لو أن مصر سيارة فهى سيارة فخمة ذات تصميم كلاسيكى أنيق، وهى الأقدم والأعرق فى فئتها، صالونها رحب يبلغ مليون كيلومتر مربع، مزودة بتكييف هواء «ربانى»، فمناخها رائع معظم فترات العام، ومحركها قدرة 80 مليون مصرى مستعدين للعمل بأقصى طاقة، إذا طلب منهم ذلك بصدق واحترام، هذا بالإضافة إلى أنه يمكنها أن تنطلق من الصفر- الذى نحن فيه الآن- إلى السرعة القصوى لتنافس سيارات الشرق والغرب فى مدة لا تتجاوز عشر سنوات.. وهى ثوان قليلة فى عالم سيارات الدول.. لكن يبدو أن سيارة الوطن «غرزت» فى حفرة مليئة بطين الفقر والجهل والمرض، قادتنا إليها حكومات فاشلة متعاقبة تجلس أمام عجلة القيادة مع أنها لا تجيد القيادة!! فتوقفت سيارة مصر و«نزل الشعب يزق».. أصبح الوضع كالتالى الحكومة تحاول الخروج «فتدوس بنزين» فينهال طين الفقر والجهل والمرض على رؤوس المصريين!! نعم كل مشروع جديد للحكومة سياسياً كان أو اقتصادياً يتحول إلى طين على رؤوسنا، فيزيدنا إما فقرا أو مرضاً أو جهلا، وتزداد أزمة الثقة بيننا وبين سائقنا أو حكومتنا، ونتبادل الاتهامات، نتهم الحكومة بأنها عديمة الرؤية وفاشلة ولا تستطيع القيادة.. تتهمنا الحكومة بالسلبية والتراخى وأننا لو «بنزق» بضمير كنا خرجنا من زمان.. أما المثقفون- أو النخبة كما يسمون أنفسهم- فلقد انقسموا على أنفسهم.. فمنهم من ركب بجوار الحكومة هرباً من الحرارة والزحام والطين، وطمعاً فى الكرسى الوثير بجوار الحكومة حيث الظل والهدوء والأمان، ومنهم من نزل فى الطين مع المواطنين يساعدهم ويوجههم ويدفع السيارة معهم.. الفئة الثالثة وهى الغالبية العظمى منهم وقفت بعيداً تلعن كسل الشعب وفشل الحكومة وتوجههم بتعال يرفضه كلاهما «يمين شوية يا حكومة».. «اجمد يا شعب».. «هاتى ورا يا حكومة».. «زق يا شعب».. «حاسبى يا حكومة هتدوسى على الشعب»، ومع مرور الوقت الوطن «بيغرز» أكثر وأكثر؟! والمشهد ثابت على ما هو عليه.. كلنا غارقون فى الوحل.. كلنا يتهم الآخر بأنه السبب فى عدم خروجنا من الوحل فنزداد وحلاً على وحل الحقيقة أننا أسأنا إلى أنفسنا.. وأسأنا إلى وطن ليس له ذنب سوى أننا شعب وحكومة ونخبة ننتمى إليه. أحمد عبدالغنى