نتصور أن الارقام تعنى أشياء.. وأن رحيل العام قد ينهى أحزانه ويأتى بآمال جديدة.. نتصور أونتمنى.. لكن الأعوام لا تأتى إلا بما تصنع أيدينا.. وهو كذلك.. ما الفرق بين عام 2008 وما سبقه أو ما سيأتى بعده.. إن لم نصنع نحن الفرق..يراجع كل إنسان محفظة أوراقه.. نتيجة أوراق العام، ماذا فعلت.. ماذا حققت وفيم أخفقت؟ لكن الأوطان ليست مجرد مجموعة بشر يجتمعون صدفة تحت سمائها.. الأوطان إرادة شعب وحكم.. فإذا لم تتحد الإرادتان فكيف يمكن أن نجرى حساباتنا. والعام الذى ترحل أيامه الباقية سريعا لم يكن عاما يمكن أن نحتفل به.. فما بين الكوارث المحلية (الدويقة وحرائق الشورى والمسرح القومى ومعبر رفح وحوادث الطرق التى أصبحت عادية) وبين الأزمة الاقتصادية العالمية التى يبدو أنها ستطيح بمكاسب النمو التى حققناها بشق الأنفس فى السنوات القليلة الماضية، نحسب أو نحتسب خسائرنا التى هى أكثر كثيراً من أرباحنا.. ويختتم العام كوارثه بغزة.. على الحدود وفى القلب.. تشعل جرحا عربيا غائرا بأكثر من مائتى قتيل.. مزيج من الضعف العربى والتاّمر الفلسطينى الداخلى.. والصراعات العربية العربية. قبل العربية الإسرائيلية.. ومعها تواطؤ إسرائيلى أمريكى اعتدنا عليه. لكن السؤال الأهم الذى يجب أن يفكر فيه كل حاكم وكل مواطن.. ليس فقط ماذا خسرت ولكن ماذا حققت.. هل حققت بعض الأهداف.. هل حققت أى من الأهداف. هل نفذت ولو قليلاً منها أم أننى كما أنا محلك سر أعود للوراء فقط. وأظن أننا كدولة علينا أن نراجع مواقف عديدة.. وسياسات أكثر. فقد غاب العقل عن كثير من قراراتنا ومازلنا ندور فى فلك ردود الأفعال.. نأخذ القرار ثم نراجعه ثم نرجع عنه أو يركب العند رؤوس البعض فيبقى كما هو.. أظن أننا نحتاج لوقفة حاسمة ماذا نريد أن نحقق. هل هو مجرد بقاء لحزب حاكم ومجموعة فى الحكم أم إننا نهدف أن نصل ببلادنا إلى مرتبه معينة. هل هناك هدف ما فى رأس أحد.. هل هناك استراتيجية ما فى أوراق أحد!! لا يمكن أن يكون الأمر مجرد سياسات متفرقة هنا وهناك لا تنسيق بينها ولا تناغم.. فى الاقتصاد أصبح ذلك بينا واضحا، كل يسير فى اتجاه، وكل ينفذ سياسته من أجل شعبيته الشخصية طالما القيادة العليا موافقة. لا توجد بلد يدار بهذه الطريقة : بلا أهداف أو طريق واضح.. لا توجد شركة تدار بهذه الطريقة.. لا توجد مؤسسة تدار بهذه الطريقة.. تقترب الساعة من نهاية العام.. يحتفل البعض ويحزن البعض الآخر.. وفى هذه اللحظات الحاكم – أى حاكم – عليه أن يسأل: هل رعيتى فى حال أفضل أم أسوأ.. هل رعيتى ينامون جوعى أم شبعى هل.. رعيتى آمنون أم خائفون ؟! فى هذه اللحظات كل منا عليه أن يسأل نفسه: حالى أفضل أم أسوأ.. هل لدى أمل.. هدف... أو حلم ؟! وأخشى أن نكون حتى فقدنا القدرة على محاسبة أنفسنا ولا نحاسب سوى الآخرين.. اسألوا أنفسكم أولا من قمة الحكم إلى أبسط مواطن ماذا قدمت.. ماذا فعلت.. فيم أخفقت.. وفيم نجحت.. العام لا يمكن أن يكون مجرد عناوين صحف.. فلكل منا صحيفته.. لكل منا ميزانه... خفت أو ثقلت. لا تلوموا السنين.. فلا تأتى الأيام إلا بما قدمت أيدينا. [email protected]