أعلن الرئيس السودانى عمر البشير أمس، وقفاً فورياً لإطلاق النار فى إقليم دارفور المضطرب أمنياً، والموافقة على مبدأ التعويضات للمتضررين، ودعا إلى نزع أسلحة الميليشيات فى هذه المنطقة الواقعة فى غرب البلاد. وقرر البشير «رسمياً» وقف إطلاق نار «غير مشروط» بين القوات المسلحة وحركات التمرد، شريطة وضع آلية إشراف فعالة مع مراقبة من كل الأطراف المعنية. فى المقابل، رفضت حركة العدل والمساواة إحدى فصائل المتمردين الرئيسية فى دارفور قرار وقف إطلاق النار الذى أعلنته الحكومة السودانية واعتبرته «ليس جدياً». وقال نائب القائد العام للجماعة سليمان صندل: «نحن لن نوقف إطلاق النار إلا بعد الوصول إلى اتفاق إطار يضمن الحقوق الأساسية للحركة.. ولا يمكن أن نوقف إطلاق النار مجاناً». جاء هذا التطور فى ملف دارفور بعد أن استمع البشير إلى التوصيات النهائية لمبادرة أهل السودان للسلام فى دارفور التى أطلقها النظام السودانى ومن شأنها توفير أساس لمؤتمر مصالحة فى قطر من المقرر عقده قبل نهاية 2008، بينما تقاطع حركات التمرد هذه المبادرة. ودعت توصيات «أهل السودان» إلى وقف فورى لإطلاق النار من جانب واحد، وطالبت الفصائل المسلحة فى الإقليم باتخاذ خطوة مماثلة وإفساح المجال لقوات الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقى المشتركة لتلعب دورها فى ما سموه «وقف العدائيات فى دارفور». كان أبرز ما جاء فى التوصيات الدعوة إلى إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين من أبناء دارفور، وإنشاء صندوق للتعويضات، وتسهيل العودة للنازحين السودانيين. وحول الأحزاب المقاطعة للمبادرة، فلايزال حزب المؤتمر الشعبى بزعامة حسن الترابى، والحزب الشيوعى على موقفهما الرافض للمبادرة اعتقاداً بأنه لا جدوى منها خاصة أن حزب المؤتمر الوطنى الحاكم يسيطر بشكل كبير على لجان المؤتمر ويتحكم بتوصياته. وتزامن هذا التطور النوعى فى ملف دارفور مع زيارة الرئيس مبارك الأخيرة للسودان والتى تركت صدى واسعاً لدى الشعب والنخبة فى الخرطوم، انطلاقاً من موقف مصر الواضح والمعلن بتوحيد الصف السودانى وتحقيق المصالحة بين الحكومة وقوى المعارضة وصولاً إلى تنفيذ فعلى لاتفاقية السلام الداخلى وعدم فصل شمال السودان عن جنوبه. وأكد محللون أن خطوة وقف إطلاق النار محاولة من البشير لقطع الطريق على المحكمة الجنائية الدولية ومذكرة اعتقاله التى أعدها المدعى العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو واتهمه فيها بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية فى دارفور.