة الشؤون الأمنية والسياسية بوزارة الدفاع عاموس جلعاد من منصبه كمبعوث لرئيس الحكومة للمفاوضات مع مصر، بسبب الانتقادات التى وجهها للحكومة الإسرائيلية بشأن موقفها من اتفاق التهدئة الذى تتوسط فيه القاهرة بين حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وتل أبيب. فجر هذا القرار أزمة بين أولمرت ووزارة الدفاع الإسرائيلية التى تمسكت بجلعاد مبعوثا خاصا لها لدى القاهرة، محذرة من أن هذا القرار سيسبب أضرارًا كبيرة على إسرائيل كلها. وقال مسؤول بمكتب رئاسة الوزراء الإسرائيلى: «قرر أولمرت تعليق مهام عاموس جلعاد كمفاوض مع مصر لأنه لم يعد يحظى بثقته». وأضاف المسؤول الذى طلب عدم ذكر اسمه «كان جلعاد يضطلع بدور حساس لأنه يجرى مفاوضات مع مصر حول التهدئة مع حماس والإفراج عن الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط، لكن للأسف تصرفه ولاسيما المقابلة التى أجراها الأسبوع الماضى مع صحيفة (معاريف) جعلته يفقد الثقة التى كان يوليه إياها المسؤولون الإسرائيليون». وأضاف المسؤول أن «الاتصالات مع مصر ستتواصل بواسطة مسؤول كبير فى مكتب رئيس الوزراء». وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن أولمرت «انزعج من حوار أجراه جلعاد الأسبوع الماضى مع صحيفة معاريف الإسرائيلية انتقد فيه موقف الحكومة الإسرائيلية بربط التهدئة بملف الجندى الإسرائيلى الأسير لدى حركة حماس» ووجه جلعاد إلى أولمرت تعبيرات قاسية له ولوزراء حكومته ووصفهم بأنهم «مجانين» خاصة أن أولمرت غير رأيه فى هذا الملف فى اللحظة الأخيرة متلاعبا بالمصريين الذين جاهدوا للوصول إلى اتفاق يرضى عنه جميع الأطراف على حد تعبيره. وأضاف جلعاد قائلا: «انتوا فاكرين المصريين شغالين عندنا، فى مصر شعب يصل تعداده إلى 85 مليون مواطن، أنتم تتعاملون مع مصر التى كادت تدمرنا عام 1948، وألحقت بنا الهزيمة فى أكتوبر 1973». ولم يكتف أولمرت بإقالة جلعاد من منصبه، بل أصدر قرارا بمنعه من دخول مقر رئيس الوزراء، ومن حضور المداولات الأمنية التى تعقدها الحكومة، ومنع المسؤولين الحكوميين من حضور أى فعاليات يشترك فيها جلعاد. وبالإضافة لذلك طلب من لجنة الخدمة المدنية الإسرائيلية التحقيق لمعرفة ما إذا كانت أقوال جلعاد تخرق الأعراف الإدارية المعمول بها. وتقدم رعنان دينور مدير مكتب أولمرت بشكوى لمفوض الخدمة المدنية اعتبر فيها أن جلعاد مثل خروجا عن الانضباط لأنه وجه انتقادا غير مناسب لرئيس الوزراء كما أنه سرب مناقشات خاصة وكشف النقاب عن مواقف إسرائيلية فى مفاوضات حساسة مع مصر. وقالت رسالة الشكوى التى أرسلت أيضا لوزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك إن «تصريحات جلعاد رسالة خطيرة يبدو أنها تلحق ضررا بالعلاقات الخارجية الإسرائيلية وبوضع رئيس الوزراء». وجاء تحرك أولمرت بعد نحو 6 أيام من تصريحات جلعاد لمعاريف. غير أن قرار أولمرت تسبب فى حالة من الغضب بصفوف وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وأوضحت مصادر أمنية رفيعة لصحيفة معاريف أن جلعاد مازال يواصل مهام منصبه كرئيس للدائرة الأمنية والسياسية بوزارة الدفاع، ويواصل إجراء اتصالاته مع الجهات الدولية، وخاصة مصر، مكلفا بذلك من قبل وزارة الدفاع. وحذرت المصادر نفسها، من أن قرار أولمرت يضر بالمصالح العليا لدولة إسرائيل، موضحة أن من حق أولمرت كرئيس للوزراء أن يستغنى عن خبرات وقدرات عاموس جلعاد، لكن عليه أن يعلم أن الضرر، وقتها، لن يقع عليه وحده، بل سيقع على كاهل إسرائيل كلها. من جانبها قالت حركة حماس على لسان فوزى برهم المتحدث باسمها تعقيبا على إقالة جلعاد إنه «لم تكن هناك نية لدى حكومة الاحتلال الصهيونى لإبرام أى اتفاق تهدئة أو إنهاء صفقة تبادل الأسرى». وأضاف برهوم فى بيان أن «ما تقوم به حكومة الاحتلال هو عبارة عن توظيف سىء للجهود المصرية فى هذه الملفات»، محملا «حكومة الاحتلال المسؤولية المباشرة عن تعطيل جميع جهود التهدئة». وفى نفس السياق فجرت قرارات أولمرت الأخيرة معركة بينه وبين وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك. خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلى تعمد توبيخه علانية، فى اجتماع الحكومة الأمنية المصغرة الثلاثاء الماضى، ونسب له الموافقة على اتفاق التهدئة بالصورة التى توصلت إليها مصر، مخالفا بذلك رأى أغلبية وزراء الحكومة الإسرائيلية. أولمرت قال لباراك أمام بعض الموظفين، بحسب صحيفة هاآرتس، «يبدو أن اللواء عاموس جلعاد تأثر بعاداتك الذميمة فى تسريب القضايا الحساسة للصحف». إيهود باراك، من جانبه، أصدر بيانا صحفيا دافع فيه عن عاموس جلعاد، وجاء فيه: «إن الاتهامات التى وجهها إيهود أولمرت للواء جلعاد ليس لها أساس من الصحة، جلعاد لم يفتح قناة تفاوض مستقلة مع المصريين، وكان يسافر فى كل مرة بتفويض من رئيس الوزراء، ووزير الدفاع ووزيرة الخارجية».