كان هدف الإخوان فى صفاء البداية إشاعة مكارم الأخلاق بين الناس وإحياء فضائل الدين الحنيف، وتوجيه المجتمع إلى حسن السير والسلوك. وكان كل مشروع الإخوان هو التربية. لم يكن المجتمع الذى ظهر فيه الإخوان بعيدًا عن دعوة الإخوان، فقد كانت قيم المصريين وطبائع سلوكهم تذهب أخلاقيًا إلى ما هو أبعد من دعوة الإخوان، وكانت مبادئ المصريين خارج الإخوان لا تقل التزامًا ومسؤوليةً عن أعضاء الجماعة، بل كانت قيم التسامح والتواضع والاستقامة تجعل من عموم المصريين أكثر تدينًا من جماعة الإخوان. ذلك أن الجماعة سرعان ما دخلت إلى السياسة، ومع السياسة جاءت طموحات السلطة والبطولة.. ثم استقرت معادلة الإخوان عند «أبطال يواجهون السلطة»، أو «أبطال قادمون إلى السلطة». وأصيبت الجماعة بأمراض السياسة، وأصبح نفرٌ كبيرٌ من الإخوان يقدمون السلطة على التربية، والدنيا على الآخرة، وأصبح ما يشغلهم أصوات الناخبين لا جموع المؤمنين، وشفافية الصناديق لا شفافية القلوب، وضاع مشروع التربية تحت أقدام المتظاهرين. إنى لأتأمل ذلك الآن فى حسرة عظيمة.. فقد تراجع كل شىء فى بلادنا، وأسرع ما يتراجع فيها هو الأخلاق. أصبح الحقد والكذب والغش طبائع غالبةً.. ودخلت السيئات فى كل شىء. أصبحت المعاملات خاليةً من القيم.. يكفى أن تدرس سلوك الناس فى أى مدينة أو شارع أو منزل أو غرفة.. تَأَمَّلْهم فى أى مؤسسة أو مصنع أو حقل أو حتى فى الأفراح والأحزان.. كل ما نهى الله عنه صار أساسيًا فى نمط الحياة. أصبح الإخوان ثلاثة ملايين ويدافع عنهم خمسة ملايين ويحسن الظن بهم خمسون مليونًا.. لكن المشروع الأخلاقى للإخوان المسلمين لم نجد له أثرًا فى عزبة واحدة ولا عمارة واحدة! نجح الإخوان وفشلت مصر، وصعد الإخوان وهبطت الأخلاق.. دخل الإخوان إلى البرلمان وغادر ناخبوهم مبادئ الإيمان. كانت رسالة الأمام الشهيد هى الأخلاق والتربية.. وقد مضت السنون ليصبح جمهور الإخوان مثل خصومهم.. لا أخلاق ولا تربية. [email protected]