جامعة المنيا الأهلية تعلن نتيجة المرحلة الأولى للقبول المبدئي - رابط مباشر    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء مؤخرا    لماذا يُستبعد الموظف من الترقية رغم استحقاقه؟.. 3 حالات يحددها قانون الخدمة المدنية    آداب أسيوط تطرح برنامج الترجمة باللغة الفرنسية بنظام الساعات المعتمدة    موعد تقليل الاغتراب لطلاب تنسيق المرحلة الثالثة 2025    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم.. قائمة كليات تقبل من 50%    وزير البترول: دور محافظة السويس هام في مشروعات المحور الثاني    إخلاء سبيل الشاب عبد الرحمن خالد، مصمم فيديو الترويج للمتحف المصري الكبير بالذكاء الاصطناعي    حلول عاجلة لتوصيل مياه الشرب لعدد من المناطق بجنوب بورسعيد    عودة الحياة وتشغيل الكهرباء بكامل طاقتها بمركز ومدينة إدفو فى أسوان    بالتزامن مع اجتماع الحكومة بالمحافظين... معايير عمل لجان حصر وتقييم وحدات الإيجار القديم    إزالة 15 حالة تعد على الأراض الزراعية وأملاك الدولة بمركزى سوهاج والبلينا    أسعار اللحوم اليوم السبت 16 أغسطس 2025 في أسواق الأقصر    «قمة ألاسكا» حوار مثمر دون اتفاق | تقرير للقاهرة الإخبارية    غارات إسرائيلية على مناطق بغزة.. مراسل القاهرة الإخبارية يكشف التفاصيل    31 دولة عربية وإسلامية والأمناء العامون للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي يصدرون بيانا مشتركا ضد إسرائيل بعد خطواتها الأخيرة    وزير الخارجية ونظيره الألماني يؤكدان ضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة    مصطفى شوبير يعتذر لجهاز الأهلي واللاعبين عن خطأ مباراة فاركو: لن تتكرر مستقبلا    ملك الأرقام القياسية.. محمد صلاح قريب من تحقيق رقم تاريخي بالدوري الإنجليزي    ذهبيتان وبرونزية لمصر بنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    في صورة انتقال حر.. بيرسي تاو ينتقل إلى نام دينه الفيتنامي    سفير تايلاند بالقاهرة يزور مقر تدريبات منتخب ال«مواي تاي» بالمركز الأولمبي    تعرف على الطرق البديلة خلال غلق شارع 26 يوليو بسبب المونوريل    وزارة التعليم: توفير كتب وبوكليت مطبوع لتقييم الطلاب بالعام الدراسى 2026    رفع 32 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال 24 ساعة    القبض على عامل أثناء محاولته سرقة شقة تحت التشطيب بأكتوبر    تجاوزته باحترافية| لحظة تعرض إليسا لموقف محرج على المسرح بالساحل الشمالي    "دولة التلاوة".. أكبر مسابقة قرآنية لاكتشاف المواهب بمشاركة 14 ألف متسابق    موقف غير متوقع يختبر صبرك.. حظك اليوم ل مواليد برج الدلو 16 أغسطس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    يسري جبر: يوضح حكم زيارة قبور أهل البيت والصحابة والدعاء عندها    فريق طبي ينجح في استئصال الفص الأيسر من الكبد لسيدة مُسنة.. تفاصيل    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    كيف تختار وجبة العشاء المثالية لتنعم بنوم هادئ؟    وفاة والدة صبحي خليل وتشييع جثمانها بعد صلاة الظهر    عمرو وهبة يحتفل بعيد ميلاد ابنه: «الحمد لله عدت بدعوات الناس » (فيديو)    بعد عطلة الجمعة.. مواعيد القطارات من محطة بنها إلى المحافظات السبت 16 أغسطس 2025    السيسي يوافق على ربط موازنة هيئة دعم وتطوير الجامعات لعام 2025-2026    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    فوز 4 من أبناء بني سويف في برلمان الطلائع على مستوى الجمهورية    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    خالد سليم يلتقي جمهور القلعة اليوم ضمن فعاليات الدورة 33 في هذا الموعد    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتفقد 5 مستشفيات بالمحافظة لمتابعة الخدمات    فيتامينات شائعة تسبب مشاكل صحية غير متوقعة.. احذرها    18 قتيلا و24 مصابا في حادث سقوط حافلة وسط العاصمة الجزائرية.. صور    استخراج سائق وتباع احتجزا داخل سيارة نقل انقلبت أسفل كوبرى أكتوبر.. صور    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    بدائل الثانوية العامة محاصرة بالشكاوى.. أزمات مدارس «ستيم» تثير مخاوف العباقرة    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    عمر طاهر عن الأديب الراحل صنع الله إبراهيم: لقاءاتي معه كانت دروسا خصوصية    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    عبيدة تطرح فيديو كليب أحدث أغانيها «ضحكتك بالدنيا»    «مرسال» يعلن إطلاق مبادرة الإستثمار الزراعي في كينيا    حاكم ألاسكا: لقاء بوتين وترامب يمثل يوما تاريخيا لولايتنا    ببيان مقتضب.. أول نتائج قمة ألاسكا 2025 بين ترامب وبوتين    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية أدبية يكتبها: أسامة غريب .. همّام وإيزابيلا [6] أنكش .. وعداء بطعم العلقم
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 12 - 2008

كانت صدمة تمام الرومى لمصرع ابنته إيزابيلا على هذا النحو الفاجع قد هدته هداً، فانتقل للعيش فى «طليطلة»، حاضرة مملكة قشتالة ومقر ملكها فرناندو الثالث. وكانت طليطلة تعيش فترة انتشاء بعد نجاح حملات فرناندو المتوالية وحصاره مدن شرق ووسط الأندلس، وكان هناك تفاهم واتفاقات مكتوبة بينه وبين ملك أراجون على الفتوحات المستقبلية وتقسيم التركة، وقضم أراضى ومدن وأحواز الممالك الأندلسية المتصارعة التى يستعين ملوكها الخائزون بكل منهما على أشقائه!.
