يوم الأربعاء الماضى، كشفت فى هذه الزاوية عن واحدة من أخطر جرائم الائتمان المصرفى، هى جريمة استيلاء مدير فرع بنك التنمية والائتمان الزراعى بقرية ترسا مركز طوخ قليوبية على معظم ودائع مئات المواطنين، وأشرت إلى أن هذا المدير هو أحد القيادات الشعبية المحلية بالحزب الوطنى فى القليوبية، وقلت أيضاً إنه زوج شقيقة قيادة حزبية، وعضو مجلس شعب عن الحزب الوطنى. وصباح الأربعاء الماضى تلقيت اتصالاً من المحاسب على شاكر، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى، الذى دعانى لزيارته فى مكتبه للاطلاع على الإجراءات التى اتخذها البنك مع هذا المدير المسنود.. وفى الطريق إليه تلقيت اتصالاً ثانياً من السيد أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضى الذى أكد لى أنه لم يتوان لحظة واحدة، لا هو ولا إدارة البنك الرئيسى، عن تقديم هذا المدير المسنود لنيابة الأموال العامة وللنيابة الإدارية، بمجرد اكتشاف الجريمة، وطلب منى التوجه إلى مقر البنك الرئيسى للاطلاع بنفسى على ملف هذه القضية. فى مكتب المحاسب على شاكر، وجدت أمامى ملفا كاملاً، يضم تقارير لجان التفتيش عن أداء هذا المدير، اتضح منه أن مفتشى البنك اكتشفوا فى 6 يوليو 2008 عدداً كبيراً من المخالفات المالية والإدارية «تتمثل فى التلاعب فى حسابات العملاء، والتلاعب فى الحيازات الزراعية، والتزوير فى إيصالات صرف القروض، وإيصالات دفاتر التوفير، بغية اختلاس الأموال لنفسه». مساء يوم 7 يوليو 2008، توجه المحاسب على شاكر إلى مكتب وزير الزراعة، وأطلعه على الجريمة، فأمره أمين أباظة بالتوجه فوراً إلى نيابة الأموال العامة، وإصدار قرار بوقف هذا «المدير المسنود» عن العمل، وإحالته إلى النيابة الإدارية للنظر فى إجراءات فصله. صباح اليوم التالى تقدم البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى ببلاغ رسمى إلى نيابة الأموال العامة العليا، قيد تحت رقم 1048 حصر أموال عامة عليا بتاريخ 8/7/2008، وهو اليوم ذاته الذى تم فيه إيقاف المدير عن العمل فى البنك، وإحالته إلى النيابة الإدارية للتحقيق معه فى المخالفات المالية والإدارية التى تم حصرها فى 47 مخالفة فقط، تصل حجم المبالغ المختلسة فيها إلى حوالى 2 مليون جنيه. كل هذا جميل ورائع، ولكنى أتساءل: ما هو مصير عشرات بل مئات الضحايا الذين استغفلهم المدير اللص وسرق ودائعهم واستولى على قروض بضمان حيازاتهم الزراعية؟ لجان التفتيش التابعة للبنك لم ترصد سوى 47 حالة فقط، والواقع يؤكد أن هناك عشرات الحالات الأخرى التى لم يتم رصدها، ورئيس البنك يقول إنه فى انتظار قرار النيابة، فإذا اتهمت المدير اللص بشخصه فلا شأن للبنك بأموال الضحايا، أما إذا اتهمته بصفته، فالبنك ملزم برد أموالهم! هل هناك أدنى شك فى أن هذه الجريمة الفظيعة لم يكن لها أن تتم إطلاقاً، إلا لأن هذا المدير المسنود، هو أساساً مدير البنك؟! يا معالى الوزير أرجوك.. «الناس مش ناقصة مظالم»، ومدخرات الغلابة فى بنوك القرى لا تحتمل أبداً هذا الانتظار الطويل على رصيف الفقه القانونى، حتى يتم الفصل بين «بشخصه وبصفته».. أو حتى يتمكن المتهم من إرغام الضحايا على التصالح! [email protected]