قراران أمريكي وبرازيلي يدفعان أسعار الزيوت العالمية إلى الارتفاع في يونيو    النفط يتراجع بشكل طفيف مع ترقب اجتماع أوبك بلس    نبيلة عبيد تستغيث بعد إقرار قانون الإيجار القديم: شقتي عزيزة عليا وفيها كل ذكرياتي.. أودي تاريخي فين؟    للصيانة.. فصل الكهرباء بقرية إبشان وانقطاع المياه في قرى دسوق وقلين بكفر الشيخ    أخبار × 24 ساعة.. الحكومة: زيادة تغطية الصرف الصحى فى الريف ل60% عام 2025    الذكاء الاصطناعي في الحكومات.. وخطوات مصر    رويترز: حماس سلمت الوسطاء ردها على المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار في غزة متضمنا هذا المطلب    ملخص وأهداف مباراة فلومينينسي ضد الهلال فى كأس العالم للأندية    حماس تسلم ردها الرسمي إلى الوسطاء بشأن مقترح الهدنة في غزة.. فيديو    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. "أونروا": ما يجرى فى غزة انهيار متسارع للحياة.. أكثر من 157 ألف شهيد إجمالى عدد الشهداء الفلسطينيين منذ نكبة 48.. إخلاء سكان جزيرة بجنوب غرب اليابان بعد زلزال قوى    شوبير يوجّه رسالة للهلال السعودي بعد وداع كأس العالم للأندية    ديمبلي: نريد الثأر من الهزيمة أمام بايرن ميونخ في دوري الأبطال    حلمى طولان: شيكابالا من أيقونات الزمالك على مدار التاريخ    مصر تهزم نيجيريا وتتوج ببطولة أفريقيا للريشة الطائرة الهوائية    تقرير: الأهلي يواجه النجم الساحلي وديا.. وموعد المباراة    البحيرة: حبس سائق توكتوك لاتهامه بالتحرش بطفلة 5 سنوات أثناء توصيلها من الدرس للمنزل بالدلنجات    صندوق علاج الإدمان: 5% من مدمني المخدرات إناث.. و60% من المرضى يعيشون مع والديهم    بالصور| حريق هائل داخل شقة سكنية بدار السلام    تحريات لكشف غموض العثور على جثة فتاة بأبو النمرس    ضبط لص لمحاولته سرقة كابلات كهربائية في مدينة 6 أكتوبر    سكرولينج.. عرض يحذّر من تحول الهاتف المحمول إلى لص الحياة على مسرح الريحاني    محافظ قنا: خطة لتحويل دندرة إلى وجهة سياحية ريفية وثقافية    محمد إمام وهشام ماجد ومعتز التونى فى حفل زفاف حفيد عادل إمام (صور)    نجوم الفن يشاركون محمد فؤاد فرحته بزفاف ابنته فى أجواء احتفالية مميزة.. صور    مصادر للقاهرة الإخبارية: رد حماس تضمن فتح المجال لمفاوضات غير مباشرة للتهدئة 60 يوما    اليوم| محاكمة 15 متهماً ب خلية مدينة نصر    أولى جلسات محاكمة المتهم بالتسبب في وفاة طفل بمستشفى شهير.. اليوم    روسيا ترفض العقوبات الأمريكية الجديدة على كوبا    اليوم| نظر دعوى عدم دستورية مواد قانون السب والقذف    القباني يكشف تفاصيل مثيرة عن علاقة الرمادي والجهاز المعاون.. لم تكن الأفضل    منتخب شابات الطائرة يهزمن تايلاند في بطولة العالم تحت 19 عامًا    إحنا الملوك يتصدر ترند تويتر بعد إعلان الزمالك تعيين فيريرا    تفاصيل حفل أصالة نصري الجديد بمهرجان جرش    12 يوليو فتح التسجيل لاختبارات القدرات للثانوية العامة    مستقبل وطن بالمنوفية يهدي رحلات عمرة لأسر ضحايا الطريق الإقليمي| صور    استشهاد وجرح فلسطينيين من منتظري المساعدات في قصف مدفعي إسرائيلي وسط قطاع غزة    الانتهاء من تركيب الجسم المعدني