أدهشنى أن أحد السادة السفراء من عينة «اللطافة والكلام الناعم» اضطر إلى فتح كتاب الدبلوماسية من أول صفحة.. فقد ظهر السفير «اللطيف» ليوضح للرأى العام، لغة السادة العاملين فى وزارة الخارجية وأولئك يحترفون مهنة الدبلوماسية.. وما إن انتهيت من الاستماع إليه.. حتى كان ضغطى – المنخفض أصلا – قد ارتفع بشكل غير مسبوق.. ربما لأن الوجبة التى قدمها كانت عبارة عن طعام للأطفال فيما قبل السنوات الست!! فسعادة السفير قال كلاما «سيريلاك» و «جربر» كثيرا جدا!! وليته يفهم أننى أرهقت نفسى لمعرفة هذه النوعيات من أكل الأطفال حتى أبدو عند مناقشته دبلوماسيا.. فالتسلح بكام كلمة غامضة مع كام كلمة إنجليزى على فرنساوى على أسبانى على إيطالى يسمح لى بأن أناقش مسألة الدبلوماسية وأداء وزراء الخارجية فى القرن الواحد والعشرين.. ويمكننى أن أرشقهم بما يصيبهم بالدهشة، كما يفعلون معنا حين يحاولون التأكيد على أن الدبلوماسية كيمياء تستعصى على الفهم.. وأستطيع الزعم بأننى أعلم كل شىء عن «هانا مونتانا»!! أسمع كلام وزير خارجيتنا، واسمه لا علاقة له بشكله أو مضمونه.. فإذا كان هو «أبوالغيط» فأقسم أنه لا يعرف معنى كلمة «غيط».. وليأذن لى أن أتجاوز – معتذرا – لأقول له إننى كلما استمعت إليه أتذكر «الكوافير».. وحتى لا يفهمنى أحد خطأً أحدد «الكوافير» الحريمى باعتباره أكثر شياكة وتهذيبا ولباقة وقدرة على الكلام دون أن يقول شيئا.. فوظيفة الكوافير تفرض على الذى يمتهنها أن يُدخل فى روع العجوز الشمطاء أنها شابة وفاتنة وساحرة.. وهذا رأيته من وزير خارجيتنا يوم أن التقى الوزيرة الجميلة جدا «كوندوليزا رايس»، فهو كلما كان يستقبلها تظهر عليه علامات الرضا والسعادة والحبور، ويهرول ليصافحها بحميمية وحب شديدين.. ويظهر كل ما يملك من إمكانيات لإقناعنا بأن «الأمورة» شديدة الإعجاب به وأنه يحاول إرضاءها - رغما عن أنفه – لكنها مقتضيات الوظيفة.. فما بالنا إذا التقى بفاتنة وجميلة من عينة «تسيبى ليفنى»، فلابد أنه سيبالغ فى الرقة ويشدد على إظهار السعادة.. فالمرأة فيها رائحة أنوثة لا تتجاوزها غير رائحة الإجرام المتأصلة فى بنى جلدتها، لذا لم أستغرب يوم أن أمسك بيديها باعتبار أن «أبوها كان قائد طابية»!! الدبلوماسى شيك ولطيف ولبق وخفيف الظل.. والكوافير لا يختلف فى صفاته كثيرا عما يملكه إخواننا «بتوع السفارات».. وأتمنى ألا يعتبر أحد أن فيما أراه من أوجه شبه محاولة للتقليل من قيمة الكوافير ولا السخرية من وزير الخارجية والذين معه.. وقد عشت تجارب عديدة مع سفراء وعاملين فى وزارة الخارجية، كانت تنتهى بأن أحاول إقناع نفسى أنهم يعملون فى وظيفة أكبر من أن أفهمها.. حتى جاءت لحظة أزمة كبيرة وعصيبة.. لأنقلب على ذاتى وأسعد بنفسى وقد عرفت أن «كل شىء انكشف وبان»!! فالكارثة التى تتعرض لها غزة تحملها بأكملها الرئيس حسنى مبارك.. وهذه شهادة حق لا تنفى رفضى لكل معاونيه فى قطاع الإعلام والخارجية بالتحديد.. كما لا تنفى عدم قناعتى بأولئك الذين يحيطون به فيما يسمى حزب الأغلبية – إلا قليلا من الرجال – وكان حزنى شديدا على القائد العسكرى والسياسى الداهية والمصرى حتى النخاع «حسنى مبارك»، لأنه لم يجد فيمن حوله من يقدر على الصمت للمشاركة فى تعظيم إنجاز معالجته كارثة غزة!! لكن المأساة تفاقمت بمتابعتى أداء وزير الخارجية المصرى – الأقرب لأداء الكوافير – فى لحظة تستدعى وجود أصحاب وظائف أخرى.. أهمها وظيفة الدبلوماسى باعتباره قادرا على ضبط إيقاع السياسة برفع درجة حرارتها وقت اللزوم وخفضها إذا استلزم الأمر.. لكننا وجدنا مهندس الدبلوماسية يحاول تجميل ما لا يمكن تجميله باعتباره جميلا أصلا.. ويفشل فى تزيين ما يجب إخفاء القبيح منه.. والقبيح وقت الأزمة كان متمثلا فى الأداء الإعلامى – صحافة وتليفزيوناً وإذاعة – لأنه من نفس النسيج الذى يؤدى به أولئك أعمالهم.. فإذا كنا نملك وزيرا للخارجية يؤدى بطريقة «الكوافير» الحريمى!! فنحن لدينا إعلام – صحافة وتليفزيوناً وإذاعة – يلعب دور «الكوافير» الرجالى.. وفى بلدنا كانوا يسمونهم «الحلاقين»!! ومعروف عنهم إنهم بتوع كلام فارغ جدا!! [email protected]