فى كل عيد يهودى يجتمع آلاف المستعمرين اليهود فى ساحة البراق، الجهة الغربية من المسجد الأقصى المبارك، الذى يُعرف لديهم ب«حائط المبكى» لأداء صلاة تلمودية للبكاء على هيكلهم «المهدوم». الجماعات تأتى من مختلف المستعمرات المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك، بدعوات تقوم بها الجماعات اليهودية المتطرفة، خاصة ما يعرف منهم ب«أمناء جبل الهيكل»، حيث يقوم رئيس كاهن الجماعة بالدوران على هذه المستعمرات بحجر، يقال إنه حجر من بقايا هيكل سليمان الذى هُدم وبُنى الأقصى على أنقاضه فيما يعرف لديهم بمنطقة «الحوض المقدس»، لوضعه فى الحرم المقدسى أساسا لإعادة بناء الهيكل من جديد. وبالرغم من أن هذه الطقوس استمرت منذ احتلال الشق الشرقى من المدينة عام 1967 والسيطرة على المسجد الأقصى إلا أن أى دليل تاريخى مادى لم يظهر صحة هذه المزاعم. مدير السياحة والآثار فى المسجد الأقصى د.يوسف النتشة يقول إنه لا توجد أدلة واضحة على وجود الهيكل فى مدينة القدس وما يروج له هو أدلة ظرفية أو ربط لموجودات مع بعض الروايات التاريخية. ويتابع النتشة: «من الصعب القطع بهذا الشأن، فالقدس مدينة معقدة، وجود قطعة من الفخار أو النحت تدل على فترة معينة لا يعنى بالضرورة أن هناك مبانى عظيمة، وما كشفت عنه الحفريات الإسرائيلية حول الحرم هو عبارة عن قناة ماء تعود إلى الفترة الحشمونائية وهى أواخر الفترة اليونانية وبداية الفترة الرومانية، ليس إلا». وحول حقيقة الهيكل المزعوم يقول النتشة: «الهيكل موضوع حساس وتنبع حساسيته ليس من كونه فقط موضوعا دينيا أو تاريخيا تراثيا، وإنما لأن السياسة تتدخل فيه بشكل كبير. وفيما يتعلق برواية التوراة، يقول النتشة: «إن هناك هوة كبيرة بين ما كتب فى التوراة عن الهيكل والواقع الحسى المادى له. وفى ظل هذه التعقيدات لا نركن لمثل هذه النظريات»، ويتابع: «ولنفترض أن هناك بعض الدلائل التى تشير إلى وجوده، فالواقع يثبت أن الأماكن الدينية الحساسة فى كل أنحاء العالم والحضارات القديمة قد أعيد استخدامها عدة مرات. فلو ذهبنا إلى روما أو مصر واليونان سنجد أن معابدها أعيد استخدامها. كما أن المعابد تاريخيا بنيت فوق المعابد. ومثال على ذلك كنيسة القيامة، فالموقع أصله معبد وثنى، ثم شُيدت الكنيسة مكانه». ومما يدعم الرواية الفلسطينية بعدم وجود هيكل يهودى فى الأقصى أن بعض الجماعات اليهودية توافق على ذلك، كالتصريح الذى أدلى به أحد الحاخامات مؤخرا حول نفيه وجود الهيكل فى منطقة الحرم، وادعاء جماعة «السامرا» اليهودية بوجود الهيكل على جبل «جرزيم» أحد جبال مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية. ويعلق النتشة على ذلك قائلا: «هناك مجموعة من علماء الآثار الذين لا يؤمنون بتأريخ التوراة، أى أنهم يعارضون استخدام التوراة ككتاب تاريخى، هذه المجموعة يتزعمها علماء مشهورون حوربوا فى أفكارهم»، وأضاف: هؤلاء يرون أن داود وسليمان شخصيتان مبتدعتان بوصفها حاكمين، وليس نبيين، ويرون ضرورة التمييز بين هذه النظرة المادية لحاكمين وما ذكر فى القرآن عنهما كنبيين.