شعرت بالحزن الشديد على الأستاذ حمدى قنديل الإعلامى الكبير، بعدما قرأت مقاله بجريدة «المصرى اليوم» بتاريخ 19/10/2009، ذلك أن الصورة الذهنية التى كانت ترتسم له فى عقلى قد أصابها اهتزاز تحت وقع الكلمات والمعانى التى تناول بها الموضوع، والذى شن فيه هجوماً غير مبرر على القنوات المصرية الخاصة وتحديداً «المحور ودريم والحياة» على عكس ما جاء بالعنوان، وراح يكيل لها جميعاً الاتهامات ويصفها بأسوأ الألفاظ والعبارات، فجميعها، على حد تعبيره، تدور فى فلك النظام وتصادر الحريات وتتحكم فيها مصالح رجال الأعمال قبل المصلحة العامة. وأكثر ما ساءنى أن هذا الهجوم لم يكن بسبب موضوعى أو خلافاً فكرياً أو سياسياً، ولكنه، على حد قوله، إن قناة المحور رفضت إتمام التعاقد معه بعد أن جرى بينى وبينه حوار عرضت عليه بالفعل تقديم برنامجه »قلم رصاص» على شاشة المحور، والحقيقة أن العرض كان جاداً لا لبس فيه، بل علم به كثير من الأصدقاء المشتركين بيننا، وكان شرطى الوحيد أن ينتقد الأستاذ قنديل من يشاء شريطة أن يكون النقد موضوعياً، وليس على حساب القيم المهنية الأصيلة وثوابت القناة التى التزمت بها منذ انطلاقها، وأوضحت لسيادته ثوابت «المحور» الفضائية ومبادئها التى لا نقبل أن تحيد عنها منذ بثها، فهى ليست قناة للإثارة أو منبراً لتصفية حسابات، لكنها قولاً وفعلاً منبر للحوار الموضوعى والنقد البناء الذى يعتمد على الحجة والمنطق والاقتناع، وأكدت له أنه لا يوجد رقيب على قناة «المحور» غير ضمائر القائمين عليها والمنتمين إلى أسرتها من مذيعين ومعدين ومخرجين وعاملين بصفة عامة، فقناة «المحور» تتغلب فيها المصلحة العامة على كل اعتبار، وتضع مصلحة الوطن فوق الجميع فى مناخ من الإيثار والتضحية وإنكار الذات بعيداً عن المصالح الشخصية الضيقة والمحدودة. وأوضحت أيضاً أن من أهم ثوابتها الحفاظ على الأمن القومى للوطن وعدم تغذية عوامل الفتنة والمحافظة على الرموز وعدم هدم القيم، وقلت له بالحرف الواحد إن رأس هذه الرموز هو رئيس الدولة وعائلته، ونحن نجلّه ونحترمه ونقدره على المستوى القومى والوطنى والشخصى لأننا نرى أنه صمام الأمان لهذا الوطن، فاستطاع، بفضل حكمته وهدوئه وثبات أعصابه، أن يقى هذا البلد من كوارث ونكبات كان من الممكن أن يتعرض لها لو لم يكن يحكم مصر زعيم مثل محمد حسنى مبارك. تلك هى الثوابت اتفقت معنا أو اختلفت، ونحن نفسح المجال لرأيك وكان هذا فى برنامج «90 دقيقة» الذى أثبت أنك لا تقبل هذه الثوابت، وهو ما اعتبرناه رداً عملياً لعدم رغبتك فى التعامل معنا لخروجك عن تلك الثوابت التى أوضحتها لسيادتك، وحفاظاً على علاقتى الشخصية بك التى أقدرها أغلقت هذا الموضوع من جانبى. لكننا لا نستطيع ولا نوافق أن تكون «المحور» منبراً لنشر هذا الرأى الذى نختلف فيه معك شكلاً وموضوعاً. والميديا تعبر عن أصحابها ولعلك تتفق معى فى أن الميديا الصهيونية هى التى حولت قضية الذئب المفترس إلى حمل وديع، وجعلت قضية شعب فلسطين من قضية حق مغتصب إلى مجموعة من الإرهابيين، والميديا الأمريكية هى التى صورت شعب حضارة ما بين النهرين فى العراق إلى مجموعة من سارقى الإطارات والكاوتش، وأنت تعرف إمبراطورية ماردوخ الإعلامية ماذا فعلت فى العالم. وإننى أسأل الإعلامى الكبير وقد عمل فى قنوات عربية كثيرة، هل تعرض يوماً فى أحد برامجه لحاكم أو لعائلته فى البلد الذى كان يعمل به؟ فلماذا نحن فى مصر نكيل لها فى الداخل والخارج، نستهين بالرموز ويهون علينا قادتنا وزعماؤنا؟ أهو رد الجميل لمساحات الحرية الكبيرة التى لا تتمتع بها أى دولة عربية بالمنطقة سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية فى أى وسيلة من وسائل الإعلام سواء المسموعة أو المرئية أو المقروءة؟ ألا تكفى المؤمرات التى تحاك ضدنا فى الداخل والخارج، والتى تأتينا من الصديق قبل العدو، وإننا قناة الأسرة العربية، وليس من اللياقة حين نرفع هذا الشعار قولاً وفعلاً أن نتعرض لعائلات الرؤساء والزعماء. وبرغم هذا فإنى أتفق معك تماماً أن قناة »دريم» تمثل إعلاماً محترماً، بل أزيدك إن الدكتور أحمد بهجت من أكثر رجال الأعمال الذى أكن له كل التقدير والاحترام وتربطنى به صداقة عميقة، وتقديراً وحباً متبادلين، وأكثر ما يعجبنى فيه أننى وجدته من أكثر الناس حباً وتقديراً للسيد الرئيس محمد حسنى مبارك، ولعلى أذكر ما قاله بالحرف الواحد وأشاركه فيه أننا خرجنا من رحم عهد مبارك، وانتماؤنا وولاؤنا للسيد الرئيس ليس فيه أدنى شك أو جدال، بل وقناعتنا ومشاعرنا الصادقة له كرئيس وزعيم لا يخالطها أى تشويه أو مغالطات، ودائماً يتحدث ويتذكر فضل السيد الرئيس مبارك عليه فى أزمته الصحية ومشاركته الوجدانية الإنسانية الرقيقة. واسمح لى أن أختلف معك فى أن قولك إن قناة «الحياة» كرست كل اهتمامها الرئيسى فى المسلسلات والبرامج الرياضية، وهى مأمونة الجانب- ذلك أن قناة الحياة إضافة حقيقية للإعلام المصرى، وأن الدكتور السيد البدوى من الشخصيات المصرية التى تلقى احتراماً وتقديراً لدى كل الأوساط. ولعل برنامج المذيعة القديرة رولا خرسا، قد أفسح لكم مجالاً واسعاً على قناة «الحياة» كى تطرح كل آرائك دون مقاطعة أو حذف، وكذلك فإن برنامج «الحياة اليوم»، هو برنامج حوارى يناقش هموم المجتمع ومشاكله ويطرح قضاياه بمنتهى الصراحة، شأنه شأن جميع البرامج الحوارية ك«العاشرة مساءً و90 دقيقة». تلك هى القنوات الخاصة التى تصب عليها ولعناتك التى أفسحت لك المجال كى تعبر عما يجول بخاطرك بصراحة بغض النظر عما إذا كانت تتفق أو تختلف معك. ولعلك تتفق معى وأنت الإعلامى الكبير فى أن التليفزيون أداة تثقيف فيها جو من المتعة والسعادة والترويح. وقبل أن أختم فإن لى عتاباً رقيقاً أرجو أن يتسع له صدرك وهو أن الخلط بين العام والخاص وأمانة الحوار هى من أبجديات العلاقات الشخصية والعامة فى الإعلام، وبرغم أننى أتشرف بما قلته عنى فى مسألة موقفى من البنوك وأن حساباتى دائنة وليست مدينة وأن الله قد أفاء علينا بسعة فى الرزق فإن هذا ليس من التباهى فى مجالسنا الخاصة وإنما هو تحدث بنعمة الله. وأطمئنك أن جميع من تعاملوا معنا يعلمون تماماً أن الظاهر مثل الباطن وما نقوله فى السر هو قناعتنا فى العلانية. لم أكن أتمنى أبداً أن أقف هذا الموقف مع أحد رواد الإعلام المصرى، بما له من تاريخ ومواقف وآراء، ولكن الحزن أصابنى بشدة لما لمسته بنفسى فكيف يمكن أن تخرج العبارات عن موضعها وتتبدل المعانى لخدمة أهداف شخصية لا تمت من قريب أو بعيد لشماعة الحرية والديمقراطية التى نعلق عليها الأخطاء والخطايا. نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا