انسحب مخرج الأفلام التسجيلية المصرى كريم الشناوى من مشروع لدعم الأفلام الوثائقية فى دول حوض البحر المتوسط يدعى «جرين هاوس» إثر اكتشافه أن المشروع بالكامل تحت إشراف إسرائيل رغم أن تمويله خاضع للاتحاد الأوروبى. مشروع «جرين هاوس» واحد من المشروعات المقامة تحت مظلة برنامج الاتحاد الأوروبى البصرى السمعى ال«يورو ميد» والذى يستهدف المحترفين والهواة فى مجال الأفلام التسجيلية وباقى الأشكال البصرية فى دول حوض البحر المتوسط، ويسعى لتبادل المهارات الفنية وإقامة عدد من الأنشطة الفنية والثقافية، كان أشهرها فى مصر «كرنفال» السينما الأوروبية الذى تبنته شركة «سمات» فى القاهرة على مدار 3 سنوات. الشناوى كان ينوى تقديم فيلم وثائقى بعنوان «32 درجة شمال» بدأ الإعداد له منذ يوليو الماضى، ويقول: «كنت أستعد لتقديم فيلم وثائقى مختلف عن الهجرة غير الشرعية، بعد أن وجدت أن أغلب الأفلام الوثائقية المقدمة على الساحة تهتم بجانب التوثيق على حساب المادة الفيلمية، فيظهر الفيلم فى النهاية وكأنه جزء من نشرة أخبار أو قراءة لموضوع صحفى، وكنت أنوى التركيز على جانب درامى يغفله أغلب صناع الأفلام، وهو أسلوب متبع فى الخارج ويجعل من الأفلام الوثائقية مادة جيدة للعرض فى دور العرض السينمائى، وبدأت فى البحث عن دعم أجنبى للفيلم لأن أغلب طرق الإنتاج المصرية تعتمد على مبدأ التوفير، وترى أن الفيلم الناجح هو الذى يستطيع أن يقدم أكبر قدر من النجاح بأقل إمكانيات وهو ما تظهر عيوبه على مستوى الصورة والمعالجة والمضمون، نظراً لتوفير ساعات التصوير والمونتاج والإمكانيات، لكن الإنتاج الأجنبى يوفر جميع السبل للعمل، وخاطبنا أكثر من مشروع حتى وجدنا موافقة مشروع جرين هاوس. ويرجع مشروع «جرين هاوس» إلى عام 2005 ويهدف إلى إقامة ورش عمل لعدد من المخرجين والمنتجين وصناع الأفلام بغرض تدريبهم على تسويق أفلامهم وفتح خطوط مباشرة بين صناع الأفلام وجهات العرض، بمشاركة فلسطينية إسرائيلية، حيث يشترك فى المشروع «مهرجان رام الله للأفلام»، وشركة إسرائيلية مستقلة لإنتاج الأفلام الوثائقية والقصيرة تسمى «نيو سينما»، إلا أن المشروع بعد قيامه شهد العديد من الانتقادات من الكثير من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، بعد أن أثبت بعض الفلسطينين والإسرائيليين أن شركة الإنتاج المستقلة تتلقى دعماً مالياً من الحكومة الإسرائيلية، وانتهى الأمر بانسحاب «مهرجان رام الله للأفلام» من المشروع، يقول الشناوى الحائز على ذهبية مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية: «سافرت إلى ورشة العمل الأولى فى تركيا، وهناك قابلت عدداً كبيراً من المسؤولين عن الأفلام المستقلة حول العالم، وكانت الورشة مفيدة وعلى قدر عال من الحرفية، ورغم إعلان مقر المشروع فى هولندا فإننى فوجئت بعد فترة بالمراسلات تأتى إلينا من تل أبيب، وهو ما أثار حفيظتى وجعلنى أرتاب فى المشروع ككل». خطة العمل التى وضعها «جرين هاوس» هى إقامة ورشة عمل من أجل تنفيذ 10 أفلام على مستوى دول البحر المتوسط، بها مشاركتان مصريتان لأول مرة، وقسم المشروع الورشة إلى 3 مراحل: الأولى فى تركيا لمدة 5 أيام وتشتمل على محاضرات عن طريقة صناعة الأفلام الوثائقية إلى جانب عروض أفلام قصيرة، وطريقة عمل «برومو» تسويقى للفيلم، والثانية