لكوبري المشاة بمحور العصار بشبرا الخيمة    مشروبات قبل النوم لحرق الدهون بشكل طبيعي    مشروبات طبيعية تحمي الكبد من التلف وتعزز صحته    رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس عبر الموقع الرسمي ل بوابة التعليم الفني    صبا مبارك: «220 يوم» معقد وكله تفاصيل.. والدنيا اتقلبت لما بوستر المسلسل نزل    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    موعد إجازة ثورة 23 يوليو 2025 للموظفين    أول كنيسة قبطية في السعودية.. البابا تواضروس: «أخبار جيدة»    تدهور الحالة، تحقيق عاجل من الصحة في شكوى بسمة وهبة ضد مستشفى بالمهندسين    أعراض التهاب الشعب الهوائية وطرق علاجها بالمنزل    خطيب الجامع الأزهر: علينا أن نتعلم من الهجرة النبوية كيف تكون وحدة الأمة لمواجهة تحديات العصر    عالم أزهري: التربية تحتاج لرعاية وتعلم وليس ضرب    خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر| عباس شومان: ستبقى مصر حامية للعرب.. وعلى المسلمين أن يوحدوا كلمتهم قبل فوات الأوان    شركة آير آشيا الماليزية تعتزم شراء 70 طائرة من أيرباص    متحدث نقابة الموسيقيين يرفض المطالبة بحذف أغاني أحمد عامر بعد وفاته    الاحتلال الإسرائيلي ينصب حاجزًا عسكريًا يعيق حركة الفلسطينيين غرب بيت لحم    وزارة العمل: 80 فرصة عمل للمعلمين فى مدرسة لغات بالمنوفية    جامعة حلوان: نعزز جسور التعاون الأكاديمي والشراكات الاستراتيجية مع الجامعات الدولية    دعاء يوم عاشوراء 2025 مكتوب.. الأفضل لطلب الرزق والمغفرة وقضاء الحوائج    خطيب المسجد الحرام: التأمل والتدبر في حوادث الأيام وتعاقبها مطلب شرعي وأمر إلهي    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 4-7-2025 في الدقهلية    لماذا تتشابه بعض أعراض اضطرابات الهضم مع أمراض القلب.. ومتى تشكل خطورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد عبدالمعطى حجازى يكتب: دم كذب وتهمة ملفقة
نشر في المصري اليوم يوم 17 - 12 - 2008

من المؤكد أن الأمريكيين والإسرائيليين يملكون الكثير ليحولوا بين فاروق حسنى والمنصب المرشح له فى منظمة اليونسكو، لكن نجاحهم فى ذلك لن يعنى لنا لو تم إلا ما تعنيه القوة، حين تفلت القوة من عقالها وتصبح عنفاً مجانياً لا هدف له ولا منفعة من ورائه، وإلا فما الذى سيكسبه الأمريكيون والإسرائيليون من نجاحهم فى قطع طريق المرشح المصرى للمنصب الذى يقترب منه يوماً بعد يوم؟
الأمريكيون والإسرائيليون يتهمون فاروق حسنى بمعاداة السامية، ودليلهم على هذا كلامه عن الكتب الإسرائيلية التى قال إنه سيحرقها لو وجدها.
والواقع أن العلاقة ليست واضحة بين التهمة والدليل، فالذين يحرقون الكتب ليسوا دائماً أعداء للسامية، والذين يعادون السامية يمكنهم أن يعادوها دون أن يحرقوا الكتب، وبصرف النظر عن هذه العلاقة المفقودة بين التهمة والدليل، هل يصح منطقياً أن يكون فاروق حسنى معادياً للسامية؟
إذا أخذنا بما جاء فى التوراة عن نوح وأبنائه وأحفاده وجدنا أن فاروق حسنى سامىّ وحامىّ فى الوقت نفسه، لأنه مصرى عربى أفريقى، بل هو سامى فوق العادة، لأن هاجر أم إسماعيل بن إبراهيم جد اليهود والعرب كانت مصرية.
