اشتقت للعواطف.. للكلام عن الرومانسية، أفتقد كلمات صادقة، نظرات عطوف حانية. أين المشاعر الصادقة المجردة من أى غرض نفعى؟! لا أتحدث عن حب الرجل والمرأة وحده، بل عن كل أشكال الحب وصوره. الحب للحب يا سيدات يا سادة، هل مازلتم تذكرونه؟ طعمه، رائحته، إحساسه الذى تعجز عن وصفه الكلمات فى جميع قواميس اللغات..هل تتذكرونه؟! أم أن مؤشرات البورصة، التى تتغير مع دقات عقرب الثوانى والدقائق، قد ذهبت بعواطفنا بعد أن عصفت بأغلى وأجمل ما فينا! ماذا حدث لنا.. وما هذا الذى جرى فينا؟ منذ مدة قصيرة تذكرت إحدى المحطات الفضائية شيئاً قديماً عاش من زمنذ بعيد، اسمه العاطفة، ومن مشتقاته شعور يسمونه الحب الرومانسى. اقتطعت المحطة مساحة زمنية وجيزة من بين نشرات أخبار المعارك الدامية، والكوارث الطبيعية، والتقارير الاقتصادية المقلقة، لتسألنى المذيعة سؤالاً يخطر على بال البعض بين الحين والآخر عندما يرغبون فى أخذ استراحة قصيرة لالتقاط الأنفاس، وقبل الشروع فى حرب جديدة: أين ذهب الحب بتاع زمان؟! قلت لها: الحب طفل برىء يحمل ملامح بيئته وأهله، يشبههم فى طبعه وخصاله، يحوى جيناتهم الوراثية، فإن كان والداه مريضين بأمراض زمانهما، فسوف يولد هزيلاً، جهازه المناعى ضعيف، يموت مبكراً من تأثير أمراض ضعف الثقة، وقلة الالتزام، وفقر العطاء. فالحب كالعبادة، من شروطه التفانى والإخلاص المتبادل. عند نهاية جملتى الأخيرة، انقطع الإرسال عن البرنامج لتذيع المحطة الفضائية أخبار سباق الانتخابات بين ماكين وأوباما على كرسى الرئاسة الأمريكية؟! بالأمس اطمأننت على وجدانى العاطفى بعد أن وجدت دموعى لم تزل قابلة للذرف أمام مشهد عاطفى من فيلم سينمائى أجنبى، يعرض الآن فى إحدى سينمات القاهرة. أحمدك يارب، مازالت قصص الحب الجميلة قادرة على تحريك حديد وحجارة وأسمنت الواقع الجامد كالصلب الذى أصبحنا نعيش خداما له شئنا أم أبينا. أجمل قصص الحب على الإطلاق، هى تلك التى تعيد الروح لأجمل ما فينا من صفات وإمكانيات مدفونة. تلك التى تفتح شهيتنا للعطاء الحر لنجعل من عالمنا مكاناً أفضل لسكنى الناس، وأسعد للأجيال المقبلة. الحب «بناء» للنفس ولكن مظاهر الحياة، وغير ذلك كله، مرض يحتاج إلى العلاج. الأمل الآن فى الجيل الراهن من الشابات والشبان، الذين يصنعون واقعاً جديداً خاصاً بهم من خلال تواصلهم عبر المواقع المختلفة على شبكة الإنترنت. هؤلاء يستطيعون بتجمعهم القوى أن يفرضوا على قادة السياسة والاقتصاد والإعلام فى العالم خيارات السلام بدل العنف.. التواصل الإنسانى الدائم بدل الاستهلاك، والحب الخالص عوضاً عن الامتلاك. [email protected]