بعد 3 أشهر فى الأردن وتشمل عرض الأجزاء التسويقية «البرومو» ووضع ملحوظات عليها وتعديلها بالاتفاق مع المخرجين، والثالثة بعد 3 أشهر فى تركيا مرة أخرى حيث يتم توفير فرصة لتسويق الفيلم من خلال عرض الفكرة مكتوبة ومقابلة شخصية والأجزاء التى تم تصويرها من الفيلم سواء تم الانتهاء منه أو لا، على مجموعة من المسؤولين عن عرض وشراء الأفلام المستقلة فى عدد من دول العالم، ويقول الشناوى: «أثناء ورشة العمل بتركيا قابلت عدداً كبيراً من المهتمين بالأفلام المستقلة من مختلف دول العالم مثل «بيتانا هاتمى» الحائزة على جائزة الإيمى وواحدة من المسؤولين عن الجانب الإنتاجى فى قناة «ديسكفرى» بأوروبا، وقابلت أيضًا بعض المشاركين وكان من بينهم مخرجون إسرائيليون يساريون ممن يتبنون وجهة النظر الفلسطينية فى قضيتهم، لكننى لم أنو وقتها أن أوقف مشروع الفيلم الخاص بى لمجرد أن مخرجاً إسرائيلياً تقدم بفكرة لمشروع أوروبى وجمعتنى به الظروف فى ورشة العمل». ويضيف: كنت أعلم أن هناك شركة إسرائيلية مستقلة مشاركة فى المشروع، لكن الموقع الرئيسى للمشروع أكد أن الشركاء الرئيسيين من إسبانيا وفرنسا وبريطانيا، وأن المقر الرئيسى للمشروع فى هولندا، واعتقدت أن الأمر طبيعى طالما أن إسرائيل لم تمول المشروع ولا تتدخل فيما أقدمه، خاصة أن إسرائيل تشترك فى عدد كبير من تلك المشروعات ولكن بدور محدود، وأن بعض الأفلام المقدمة فى المشروع تساند القضية الفلسطينية، وكثير من المشرفين المشاركين تم تكريمهم فى مصر مثل «جون آبيلز» الذى تم تكريمه فى مهرجان الإسماعيلية للأفلام الوثائقية، و«داوود أولاد سعيد» وتم تكريمه فى مهرجان القاهرة السينمائى بالإضافة إلى مشاركته فى لجنة تحكيم المهرجان فى دورته الماضية، وعندما بحثت داخل موقع ال«يورو ميد» اتكتشفنا أن الاتحاد الأوروبى يعتبر المشروع بالكامل تابعاً لإسرائيل وأن المنظم الرئيسى فيه شركة إسرائيلية تضع شركات أوروبية أخرى كواجهة لها، وممولة من الحكومة الإسرائيلية، ويكفى أن المخرج الفلسطينى هانى أبوأسعد أعرب عن تخوفه من كثرة الأموال الأوروبية فى أيدى جهات إسرائيلية خوفًا من أن تساعد على فرض نوع معين أو فن من نوع خاص على حساب أفكار أخرى». ورغم استمرار المشروع إلى أواخر يوليو القادم فإن الشناوى أرسل خطابًا إلى مسؤولى المشروع يعلن توقفه لتخوفه من وجهتهم الحقيقية، وينوى الاستمرار فى تنفيذ فيلمه ومخاطبة عدد من جهات دعم الأفلام القصيرة التى سبق أن راسلها من قبل، ويقول الشناوى: «انسحابى من المشروع ليس نوعاً من ادعاء الوطنية لكننى شديد الحرص على ألا يرتبط عمل خاص بنا بإسرائيل وأن تكون هى المشرفة على إبداعنا، وقد حذرنى بعض المهتمين بالأفلام التسجيلية فى الوطن العربى من مشروع «جرين هاوس» بسبب شبهة تعامله المباشر مع إسرائيل رغم أن الفيلم الإسرائيلى المشارك فى المشروع يدعم القضية الفلسطينية ويقدمها بصورة إيجابية، والفيلم الفلسطينى المشارك يوثق تجربة غاية الأهمية فى الدولة المحتلة، حيث يتحدث عن تدمير إسرائيل للسينما عقب الاحتلال وقيام الفلسطينيين بعمل سينما متحركة تطوف البلاد للحفاظ على اهتمام الفلسطينيين بفن السينما. ورغم أن انسحابى راجع لسبب شخصى فإن الورشة الأولى من المشروع كانت على مستوى عال من الكفاءة والإفادة كنت أتمنى أن تتوافر فى مصر».