لمن أتكلم اليوم؟.. فلا أحد يسمع...! لمن أكتب اليوم؟ فالكارثة التى تحيط بالبلاد لا حد لها، إنها كلمات المؤرخ المصرى إيبور 2800 ق.م «عصر الاضمحلال الأول».. الأسرة السادسة. هل يعيد التاريخ نفسه، لأننا لا نتعلم منه؟! الكوارث من حولى كثيرة، زراعة، مواصلات، عشوائيات، سكان القبور، الفقر المدقع، الثراء الفاحش وهو سرقة، التعويضات التى بالملايين للشركات الأجنبية، نتيجة جهل المسؤولين بكتابة العقود والعقوبات المنصوص عليها، الأمراض وعلى رأسها السرطانات، وفيروس سى، ولكن كل هذا كوم، وانهيار جهاز مناعة مصر.. كوم آخر.. بل هو الكوم الذى ليس بعده قيامة! جهاز مناعة مصر هو وحدتها وتوحدها! فيلم بالإسكندرية.. يؤدى إلى كارثة! علاقة بين فتى وفتاة من أديان مختلفة فى ديروط.. تحرق صيدليات، وسيارات، وتسال الدماء! سور حول دير.. فتنة طائفية! وقس على هذا الكثير! ولا أحد يصرخ.. مصر فى خطر! المرض هو فيروسات تهاجم الجسم، وجهاز مناعة ضعيف لا يقدر عليها! أما إذا كانت الفيروسات تهاجم جهاز المناعة نفسه فهذا هو الإيدز، الذى ليس منه شفاء. حاولت الدول الكبرى الشريرة وعلى رأسها إنجلترا وأمريكا أن تهاجمنا بفيروسات الإيدز منذ 1924 (رشيد رضا) مرورًا بحسن البنا 1928.. فلم تنجح فى مصر كما نجحت فى الهند.. وكما نجحت أخيرًا فى العراق، لبنان، فلسطين، الصومال، السودان، اليمن، والمحاولات مستمرة فى إيران ومصر! برافو يا إسرائيل.. برافو أيتها الصهيونية العالمية! ألم يقل مفكرك الإسرائيلى أودينون: إن قوة إسرائيل ليست فى سلاحها النووي.. فهو سلاح يحمل فى طياته موانع استخدامه، ولكن قوة إسرائيل فى تفتيت الدول الكبرى، التى حولها كمصر والعراق وإيران إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا فى هذا الأمر لا يعتمد على ذكائنا، بقدر ما يعتمد على غباء الطرف الآخر؟! انتهى كلام أودينون.. وأسأل نفسى والنخبة: هل نحن أغبياء إلى هذا الحد؟! ألم يقرأ الحكام.. كلمات شانتر عن مصر: صعب على أى منحرف أو متطرف فى مصر أن يبتعد كثيرًا عن قبضة الحاكم لسببين.. أولهما أن مصر دولة مركزية.. رأس كاسح، وجسم كسيح، متحكمة فى لقمة العيش عن طريق سيطرتها على المياه، وبالتالى الزراعة، وثانيهما أنها دولة ليس بها دروب أو جبال.. من يبتعد عن الوادى يهلك فى الصحراء! إذن.. ما هذه الكوارث التى تحيط بنا وعلى رأسها هذا الاحتقان الطائفى الذى يهدد مصر بالانهيار؟! يحل هذا اللغز GUNNAR MYRDAL جونار ميردال.. عالم الاجتماع السويدى العظيم.. إنه يقول: فى كتابه: «تحدى الفقر فى العالم» 1970: إن الدولة الرخوة هى سر بلاء الدول الفقيرة، فهى تصدر القوانين ولا تطبقها، فالكبار لا يحترمون القانون بما لديهم من مال وسلطة، والصغار لا يحترمونه.. لأن الرشاوى والفساد تحميهم منه، هى باختصار غياب سيادة القانون. مستر براون فى أركانسو U.S.A أراد إدخال ابنتيه السود مدرسة للبيض فرفض الناظر والمحافظ، كما رفضا أوامر البيت الأبيض.. بدخول بنات مستر براون المدرسة! أعلن البيت الأبيض أن أركانسو ولاية فى حالة عصيان مدنى، أحاطت البحرية الأمريكية بأركانسو، ألقى القبض على الناظر والمحافظ، ومئات من المشاغبين، حكم بالسجن عشر سنوات على المحافظ والناظر، ودخلت بنات مستر براون المدرسة! هذه هى سيادة القانون، وهذه هى الدولة، التى تستحق أن يوضع علمها على سطح القمر. هل عجزت مصر عن أن تضع نهاية لهذا العار، الذى يشوه وجهها الحضارى؟! أين الإعلام والتعليم.. بل أين القبضة الأمنية المصرية، التى حدثنا عنها شانتر.. وليست القبضة الرخوة التى وصفها لنا جونار ميردال.. وأنها سبب كل بلاء.. لقد كتب جورج برنارد شو: لو كان الرسول عليه الصلاة والسلام معنا لحل مشاكل العالم بفنجان قهوة!.. ولو أن تشريعًا صدر بنقل أى أسرتين من مسقط رأسيهما إلى أماكن أخرى لما حدث ما يهدد أمن مصر الداخلى، ولو نقل مأمور أى قسم بوليس تحدث فى دائرته أحداث تؤدى لفتنة طائفية، لأصبح ما نقرأه الآن حدثًا من أحداث الماضى. [email protected]