(1) الأهلى والإسماعيلى.. الجريمة والعقاب فوجئت بأننى إذا أردت الكتابة عن مباراة الأهلى الأخيرة فى الإسماعيلية.. فلابد أن أقرر أولاً من أنا وأين مكانى بالضبط قبل الشروع فى الكتابة.. أو أن أكتب عن تلك المباراة ثلاث مرات.. مرة كأحد الدراويش وكعاشق للإسماعيلية وفريقها.. ومرة كأحد أبناء الأهلى الذين لا يعيشون الحياة ولا يتعاطونها إلا باللون الأحمر.. ومرة كإعلامى يريد التميز والاختلاف عن الآخرين فيشد انتباه الجميع ويثير اهتمامهم بما يقوله أو يكتبه.. ففى المرة الأولى لن أتحدث إلا عن الشغب الأهلاوى وعن المتطرفين الحمر الذين تزداد شراستهم يوماً بعد يوم.. والذين أشعلوا نار الغضب والكراهية حين قذفوا بالصواريخ أرض الملعب فى بداية المباراة.. وفى المرة الثانية سأكتب عن الإسماعيلية وجماهيرها الذين تجاوزوا كل الحدود وأحالوا ملاعب الكرة إلى ساحات للدم والعنف والحقد ولم تعد الكرة تستهويهم بقدر الجنون والفوضى.. أما المرة الثالثة فهى التى سأخترع فيها حكاية جديدة عن أبوتريكة أو سأتخيل تفاصيل جديدة تخص إبراهيم سعيد لأبدو فى النهاية وكأننى أعلم ما يجهله الآخرون وأعرف التفاصيل والأسباب الحقيقية التى أدت إلى كل هذا العنف فى استاد الإسماعيلية يوم الثالث من يناير عام 2008. وللأسف الشديد.. معظم من تحدثوا عن تلك المباراة أو كتبوا.. لم يجدوا أمامهم إلا الاختيار بين واحدة من تلك الحالات الثلاث التى ذكرتها.. وكأنه بات من الصعب جداً أن يصبح الإنسان منتمياً للنادى الأهلى ويرى ويقر ويعترف بأخطاء ارتكبتها جماهير الأهلى.. أو صعب جداً أن ينتمى أحدهم للإسماعيلية ولا يرى أو يشهد كل هذه الأخطاء والجرائم التى ارتكبها جمهور الإسماعيلى بمنتهى الإصرار والترصد.. وهى الحالة التى وصلنا إليها بعد أن أصبحنا كلنا متطرفين.. كل واحد فينا لم يعد يرى إلا أخطاء الآخروجرائمه.. ولم يعد هناك فارق بين من يجلس فى المدرجات أو يجلس أمام كاميرا أو ميكروفون أو ممسكاً بورقة وقلم.. وبات من المنطقى أن يغيب المنطق عن ساحات الكرة وملاعبها فى بلادنا.. بات من الطبيعى أن تتحول من لعبة إلى ساحة للتفاخر والتظاهر وخطف الحقوق والتسابق على تجريح الآخرين وإهانتهم.. بل يتسابق جميع الإعلاميين والمسؤولين أيضاً إلى إرضاء الجماهير على حساب الحقيقة والمصلحة.. ومثلما لم يخرج أحد ليدين بعض متطرفى الأهلى فى مباريات سابقة.. أيضاً لم يخرج أحد ليدين جماهير الإسماعيلى فى مباراة الأهلى.. وقد حاولت أن ألتمس أى أعذار لجماهير الإسماعيلى ولم أنجح.. لم أفهم أيضاً ولم أملك مبرراً واحداً لكل هذا الخروج على الأخلاق وعلى النظام.. وتحطيم الملعب ومقاعده والشوارع ومقاهيها والسيارات.. ولن أساير أساتذة وزملاء حاولوا قدر جهدهم.. وخوفهم.. التماس الأعذار بالحديث عن إحساس جماهير الإسماعيلى بالظلم والحقد على الأهلى لأنه خطف أجمل أولادهم وأغلى لاعبيهم.. بل كان هناك من تطوع بالحديث عن الإسماعيلى فى زمن التهجير عقب هزيمة يونيو.. ولم يكن ذلك كله إلا مجرد عبث وكلام فارغ وتسطيح لكل شىء.. فلا هى كانت المرة الأولى التى يلعب الأهلى فيها فى الإسماعيلية بعد انتقال بركات أو سيد معوض أو غيرهما.. ولا هى بالتأكيد المرة الأولى التى يلعب فيها الأهلى فى الإسماعيلية بعد هزيمة 1967.. ولا الإسماعيلى قدم مباراة رائعة استحق فيها الفوز لولا أخطاء وجرائم ارتكبها الحكم فسرق من الإسماعيلى الفوز والانتصار.. وأظن أنه قد آن أوان أن نبتعد عن مثل هذه التفاسير والتبريرات سابقة التجهيز.. وأن نواجه أنفسنا بعيوبنا ومشكلاتنا وجرائمنا.. وأن ينال كل من يخطئ العقاب الذى يستحقه دون التماس أعذار من حواديت