فى عزلة وخوف، تعيش النساء المصابات بالإيدز فى مصر، تطاردهن وصمة المرض اللعين، ونظرة المجتمع القاتلة، يتعايشن مع كارثة المرض بشجاعة، غير أن المعاناة التى تصادفهن جعلت الأمر يبدو كما لو كن منبوذات اجتماعيًا، وحسب دراسة أجرتها الجمعية المصرية للدراسات السكانية عن «المرأة والإيدز فى مصر»، فإن العزلة هى أقسى شىء يواجه مريضات الإيدز. أولى حالات الاصابة بالإيدز بين المصريين عام 1986 كانت تخص سيدة مصرية فى شهور حملها الاولى وتم ترحيلها من إحدى الدول بعد أن اكتشفت السلطات الصحية فى هذه الدولة إصابتها بالمرض. وبعد عودتها إلى مصر أودعت الحجر الصحى بمستشفى الحميات، حيث عزلت وعند إقتراب موعد الولادة لم تجد هذه السيدة طبيبا يقبل القيام بتوليدها إلى أن تطوعت إحدى الحكيمات بالمستشفى لمساعدتها فى الولادة ولولا شجاعة هذه الحكيمة لماتت السيدة ومولودها. قصص سيدات مصريات من المتعايشات مع الإيدز تم تقديمهن بأسماء غير حقيقية لإضفاء الطابع الشخصى على قصص حياتهن، يعشن محنة الإصابة بالفيروس ولسن مجرد أرقام أو حالات للإصابة بالعدوى بعيدة عن الواقع. قصص حياة هؤلاء السيدات تؤكد أن الوصمة ضد الأشخاص المصابين هى جوهر تجربة التعايش مع الإصابة بعدوى الإيدز وذلك لتأثيرها السلبى على الحالة النفسية والاجتماعية وتسببها فى هدم حياة هؤلاء النساء إلى أن انتهى بهن الأمر إلى أن يعيشن وحيدات منعزلات فى مجتمعهن. «الوصم» ضد المتعايشين بالإيدز يعد سببا مباشرا لتمزق الروابط الأسرية بدرجات متفاوته وحدوث نزاعات بين المصابه وأفراد أسرتها وجيرانها وأصدقائها كما لوحظ حدوث تغير كبير فى علاقة السيدة بالابنه والأخت وأخت الزوج بمجرد معرفتهن بإصابتها بالعدوى ولذلك فقد فضل بعضهن إخفاء إصابتهن بالعدوى عن الجميع وقررن تحمل صعوبة المعاناة بعيدا عن مساندة أفراد الأسرة المقربين أو الأصدقاء بالإضافة إلى عبء إخفاء الأعراض المرضية المرتبطة بالإصابة بالفيروس عن الآخرين. وفى إحدى الحالات رفض الأطباء معالجة الطفلة المريضة عندما أفصح والدها عن إصابتها بالفيروس وطلبوا من والديها مغادرة العيادة الخاصة فورا دون توقيع الكشف الطبى على الطفلة. وأكدن أنهن اعتدن تجنبهن من قبل مقدمى الرعاية حتى فى مستشفيات الحميات المخصصة لتقديم العلاج لمرضى الإيدز وأن الممرضات بصفة خاصة ترفضن ملامسة مرضى الإيدز وتخشين أى احتمال لانتقال العدوى إليهن وللأسف فقد توفيت إحدى الحالات إثر إجراء عملية جراحية لها وذلك نتيجة للمضاعفات الصحية، التى لم يتم إتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة لتجنبها.. وفى حالات كثيرة تختلف طريقة معاملة السيدة المصابة بالإيدز عن معاملة الرجل المصاب، فغالبًا يتم التماس العذر للرجل على سلوكياته التى أدت لإصابته بالعدوى، بينما يتم تلويث سمعة المرأة المصابة بالفيروس حتى فى الحالات التى انتقلت إليها العدوى من الزواج.