ولست أظن أن الأمريكيين وحتى الإسرائيليين الذين يتهمونه بمعاداة السامية ساميون أكثر منه، فالأمريكيون الذين هاجروا من أوروبا للعالم الجديد معظمهم من أبناء يافث! والإسرائيليون الذين هاجروا من روسيا وبولندا وألمانيا إلى فلسطين لا يختلفون كثيراً عن الأمريكيين!.
ومن الأفضل ألا نقف عند هذه القصص التى تروى عن تاريخ البشر وأعراقهم وأجناسهم، فالبشر لا يختلفون بالدماء التى تجرى في عروقهم، وإنما تختلف مصالحهم وتتعدد ثقافاتهم. تختلف مصالحهم وتتضارب حين ينسون أنهم إخوة، وتتصادم ثقافاتهم ويهجو بعضها بعضاً حين تصبح أدوات للطمع والتمييز والاستعلاء.
ولقد نشأنا فى بلاد كانت قبل إنشاء إسرائيل ملكاً لليهود، كما كانت ملكاً للمسلمين ولغير المسلمين، فإذا كنا نعانى اليوم من التطرف الدينى ومن العنف الدموى فهذا هو الشوك الذى زرعته لنا الصهيونية فى أرض الميعاد، وإذا كانت دولة إسرائيل تحقيقاً لوعود التوراة، فلماذا لا تكون إمارة غزة تحقيقاً لوعود القرآن؟!.
إن أسوأ ما لدينا الآن هو رد فعل لوجود إسرائيل التى تعلم علم اليقين ما تمثله فى المنطقة ولا تريد مع ذلك أن تغير من فعلها ليتغير رد الفعل، فإذا كانت إسرائيل غير مقبولة لحد الآن لدى العرب فلأنها لا تريد أن تسلم لهم بحق فى الوجود يماثل حقها، مع أنهم أهل البلاد الأصليون، فإن كانت تعتبر الرفض العربى لوجودها بهذه الشروط معاداة للسامية فمن حقنا أن نعتبر رفضها للوجود الفلسطينى معاداة للسامية أعنف وأشد، ويبقى أن نفحص ما يقوم به العرب والإسرائيليون لنميز بين الفعل ورد الفعل، بين المعتدى والمعتدى عليه.
لقد نشأت فى ظل الاستعمار الأوروبى حركة سياسية حرضت اليهود الأوروبيين على الهجرة إلى فلسطين، واستطاعت بالتحالف مع المستعمرين الغربيين أن تنشئ دولة إسرائيل التى تواصل حتى الآن عدوانها على الفلسطينيين، وترفض أن تعترف لهم بأى حق. لماذا تكون الصواريخ البدائية التى يطلقها ضحايا اليأس الفلسطينى على المستوطنات الإسرائيلية عداء للسامية، ولا تكون القنابل النووية التى تنفرد بامتلاكها إسرائيل وتهدد بها العرب والعالم كله عداء للسامية؟!.
فإذا كان علينا بعد أن ناقشنا التهمة أن نناقش الدليل فبوسعنا أن نقول إن العبارة التى استخدمها فاروق حسنى، وهو يتحدث عن الكتب الإسرائيلية، عبارة صادمة بالفعل، لكننا سنسىء الفهم والتقدير إذا لم نميز بين ما تعنيه الكلمات وما كان يعنيه قائلها فى الظرف الذى قيلت فيه.
لقد وجد فاروق حسنى نفسه محاصراً فى مجلس الشعب بالنواب المتشددين الذين اتهموه بالتطبيع مع إسرائيل، وهى عكس التهمة التى يرميه بها الإسرائيليون والأمريكيون، وكان هؤلاء النواب هم أنفسهم الذين اتهموه من قبل بإهانة المحجبات، فانفعل ورد عليهم بتلك العبارة التى كان يعبر فيها عن موقف من السياسة الإسرائيلية لا عن موقف من الثقافة الإسرائيلية.