التاريخ وكتب الدراسات الاجتماعية.. وأن يقتنع اتحاد كرة القدم أنه بعقوباته التى وقعها سواء على الأهلى أو الإسماعيلى.. قدم لنا دليلاً جديداً على ضعف هذا الاتحاد وعلى أنه لا أمل قريباً فى إصلاح الكرة المصرية التى من الواضح أنها تعيش آخر أيامها كلعبة والكتابة عنها ستنتقل قريباً من صفحات الرياضة وبرامجها إلى صفحات الحوادث والقضايا وبرامج الجريمة وما وراء القضبان. وعلى الرغم من عدم استلطاف دائم ومتبادل بينى وبين الأمن.. فإننى مضطر للإشادة برجال الأمن وما قاموا به أثناء مباراة الأهلى فى الإسماعيلية.. فلولا جهودهم لكانت معركة الإسماعيلية تشابهت مع معركة غزة فى عدد ضحاياها وخسائرها، بعد أن فاقت معركة الإسماعيلية معركة غزة، فى الشكل العام وفى الصور التى تؤكد سقوطنا الأخلاقى والفكرى والرياضى.. ويكفى ما نشرته الصحافة الإسرائيلية وهى تسخر من المصريين الذين فشلوا فى التضامن مع غزة ولو حتى فى ملعب كرة قدم.. وأؤكد أنه سيصبح خذلاناً للأمن وانتقاصاً من قدره وجهوده وضرورته أن تتواصل الاتصالات والتدخلات للإفراج عن المحتجزين سواء من جماهير الإسماعيلية أو حتى جماهير الأهلى.. فلابد من الاحتكام للقضاء حتى النهاية دون البحث عن أعذار وادعاء أننا بغلق الملفات نحمى شباباً صغاراً من فقدان المستقبل.. فلابد من حساب وعقاب رادع.. ولابد من أن نفيق كلنا ونخضع لقانون واحد وصارم لا يجيد التفريق بين الألوان وأبناء الكبار وأبناء الفقراء. (2) الزمالك.. خطايا الأرض وغفران السماء تعرضت لرفض وسخرية بعدما طالبت بتدخل الرئيس مبارك لإنقاذ الزمالك واستثنائه من أى قوانين وأحكام ولوائح تمنع إجراء الانتخابات فى النادى الكبير فى أسرع وقت.. وكان ذلك إيماناً منى واقتناعاً بأن الانتخابات وليس غيرها هى نقطة البداية التى لابد منها لطريق إصلاح نادى الزمالك وضبط أموره.. وقيل لى وقتها إن الرئيس مبارك لديه ما يكفيه من شواغل وهموم وبالتالى فلابد من إبعاده عن نادى الزمالك وما يجرى فيه.. قيل أيضاً بسخرية وتهكم كيف نطالب بدولة المؤسسات والقانون، بينما حين تصادفنا أزمة ما.. نجرى ونصرخ نطلب الاستثناء من النظام والقانون.. ولا أملك ما أرد به على هؤلاء إلا أننى طلبت تدخل الرئيس مبارك ليأمر بإجراء الانتخابات فى الزمالك، وهو أمر لا يحتاج إلا لأمر رئاسى.. ولن يتعارض مع هموم الرئيس وشواغله.. ولا أزال أرى أن إنقاذ نادى الزمالك من عثرته وواقعه الحزين والمؤلم أمر يستحق ساعة أو ساعتين من وقت الرئيس الذى لم يبخل بثلاث ساعات لتكريم منتخب سيدات الإسكواش الفائز ببطولة العالم.. كما أؤمن أن إجراء الانتخابات الآن فى الزمالك لن يصبح خروجاً على النظام والقانون.. ولكن من الواضح أن بعضهم هم الذين لا يريدون فى الزمالك انتخابات أو إصلاحاً أو تغييراً لهذا الواقع الذى يحرج عشاق الزمالك، بينما يستمتع به كل المتاجرين بالزمالك والمنتفعين بهمومه ومشكلاته.. ولا أعرف متى سيتوقف كل هؤلاء ويعترفون بكم ما ارتكبوه من أخطاء وخطايا.. لا أعرف أيضاً متى سيصغى هؤلاء لصوت أبناء الزمالك وجماهيره الغاضبة والحزينة والمجروحة.. ومتى سيتوقف هؤلاء عن تعاطى أقراص المسكنات بدلاً من الجراحة الضرورية والعاجلة لإنقاذ الزمالك قبل أن يموت.. وكان مسكناً جديداً ابتدعه الجهاز الفنى لنادى الزمالك هو استدعاء الدكتور صفوت حجازى لإلقاء محاضرات دينية على لاعبى الزمالك للتخلص من أزماتهم.. وشعرت بأن ذلك هو منتهى العبث والفوضى.. ولا أعرف من الذى أفهم أحمد رفعت أو أقنعه بأن ما يجرى فى الزمالك الآن هو غضب من الله، وبالتالى فالحل الوحيد الباقى هو العودة إلى الله.. وهو بالتأكيد شىء جميل