بملابس نظيفة وأحذية لامعة يخرجون من بيوتهم صباحاً ويعودون بعد الظهر ملطخين بالوحل والدماء.. هذا هو اختصار المشهد العام لمعاناة المئات من تلاميذ مدارس «نجيب محفوظ الابتدائية» و«طه حسين الإعدادية بنين» و«المنيب الإعدادية بنات» الذين يضطرون إلى الخوض فى برك من دماء الحيوانات المختلطة بالوحل المتراكم أمام محال الجزارة الملاصقة لسور مجزر المنيب الآلى المتطور، حيث يقع المجزر على بعد أمتار من مدارسهم، وفى مفترق تقاطع شارعى المجزر وأحمد مرسى الرئيسيين فى المنطقة. لا يكتفى الجزارون بمستنقعات الوحل والدماء الناتجة عن غسل الذبائح أمام المحال، بل يلقون بجلود وفضلات المواشى إلى جوار سور المجزر، ولا يجد التلاميذ مفرا من المرور فوقها للوصول إلى مدارسهم، الأمر الذى يزيد من تخوف أهالى المنطقة من إصابة أطفالهم بالأمراض الوبائية. تقول سيدة سعد الدين، من سكان المنطقة: «كنا نتوقع أن يصدر المسؤولون قرارات تُحد من انتشار الجزارين خارج المدبح مع بدء العام الدراسى، لتقليل التلوث فى المنطقة، خاصة أن المدبح ملاصق لتجمع المدارس، إضافة إلى أن باعة الكرشة والممبار يفترشون عرض الطريق، الأمر الذى يزيد احتمالات إصابة أطفالنا بالأمراض الوبائية والمعدية، خاصة فى ظل ضعف الحماية داخل المدارس، فابنتى طالبة فى مدرسة المنيب الإعدادية، ولم توزع عليهم إدارة المدرسة كمامات، كما أنهم ألزموا الطلبة بشراء الديتول والقطن والقماش لتنظيف مقاعدهم بأيديهم يومياً». أما جهاد عادل، طالبة، فقالت: «منذ بدء العام الدراسى قررت شراء كمامة ووضع صابونة وفوطة صغيرة فى حقيبتى، لغسل يدى بين الحصص، خوفاً من الإصابة بعدوى أنفلونزا الخنازير، بسبب التلوث الذى تعانى منه المنطقة واقتراب المدبح من مدارسنا». وعلى الرغم من اقتراب مدرسة «نجيب محفوظ الابتدائية» من منزل هالة فرج، ربة منزل من سكان المنطقة، فإنها قررت هذا العام - على حد قولها - نقل طفلتها «ريم» إلى مدرسة اليسر، فى منطقة «القصبجى» لإبعادها عن هذه المنطقة الملوثة.