عندما حملت الرسائل إلى تمام الرومى طلب القاضى ابن عقيل حضوره للاستماع إليه فى إطار محاكمة همام بن عليش الكوارشى والقاتل المأجور المطجن البصاص لم يدر ماذا عساه يقول لهم. هل يحكى عن حلمه الذى تبدد، ومشروعه الذى انهار، وبضاعته التى أتلفها الهوى! هل يخبرهم عن السنين التى أنفقها فى تعهد إيزابيلا بالرعاية وإعدادها وتجهيزها لتكون متعة للسامعين والناظرين.
هل يقص عليهم كيف استقدم من أجلها فريقاً من المدربين على فنون الرقص والغناء، أم يروى لهم رحلاتها الدائمة إلى حمام «الروضة»، حيث العناية الفائقة بنظافة البدن وتجميله على يد أمهر الماشطات والبلانات والحفافات اللاتى أضفن إليها جمالاً على جمال؟ سرح تمام الرومى فى خواطره وتذكر ابنته فى صغرها وكيف كانت مثار حسد الجيران فى «مقريط» حيث نشأت، وكيف كانت آية للجمال تبهر كل من تقع عليها عيناه، وتذكر الرومى طابور الرجال الذين وقفوا ببابه يطلبون الحسناء للزواج، وكيف كان يردهم فى رفق، وتذكر أن صوتها وجمالها قد لفتا إليها الأنظار بقوة، مما دفعه إلى البحث عن آفاق أكثر رحابة فى بلاد الأندلس حيث الحضارة والثراء.
 ولم يكن همام بن عليش الكوارشى هو أول العاشقين، لكنه كان أغناهم وأرفعهم شأنا وأعظمهم خطراً، ولا ينكر ألفونسو أو تمام الرومى، «كما سموه فى الأندلس»، أنه لم يكن فى البداية عارفاً لقيمة ابنته الحقيقية وسحرها الطاغى الذى يصرع الرجال، ويعترف أنه دون أن يدرى أضاع وقتاً فى صحبة البخلاء والمفلسين حتى أنه زوج ابنته واحداً منهم. صحيح أنه سرعان ما تنبه للأمر وسعى لإصلاحه، لكن بعد أن ثارت مطامع الزوج الذى أدرك أن بين يديه كنزاً..
وهكذا كانت حياة الجميلة إيزابيلا.. عاشت مفتقدة الأمان والكرامة تنتقل من يد أب يحلم بالثراء عن طريق ابنته بعد أن خاب أمله فى ولده الوحيد، إلى يد زوج قرر أن يعتصرها حتى آخر دينار تستطيع أن تحصل له عليه من الغناء فى قصور الأغنياء. وكانت مساوماته لتطليقها وحصوله على المال من همام الكوارشى مثالاً لنوعية الرجال الذين نُكبت بهم!.
الآن عرف تمام الرومى أن ابنته عاشت تعيسة وماتت مظلومة. وتذكر أن أحداً لم يكن يكترث بمشاعرها أو احتياجاتها، حتى أنها اعتادت أن تلبى طلباتهم دون أن يسألها أحد عما تريد. لقد تصور تمام أن المال والجواهر وحياة النعيم كفيلة بإسعادها، لكنه لم يدرك أن كل هذا قد ينقلب نقمة عليها، لأن من يقدم كل هذا يحصل على الروح فى المقابل.