أن نعود إلى الله فى أى وقت وأن نحافظ كلنا على صلاتنا وصيامنا ونطلب من الخالق غفرانه عن ذنوبنا وخطايانا.. ولكن ما علاقة ذلك كله بما يجرى فى الزمالك.. وهل لو استجاب لاعبو الزمالك وقضوا النهار صياماً والليل صلاة وراء الدكتور صفوت حجازى.. ستنصلح أحوال الزمالك وسيفوز على الأهلى بعد غد.. أم أنه خلط بين الأوراق والأفكار.. ومحاولات دائمة لنفى الاتهامات عن بعضهم حتى ولو كان المقابل هو إلقاء التبعة على السماء.. خلط فادح وفاضح لن يصلح إلا تأكيداً جديداً على فشل المجلس الجديد الذى تم تعيينه للقضاء على آخر ما تبقى من أمل وحلم بإنقاذ نادى الزمالك. (3) اتحاد الكرة.. فضائح وفساد وحقوق غائبة لم يعد ممكنا أو لائقا السكوت على ما يجرى فى اتحاد الكرة.. وبالتحديد لجنة الحكام على سبيل المثال حيث بات يجرى اختيار حكام بعينهم لأندية بعينها على الدرجتين الثانية والثالثة.. وكل ذلك لأن أحد أعضاء مجلس إدارة الاتحاد تربطه علاقة خاصة جداً.. سواء من باب تبادل المصالح أو محاولات رد الجمائل.. بهذه الأندية وبالتالى هو مضطر لاختيار حكام يؤمنون بأن الكرة زائلة واللجنة زائلة والشطار وحدهم هم القادرون على استثمار أى فرصة سواء للبحث عن وظيفة أو الحصول على منحة مالية تعين على أعباء الحياة الصعبة.. كما أن ملف الكرة الخماسية فى اتحاد الكرة الموقر بات من الضرورى فتحه أمام الجميع.. ليس فقط بعد خسارة البطولة العربية التى قمنا بتنظيمها فى بورسعيد.. ولكن بعد فضيحة رعاية هذه البطولة وما جرى قبلها وبعدها.. وهناك أيضا ملف الغرامات المالية التى يتم توقيعها على الأندية.. والتى يتحكم فيها المزاج العام والعلاقات الخاصة بين رئيس وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد وبين رؤساء الأندية.. فباتت هناك أندية مضطرة، لأن تدفع وأندية أخرى ليست مضطرة.. ثم ما هى آخر أخبار لجنة الشباب بمجلس الشعب التى ملأت الدنيا صراخا واحتجاجا على مخالفات اتحاد كرة القدم الواردة فى تقرير رسمى للجهاز المركزى للمحاسبات.. وفجأة ساد الصمت العميق.. فهل اكتشفت اللجنة أنه لا مخالفات هناك ونسى رئيسها إخبارنا بذلك.. أم أن اللجنة وأعضاءها اجتمعوا سرا بالاتحاد ومسؤوليه وقرروا مناقشة هذه المخالفات والملاحظات سراً وبعيداً عن أعين وألسنة وأقلام القلة الفاسدة المنحرفة من رجال الإعلام الذين يحبون الحديث عن الأخطاء ويتمنون إيقافها قبل أن تتحول إلى جرائم. (4) مجرد أسئلة لا أنتظر لها إجابات * لماذا وافق مسؤولو نادى حرس الحدود على البيع الحصرى لمباراتهم فى دورى الناشئين مع النادى الأهلى.. هل يمر نادى حرس الحدود بأزمة مالية مفاجئة جعلته على استعداد لأى شىء أو أى قرار مقابل ثلاثين ألف جنيه.. أم أن القوات المسلحة باتت طرفا فى الصراع القائم بين الأندية واتحاد الكرة والفضائيات الخاصة؟ * هل اشترطت الحكومة المصرية وهى تقدم خمسمائة فدان فى القاهرةالجديدة لإنشاء مدينة الشيخ خليفة أن تقوم شركة إعمار بإنشاء ملاعب أو أراض فضاء صالحة لممارسة الرياضة.. أم أننا ننسى الرياضة دائما حين نسابق الزمن ونوزع أراضى البلد ثم نتذكرها حين نكتشف أننا لم نعد نملك ملاعب أو أراضى فضاء صالحة للرياضة؟ * هل صحيح أن مسؤولى كرة القدم فى مصر لايزالون يؤمنون ببطولة وهمية رغم أنها بلا أى قيمة حقيقية واسمها بطولة الرئيس مبارك.. واحدة للصعيد وأخرى للدلتا.. وهل صحيح أن هذه البطولة تبقى نتاج فكر قديم ساد فى عصور سابقة تخلصنا منها ولم نتخلص بعد من آثارها ومنها هذه البطولة وبطولة أخرى اسمها بطولة الشركات.. آسف.. أوليمبياد الشركات.. حتى لا يغضب منى أصحاب هذه البطولات العظيمة والرائعة.