تحول العدوان الإسرائيلى على غزة إلى قضية مصرية 100٪ ليس بحكم أن أى عدوان على حدود مصر يهدد أمنها القومى، وليس بسبب الأضرار الاقتصادية التى ستقع على مصر سواء بتراجع السياحة فى ظل أعياد رأس السنة، ولا بحكم التاريخ الذى ربط بين مصر وفلسطين فقط، بل بحكم الهجمات العربية والإقليمية على مصر فى هذه الأزمة، والتى جعلتها فى موقف رد الفعل لأننا كالعادة لا نملك أدوات قوية فى إدارة أى أزمات.. وقديماً وحتى قريباً كنا نتفاخر بسياسة مصر الخارجية، الآن أصبحنا فى موقف لا نحسد عليه.. الضرب فى كل مكان، مظاهرات فى اليمن وسوريا والمغرب ولبنان والأردن.. وانتقادات حادة فى خطاب قادة حركة حماس تبعها خطاب متجاوز من حسن نصرالله بالإضافة إلى بعض الانتقادات الصريحة أحياناً والمستترة فى أحيان أخرى من قطر وإيران وسوريا. وظل الشارع المصرى فى بداية المعركة يغلى ويصب لعناته وانتقاداته على حكومته، واستغلت جماعة الإخوان المسلمين الموقف لتضرب عصفورين بحجر واحد، الأول التضامن مع حركة حماس الشريك الرئيسى لها فى المنطقة، والثانى توجيه ضربة قوية لسياسات النظام.. ولم تمنع الدماء الفلسطينية مزايدة جماعة الإخوان المسلمين التى خرجت فى مظاهرات عديدة لدعم حماس والهتاف باسمها واسم قادتها، وكالعادة وقعوا فى الخطأ المتكرر لهم خلال الفترة الأخيرة فى اختزال القضية الفلسطينية فى حركة حماس فقط لا غير. واستيقظت الأحزاب المصرية المعارضة فجأة ووجدت نفسها مضطرة للنزول إلى الشارع وإصدار بيانات الشجب والإدانة تارة ضد العدوان الإسرائيلى وأخرى ضد الانتقادات الحادة للنظام المصرى، وهو تقريباً نفس ما حدث فى الحزب الوطنى الذى كون 4 مجموعات عمل لمتابعة الأزمة. ومع زيادة الانتقادات الخارجية لمصر التى وصلت فى مرحلة أخيرة إلى درجة التجاوز، تعاطف شعبها مع حكومته وعمل بالمثل القائل «أنا وأخويا على ابن عمى.. وأنا وابن عمى على الغريب»، خاصة أن القضية صورت وكأن مصر هى من قامت بالعدوان وليست إسرائيل.. وتحولت مصر من لاعب رئيسى فى القضية إلى المتهم الأول فيها، وسط لغط إعلامى وتصريحات غير مسؤولة، حتى إن قادة حركة «حماس» رفضوا عبور المصابين إلى مصر لتلقى العلاج لأنهم اهتموا بالقضية السياسية على حساب الأزمة الإنسانية، وهو ما يكشف غياب البعد السياسى عند قادة هذه الحركة التى دخلت الانتخابات الفلسطينية ووصلوا إلى السلطة عبر اتفاقية «أوسلو»، رغم عدم اعترافهم بها، وعندما وصلوا إلى كراسيهم جذبتهم أطماع السلطة فقاموا بانقلابهم الشهير ودمروا القضية الفلسطينية. ■ ■ أعرف أن هذا الكلام ليس أوانه فالأهم هو مواجهة العدوان الإسرائيلى الغاشم، لكن الأزمة فرصة أمام حماس لتعود مرة أخرى إلى صفوف المقاومة وتترك المناصب والسلطة لغيرها، لأنهم نجحوا كمقاومين وفشلوا كسياسيين ومفاوضين، ولتعود القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى ما كانت عليه، حركة تقاوم وأخرى تفاوض من أجل الشعب الفلسطينى بل والشعوب العربية كلها. ■ ■ الرجوع للحق فضيلة.. وهذه الأزمة فرصة لتراجع حماس موقفها وتقيِّم رحلة جلوسها على كراسى السلطة التى من المؤكد أنها لم تضف للقضية الفلسطينية بالقدر الذى أضافته لها عبر المقاومة!!