أثارت طبيعة وكثافة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة العديد من الأسئلة حول أهدافها والجدوى منها، ومدى ارتباطها بالانتخابات الإسرائيلية المزمع عقدها فى العاشر من فبراير المقبل. ويبدو من خلال طبيعة المؤسسات، التى استهدفها القصف الإسرائيلى أن التصريحات التى أطلقتها وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفنى حول الرغبة الإسرائيلية فى إسقاط حماس حقيقية، حيث تركز القصف الإسرائيلى على مقار شرطة غزة وهو ما يعد محاولة إسرائيلية لخلق حالة من «الفراغ» فى السلطة فى غزة، بما قد يحقق سيناريو «ثورة شعبية» ضد حماس أو حتى استعادة «فتح» لمقاليد الحكم فى غزة. ويبدو هذا التقدير مفتقدا إمكانية تنفيذه للعديد من الأسباب، أولها شدة توغل الحركة فى القطاع، حيث إن تواجدها لا يقتصر على النواحى الرسمية من شرطة وأجهزة أمنية فحسب، بل إنه يكاد أن يكون هناك وجود للحركة فى كل بيت فى غزة، وهو ما يشكل دعما شعبيا لها. كما أن إسرائيل جربت استخدام نظرية «الصدمة» فى حروبها كثيرا بدءاً من مجزرة صابرا وشاتيلا، ومرورا بمجزرتى قانا الأولى والثانية وانتهاء بمجزرة غزة، وتعنى إحداث قدر مفاجئ وكبير من الخسائر فى صفوف العدو، وهو ما يكسر عنصر الإرادة لديه، غير أنها لم تستفد من هذه النظرية سياسيا، فلم تنكسر مقاومة الفلسطينيين بعد صابرا وشاتيلا وكذلك فعل اللبنانيون بعد مجزرتى قانا، لاسيما أنه من المعروف سياسيا أنه فى حالة الاحتلال (لاسيما إذا كان مفرطا فى استخدام القوة) فإن الشعب يلتف حول سلطته اتفق معها أو اختلف. وقد حاولت إسرائيل أن تستخدم عنصر المفاجأة خلال هجومها على غزة، وهو ما يتضح من خلال قرار الحكومة الإسرائيلية، الذى تم إعلانه للإعلام، بأن ينعقد المجلس يوم الأحد «الماضى» بينما بدأت العملية السبت، فضلا عن قرار وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك بالموافقة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يوم الجمعة، بالإضافة إلى تنفيذ الهجوم يوم السبت، وهو يوم يتجنب الإسرائيليون فيه عادة بدء حروبهم، لأنه مكروه لليهود العمل فيه.