 الآن يدرك تمام أن إيزابيلا لم تعرف طعم السعادة فى حياتها القصيرة، ويدرك سر دموعها التى لمحها تتأرجح كثيراً فى مقلتيها ولم يحسن تفسيرها. كان كثيراً ما يتهمها بالبطر ويقول لها إنه أفسدها بتدليله.. والواقع أن من تعمل منذ صغرها للإنفاق على الأب والأخ ثم الزوج لا يمكن أن تعد مدللة بحال!.
طاف بخياله اليوم الأول الذى انتقلوا فيه ثلاثتهم إلى قصر الكوارشى بعد استقرارهم بقرمونة، فى تلك الأيام بدت إيزابيلا سعيدة أو حاولت أن تكون كذلك. كان قد سمع عن نزق همام وحبه للتملك وقسوته المفرطة فى العقاب، لكنه أيضاً سمع وخبر وتذوق من ثرائه الواسع وكرمه غير المحدود وبحر النعيم الذى وعدهم به. لو كان يعلم أن مقتلها سيكون بيده أو بيد أحد رجاله لطوى طموحه وقنع بالعيش البسيط، وما حملها بيده إلى النار.
 فى الأيام الأولى ظن أن إيزابيلا قد وجدت رجلها الذى حلمت به، لكن مرور الأيام كشف له أن قلبها ظل مغلقاً، ذلك أنها لم تنس أنه اشتراها بالمال فأسلمته جسدها وضنت عليه بالحب، أراد أن يبرهن لها على حبه فأخبرها بأنه سيتزوجها ويرفعها إلى أعلى منزلة ولن تكون بقصره مجرد محظية.. وبعد أن ارتفعت آمالها إلى عنان السماء صدمت برفض عائلته الثرية خاصة والده الكوارشى الكبير أن يتزوج بمغنية متبرجة يتفرج عليها الجميع.
 كان لهذا الرفض أسوأ الأثر على إيزابيلا فعادت فثارت بينهما المشاحنات لأنه أرادها له وحده ولم يشأ أن تلتهمها أعين الرجال، لكنها هددته بالرحيل عن القصر فوافق كارهاً وإن لم تتوقف محاولاته عن إثنائها. وتذكر تمام الرومى الليلة الفاصلة التى جعلت ابنته تكره همام وتصمم على مغادرة قصره وبلدته كلها.
 كانت قد دعيت للغناء عند أحد السادة الموسرين، وعندما ذهبت بصحبة أبيها وشقيقها خورخى فوجئت بنفسها فى قصر عز الدين أنكش، ووجدت أنكش وصحبه من الشاب فى انتظارها. كانت تعلم أن غناءها فى قصر غريمه اللدود سيشعل النار بينهما، ولم تكن راغبة فى استفزازه أو إيذاء شعوره فأخبرت أباها برغبتها فى الانسحاب، لكن تمام الرومى خشى من مغبة الرحيل وأقنعها بضرورة الغناء لأن إغضاب أنكش غير محمود العواقب.
 فلما جادلته طمأنها بأن حب همام وشغفه بها سيجعله يسامحها ويفهم حسن نيتها، فأكملت الليلة وشدت بأغانيها الجميلة، وطرب الحضور واستعادوها غير مرة. فى تلك الأثناء لم يكتف عز الدين أنكش بما فعل، وإنما إمعاناً فى الكيد أرسل من يخبر همام الكوارشى - وكان فى بيت زوجته - بأمر إيزابيلا وسهرها عنده وغنائها له ولأصحابه.
وقع الخبر على همام كالص2اعقة وأدرك أن عز الدين أنكش قد ارتقى مرتقى صعباً هذه المرة وتجاوز كل الحدود وفتح بينهما طاقة للعداء لن يسدها سوى الموت، وكان غضبه من أنكش لا يعادله سوى الحزن الذى كاد يقتله من إيزابيلا، ورآها ساعدت غريمه على تمريغ أنفه فى التراب.
 فى هذه الليلة ثار عليها ثورة عارمة وامتدت يده إليها بالضرب للمرة الأولى وهو يردد: لقد أوصلتِ عز الدين إلى بيتى ومكنتِه من حرماتى، هو يعلم أنى أحبك ويعلم أنى طلبتك للزواج، وأنت يا امرأتى المصونة سامرته وغنيت له ولأصدقائه. وعندما فشلت فى أن تقنعه بسلامة نيتها انقلبت غاضبة هى الأخرى، وصارحته بأنه لا يفترق عن أنكش فى شىء وأنها لن تقبل بعد الآن أن تكون لعبة فى صراع الأعيان المدللين وستتركه وترحل.
أقسم همام بأنها إذا نفذت تهديدها فسوف يقتلها.. وكانت هذه من المرات القليلة التى يبر فيها عليش بقسم أقسمه!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.