قرر أوركسترا مدينة دريسدن الألمانية، حيث وقعت جريمة قتل الصيدلانية المصرية مروة الشربينى، وبالتزامن مع بدء محاكمة قاتلها، إقامة حفل موسيقى يوم السبت المقبل فى أوبرا الإسكندرية حيث ولدت مروة، وإعادته فى أوبرا القاهرة بعد يومين، وذلك للاعتذار باسم سكان المدينة وباسم الشعب الألمانى عن وقوع الجريمة على أرض ألمانيا، وتقديم التعازى إلى أسرة الضحية. غضبت مثل كل المصريين وكل الألمان بسبب هذه الجريمة المروعة، وأثق فى أن القضاء الألمانى سوف يعاقب القاتل المجرم الذى تشير دلائل كثيرة إلى أن دوافعه كانت عنصرية، وأن هذا العقاب المتوقع ليس فقط تطبيقاً للقانون وتحقيقاً للعدالة، وإنما أيضاً للدفاع عن الحضارة الإنسانية التى ساهم فيها الشعب الألمانى طوال تاريخه، واستعاد دوره فى صنعها بعد أن طوى صفحة النازية العنصرية السوداء، ولمواجهة النازيين الجدد الذين ترتفع أصواتهم فى ألمانيا وأوروبا وأمريكا، ولم يثبت بعد إن كان القاتل ينتمى إليهم، أو تأثر بأفكارهم. وبقدر الغضب من الجريمة، بقدر الشعور بجمال التضامن الإنسانى إزاء الكوارث من قرار أوركسترا دريسدن الحضارى لمواساة أسرة مروة وسكان مدينة الإسكندرية وكل الشعب المصرى، والاعتذار عن وقوع الجريمة على أرض بلاده، ولإزاحة مشاعر الثأر البغيضة فى الصعيد يقدمون الكفن، وها هو أوركسترا دريسدن يعزف الموسيقى ولكلٍ ثقافته، ولكل ثقافة احترامها. وبقدر الأسى من رفض أسرة مروة الاعتذار عن طريق حفلى أوركسترا دريسدن، بقدر الحزن من تصريح وزير الثقافة الفنان فاروق حسنى فى «الأهرام» يوم الأحد الماضى بأن زيارة أوركسترا دريسدن لمصر «لا علاقة لها بمقتل مروة الشربينى». فهو من ناحية يؤيد الأسرة فى رفض تقديم الكفن على الطريقة الألمانية، ومن ناحية أخرى ينفى ما أعلنته إدارة الأوركسترا رسمياً، وهى أنها تقيم الحفلين لمواساة الأسرة، والاعتذار إلى الشعب المصرى. الأسى على رفض أسرة مصرية المواساة عن طريق الموسيقى وكأنها رجس من عمل الشيطان، وأين، فى الإسكندرية التى قادت مصر والعالم العربى كله نحو الحداثة أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وحيث تم إحياء مكتبة الإسكندرية لتكون «نافذة مصر على العالم ونافذة العالم على مصر»، والحزن على اضطرار وزير الثقافة للإدلاء بهذا التصريح بدلاً من دعوة كل مثقفى وفنانى مصر لحضور الحفلين. إننا حقاً فى مفترق طرق بين أن نصبح جزءاً من العالم ونساهم فى صنع حاضره ومستقبله، أو نخرج منه ونصبح جزءاً من تاريخه الذى مضى. * قرأت فى «المصرى اليوم» أمس أننى عضو فى لجنة تحكيم مهرجان الإعلام العربى الذى يبدأ فى القاهرة يوم 11 نوفمبر المقبل!! وحيث إننى علمت من الصحافة، أعلن عن عدم قبول عضوية اللجنة المذكورة فى الصحافة، فلست مجنداً فى معسكر يقوده اللواء رئيس المهرجان حتى أقرأ الخبر وأهرع إلى التحكيم!! [email protected]