على أحد حوائط ورشته فى الحرانية لخص حياته كلها فى صورتين له مرسومتين بالنول وبينهما شهادة تفيد أنه من نسل الأشراف.. أمام خيوط النول قضى الحاج «عامر القاضى» أكثر من 30 عامًا، بين عامل وصاحب عمل، إذ يقف عن بعد يتابع بعض السيدات ينسجن التابلوهات وقطع الكليم، يضيف ملحوظة أو تعليقًا ثم يجلس على دكته المفروشة بالكليم. من صنايعى كليم وسجاد يدوى إلى بائع ثم صاحب ورشة فى «الحرانية»، كانت رحلته.. سافر بمنسوجاته إلى عدد من الدول الأوروبية مثل السويد وألمانيا وإيطاليا وفرنسا، إذ يقبلون فى هذه الدول على اقتناء سجاده اليدوى، ورغم أن العمل مع السائحين مربح، فإنه لا يتجاهل صناعة الكليم اليدوى وبيعه للفقراء بأسعار مخفضة، فهو بالنسبة لهم «سجاد الغلابة». الذوق الفطرى هو الذى يحكم العمل فى ورشته، فكل عاملة ترتجل التصميم والألوان دون أن تخطط لما ستنسجه أو حتى ترسمه على ورقة أمامها، وتبدأ فى تنفيذه وتستغرق القطعة فى يد الواحدة منهن ما يقرب من 4 أشهر.. نساء هذه المنطقة يعملن لتحسين دخولهن، خاصة أنهن تعلمن الصنعة فى سن مبكرة، وتستمر كل منهن فى العمل حتى بعد الزواج والإنجاب. القاضى ينعى مهنته التى قاربت على الانقراض: أغلب عمال المهنة اتجهوا لصناعة «الجوبلان» بدلاً من الكليم البلدى الذى يفرش على المقاعد والأرض أو يعلق على الحائط لأنه - أى الجوبلان - أسهل فى الصنع وحظه أوفر فى البيع فى البازارات ولدى السياح، مع إن الكليم اليدوى هو الأصل، اللى بيتعمل منه البطاطين، والصوف بتاعه أتقل من صوف الجوبلان، لكن السياح ما بيحبوش الكليم زى الجوبلان، عكس المصريين الذين يقبلون على شرائه، حيث يبدأ سعر المتر من 15 إلى 85 جنيهًا، ده غير إنه صحى وبيدفى فى الشتا أكتر من أى سجاد تانى، وكمان شكله مختلف وبسيط ومش معقد وعملى، ورغم إن ربنا كرمنى من وسع، واشتريت أغلى أنواع السجاد فى العالم، إلا أنى فارش بيتى كليم وعلى الحيطان كمان، لأنه بيبطن البيت وما يخليش الحيطان تتأثر بالجو. الكليم فى مصر نوعان حسب تأكيد القاضى: شعبى يصنع فى الحرانية وكفر الشيخ، وبدوى تشتهر به سيوة، ولكل منهما طريقة تطريز وعقدة مختلفة، وألوان أيضًا، حيث يميل البلدى إلى الألوان الحمراء الداكنة ودرجات البنى والبيج، ولا يختلف سعر الاثنين كثيرًا. النول هواية فى كل بيت فى الحرانية: مفيش حد فى الحرانية ما بيشتغلش على نول أو فيه فى بيته أو بلكونته نول، ساعات ببعت الشغل لصنايعية هما فى الأصل مدرسين ومهندسين بيشتغلوا النول بالليل عشان يحسنوا دخولهم ولأنه هواية، وللأسف السياحة بوظت المهنة، وشركات السياحة بتاخد نسبة 30٪ من سعر كل حتة صوف بتتباع للسياح، وسواق الأتوبيس السياحى بياخد 250 جنيهًا على كل فوج بينزله يلف فى الورشة سواء اشترى أو لأ.