ولقد كنا نحن المثقفين المصريين أول من يعترض عليه لو فهمنا ما فهمه الأمريكان والإسرائيليون مما قاله عن الكتب الإسرائيلية، فلسنا أقل من هؤلاء وهؤلاء احتراماً للرأى وتقديساً لحرية التفكير والتعبير، ولقد ترجمنا أعمالاً إسرائيلية عديدة نشر قسم منها فى مؤسسات الوزارة التى يتولى شؤونها فاروق حسنى لشعراء وكتاب حقيقيين يشاركوننا الأمل فى سلام عادل يكون التطبيع الثقافى تحصيلاً له، ولا يكون غطاء خادعاً لوضع ظالم غير إنسانى يمكن أن يتفجر فى أى لحظة.
بهذا المنطق عبر فاروق حسنى عن موقفه من التطبيع الثقافى مع إسرائيل، وهو منطق نتبناه، وموقف نتفق معه فيه.
نحن نقرأ باحترام ما يكتبه أمثال يهودا عميخاى وعاموس عوز وداليا رابيكوفيتش، لكننا لا نتجاوز القراءة إلى علاقات طبيعية لأن إسرائيل التى تحتل أراضى الفلسطينيين والسوريين لا تريد أن تنشئ علاقات طبيعية معنا، وهذا هو ما أراد فاروق حسنى أن يعبر عنه.
وأنا أعرف فاروق حسنى معرفة تسمح لى بأن أقول إنه برىء من أى دافع يمكن أن يدفع بعض الناس لإحراق الكتب، لا دافع شخصى، ولا دافع سياسى.
فاروق حسنى فنان مستنير، وثيق الصلة بالعالم الخارجى وبالمثقفين الأجانب، متحمس للحوار مع الآخرين، وهو وزير ثقافة مصر التى بدأت مسيرة السلام مع إسرائيل، وسمحت لها بفتح سفارة فى القاهرة، يستطيع فيها السفير الإسرائيلى أن يطلب من وزير الثقافة المصرى أن يذهب إلى القدس ليعتذر عما قاله أمام حائط المبكى!.
لا، نحن لسنا مدينين بالاعتذار لليهود، لأننا لم نضطهد اليهود، ولم نقتل أسراهم بالجملة، كما قتلوا أسرانا بالجملة.
فإذا كان على فاروق حسنى أن يوضح ما كان يقصده بعبارته فهو مطالب بهذا أمامنا نحن لا أمام حائط المبكى، وقد تحدث فاروق حسنى أكثر من مرة حول هذه الواقعة ونفى نفياً تاماً أن يكون المعنى الذى فهمه الإسرائيليون من عبارته هو المعنى الذى قصده، وإنما استخدم هذا التعبير الحاد كما تستخدم التعبيرات الحادة فى كل اللغات، حين يقول أحدهم للآخر مثلاً «اذهب إلى الجحيم»!، لا يكون هذا أمراً بالذهاب إلى الجحيم، وإنما يكون المعنى انصرف، أو ابتعد، أو لا ترنى وجهك!.
وفاروق حسنى صادق، فليس هناك شاهد واحد على صحة ما ذهب إليه الإسرائيليون والأمريكيون، الذين كان بوسعهم أن يعترضوا على التعبير ويسألوا عن المقصود به، دون أن يذهب بهم الغرور وسوء الظن والاستهانة بالآخرين إلى هذا المدى الذى يطلبون فيه من فاروق حسنى أن يسحب ترشيحه وإلا فسوف يستخدمون ما لديهم من نفوذ لحرمانه من الوصول للمنصب الذى يقترب منه يوماً بعد يوم، والسؤال إذن: ما الذى يعود على الإسرائيليين والأمريكيين من تلفيق التهمة لفاروق حسنى وتزييف الدليل؟
إذا كانوا يعتقدون أنهم بهذا الموقف من فاروق حسنى سيغيرون موقفنا من التطبيع الثقافى فهم مخطئون، لأنهم يصنعون العكس تماماً ويحرضوننا أكثر على مناهضة التطبيع ومقاومته، لأن فاروق حسنى، المرشح لليونسكو لا يمثل نفسه، بل يمثل مصر والعرب وأفريقيا، ولأن التطبيع بالأسلوب الإسرائيلى الأمريكى ليس تطبيعاً، بل تركيع سنقاومه ولو ألف سنة!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.