تسبب حظر النشر فى قضايا الرأى العام بدعوى التأثير على العدالة فى حالة من الجدل بين القضاة ففيما يرى عدد منهم أن القاضى يعيش بين الناس، ولكنه لا يعيش معهم» وهذه قاعدة تحكم القضاة فى عملهم، والأساس فى مهتهم أنهم قادرون على الفصل بين المعلومات العامة والمعلومات الخاصة عن القضايا المعروضة أمامهم، أبدى آخرون اعتراضهم على تدخل وسائل الإعلام بإبداء الرأى فى القضايا المنظورة أمام المحاكم لأنهم يحكمون فيها على شاشات التليفزيون وعبر وسائل الإعلام المختلفة بالشكل الذى يؤثر على سير القضية. قال المستشار محمود مكى، نائب رئيس محكمة النقض: «الأصل أن القاضى يحصن نفسه من مسألة التأثير عليه من خارج المستندات المطروحة أمامه، وكلما كان القاضى قادراً على الابتعاد عن المؤثرات الخارجية أصبح قادراً على تحقيق العدالة»، وأشار إلى أن القاضى فى بداية عمله يدرب نفسه تدريباً ذاتياً على عدم التأثر بالمؤثرات الخارجية. وقال: «ينبغى أن يتدرب القاضى على الابتعاد عن أى مؤثرات حتى ولو كان حكمه على أبيه، وهو ما يستوجب فصله التام بين معلوماته العامة ومعلوماته الخاصة عن القضية من خلال أوراق ومستندات»، مشيراً إلى أن خطورة نشر وتناول المعلومات للقضية المنظورة فى المحاكم تكمن فى التأثير بالسلب على المواطنين العاديين، وليس على القاضى نفسه موضحاً: «القاضى الذى لا يجد فى نفسه القدرة على هذا الفصل، يفقد جزءاً كبيراً من مقومات طبيعة عمله، وفى هذه الحالة إذا شعر بحرج أو ميل أو هوى بسبب مؤثر خارجى فله الحق فى التنحى عن هذه القضية». وأضاف مكى أن خطورة وسائل الإعلام - التى لا تنقل بحيادية - تتمثل فى التأثير على وجدان الرأى العام، وبالتالى يصبح حكم القاضى صادماً للرأى العام، على حد قوله، بعد تعبئته من قبل وسائل الإعلام. ومن جانبه، أكد المستشار عادل قورة رئيس محكمة النقض السابق إن من حق الرأى العام أن يعلم كل ما يحدث فى جلسات المحاكمات أثناء نظر القضايا، وفى المقابل لا ينبغى أن تتجاوز وسائل الإعلام فى عرضها للقضايا وإظهارها فى شكل إدانة أو تبرئة لأحد، لأن كل ذلك يؤثر على سير التحقيقات فى القضية. فيما رأى المستشار محمود الخضيرى، رئيس نادى قضاة الإسكندرية السابق أن القاضى يواجه مهمة صعبة حالة إصداره حكماً مغايراً لاتجاه الرأى العام. وقال المستشار فتحى الكردى «أحد القضاة الذين نظروا قضية المبيدات المسطرنة» إن القاضى يتأثر بشكل أو بآخر بما تنشره وسائل الإعلام لأنه فى النهاية بشر، على حد قوله، مؤكداً أنه لم يلجأ لحظر النشر فى قضية المبيدات المسرطنة التى نظر فيها، لأنها كانت ستتحول إلى دائرة أخرى لكنه كان يمنع دخول الإعلاميين والمصورين داخل الجلسة ويوافق على دخول الصحفيين فقط.