لن أخوض اليوم بتجربة الملك محمد السادس «الابن» فى مواجهة «الفساد الإدارى» الذى انتشر كالسرطان فى عهد «الأب».. وكيف نجح «الابن» خلال أربع سنوات فى محاصرة الفساد، وتحقيق «طفرة» يتحدث عنها «المغاربة» بشكل إيجابى مثير!! فقد أسس «الابن» جهازا يسمى «السلطة الجهوية»، له فروع بكل «ولاية» يديره «ضابط أمن دولة»، تم تدريبه، وتأهيله، واختباره، ومنحه راتباً أعلى من الوزير (8 آلاف يورو شهرياً).. فأصبح «المستثمر» هناك لا يتعامل مع أى جهة، ولا يتقابل مع أى موظف، ولا يرى سوى هذا «الضابط المدير» ليقدم له «أوراق المشروع» مستوفاة، ويسدد الرسوم، ليذهب إلى حال سبيله. و«للضابط المدير» 45 يوماً للحصول، «نيابة عن المستثمر»، على جميع الموافقات والتصريحات.. وإذا حدثت مفاجأة واستعصى الأمر، يتم العرض على «الوالى»، وللوالى 30 يوماً لحسم الموضوع وإلا اعتُبرت موافقة بانتهاء ال75 يوماً!! وهكذا لم يعد «المستثمر» بالمغرب «فريسة» للموظفين، ولا يحتاج إلى «دفع رشاوى»، ولا يبحث عن «واسطة».. ولهذا لا تجد «مناشدات» للملك على صفحات الجرائد، وانتهت «حدوتة» الفساد والمفسدين بنسبة 95٪ - كما تقول الإحصائيات!! نعود إلى موضوع اليوم لنتحدث عن «التجربة المغربية» فى الثروة السمكية.. للمقارنة معنا «يمكن نتكسف على دمنا».. ونتحرك وها هى المقارنة بالأرقام: «المغرب».. لديها شواطئ بطول 3 آلاف كم على المحيط الأطلسى + 500 كم على البحر المتوسط، وليس لديها بحيرات عظمى داخلية، ولا تملك أنهاراً. «مصر».. لديها أيضاً 3 آلاف كم شواطئ على البحرين الأحمر والأبيض.. وتمتلك بحيرات عظمى تشمل (المنزلة + البرلس + إدكو + مريوط+ البردويل + البحيرات المرة والتمساح، والريان، وبحيرة ناصر، ومفيض توشكى).. بالإضافة إلى نهر النيل وفروعه.. و لن أتحدث عن المزارع السمكية التى وصلت مساحتها إلى 2 مليون فدان!! ورغم ذلك «مصر» استوردت فى 2006 - 260 ألف طن - أسماكاً مجمدة بقيمة 553 مليون جنيه، وفى 2012 سيصل استهلاكنا إلى 700 ألف طن إضافية، أى أننا سنحتاج أسماكاً مجمدة مستوردة قدرها مليون طن سنوياً!! أما «المغرب».. فهى «تصدر» سنوياً ما يعادل «مليار دولار»، أسماكاً مجمدة، ومطبوخة، ومجففة، ومدخنة. «المغرب».. أصبحت «أولى» دول العالم فى إنتاج «السردين»، وتصديره مصنعاً، ومعلباً (650 ألف طن سنوياً).. و«المغرب» هى الدولة رقم «24» على مستوى العالم، و«الأولى» أفريقيا فى الصيد على الشواطئ البحرية «بأسطول صيد» ينافس الأسطول الإسبانى، أو الفرنسى!! و«المغرب» لديها خطة خمسية بدأت العام الماضى بمعونات أجنبية لمضاعفة الإنتاج والصادرات. والسؤال: لماذا هذا.. يا ذاك؟ أولاً: أسطول الصيد المصري، لا يصلح إلا «للولعة»، والتدفئة على أنقاضه.. فكلمة «أسطول» لا تنطبق عليه من بعيد أو قريب.. (فهى مجموعة مراكب متهالكة وبدائية). ثانياً: صعوبة (ولن أقول استحالة)، الحصول على «تصاريح» من الأجهزة الرسمية لدرجة التطفيش. ثالثاً: التلوث، وإلقاء المخلفات بالبحيرات، والتعديات عليها بالردم والتجفيف.. وعدم تطهير البواغيز.. أو تنظيف الحشائش والبوص وورد النيل.. مع مافيا «نشل» الزريعة لبيعها للمزارع السمكية.. والصيد الجائر.. مع غياب الإرشاد وانعدام التدريب. رابعاً: مجموعة «القوانين» البالية والمتخلفة التى «بح» صوت الجمعيات الأهلية للمنتجين والمصدرين لتغييرها ولم يحدث.. وأخطرها: «القانون الذى يحظر ويمنع الاستزراع السمكى على «مياه نظيفة».. فهل تصدق أنه عليك تربية الأسماك فقط على «المياه القذرة» كمياه الصرف الملوثة.. وإلا لن تحصل على «ترخيص»؟! (ولهذا تحظر السوق الأوروبية دخول الأسماك المصرية من المزارع السمكية).. بسبب هذا القانون!! الخلاصة: هل عرفنا الآن لماذا نستورد أسماكاً.. ولماذا أصبحت «الوجبة الشعبية» فى شوارع وحوارى المملكة المغربية هى السمك المقلى والمشوى والمملح والمطبوخ؟ ولماذا وصل متوسط دخل الفرد المغربى إلى 2600 دولار، ونحن نقف عند حدود 1300 دولار؟ ملحوظة: «بحيرة ناصر، طولها 350 كم وعرضها 32 كم، وبها 160 مليار متر مكعب مياهاً مخزونة، وإنتاجها السنوى 15 ألف طن سنوياً»!! وإذا استأجرها «المغاربة» ولن أقول «جيراننا»، فسوف ينتجون منها وحدها «مليون طن».. وهى الكمية التى سنحتاجها وسنستوردها فى 2012!! فهل هناك من يحقق فى هذا الموضوع، ومع المسؤولين عن الثروة السمكية فى مصر؟ أو يحقق معنا..أو فى حضورنا؟ [email protected]