إن اسم المسجد الأقصي المبارك هو اسم لكل ما يدور حوله السور الواقع في أقصي الزاوية الجنوبية الشرقية من مدينة القدس القديمة المسورة بدورها, ويشمل كلا من قبة الصخرة المشرفة( ذات القبة الذهبية) والموجودة في موقع القلب منه, والجامع القبلي( ذو القبة الرصاصية السوداء). والواقع أقصي جنوبه ناحية القبلة فضلا عن نحو200 معلم ديني وأثري أخري تقع ضمن حدود الأقصي, ما بين مساجد, ومبان, وقباب, وأسبلة مياه, ومصاطب, وأروقة, ومدارس, وأشجار, ومحاريب, ومنابر, ومآذن, وأبواب, وآبار, ومكتبات. وتبلغ مساحة المسجد الأقصي حوالي144 دونما( الدونم=1000 متر مربع), ويحتل نحو سدس مساحة القدس المسورة, وهو علي شكل مضلع غير منتظم, طول ضلعه الغربي491 م, والشرقي462 م, والشمالي310 م, والجنوبي281 م ومن دخل الأقصي فأدي الصلاة, سواء تحت شجرة من أشجاره, أو قبة من قبابه, أو فوق مصطبة, أو عند رواق, أو في داخل قبة الصخرة, أو الجامع القبلي فكأنه صلي داخل المسجد الأقصي. وأما الحائط الغربي للأقصي الذي يسيطر عليه اليهود اليوم ويسمونه حائط المبكي فهو الحائط الوحيد الذي يحمل اسما اسلاميا منذ فجر الدعوة الاسلامية, وهو حائط البراق, وأن هذا الحائط هو الذي قامت من أجله ثورة شعبية في عام1929 م سميت باسمه( ثورة البراق), وأنه من أجل هذا الحائط شكلت لجنة دولية عقب هذه الثورة وخرجت بقرارات قاطعة علي انه للمسلمين وحدهم تعود ملكية هذا الحائط. وتحول إجراءات قوات الاحتلال الإسرائيلي المشددة, اليوم, علي مدينة القدس وضواحيها, دون تأدية آلاف المواطنين المقدسيين القاطنين خارج جدار الضم والتوسع العنصري, الصلاة خاصة صلاة الجمعة بالمسجد الأقصي المبارك, حيث يضطر قسم كبير منهم للصلاة في الشوارع والطرقات القريبة من المعابر والحواجز العسكرية حيث يقوم جنود الاحتلال بتنفيذ ا ملاحقات متتابعة ضد المواطنين بالقرب من الجدار شمال القدس الشريف, وتقوم قوة إسرائيلية بتمشيط المنطقة علي طول اجدار المقام وسط الشارع الرئيسي التاريخي رام اللهالقدس وتنصب المتاريس والحواجز العسكرية الطيارة( المفاجئة) والثابتة علي مداخل بوابات البلدة القديمة وبوابات المسجد الأقصي المبارك, ومع احتفالات اليهود بأعيادهم تشدد سلطات الاحتلال من إجراءاتها علي مداخل القدس فيما يترقب المواطنون المقدسيون بحذر تحركات الجماعات اليهودية المتطرفة وإمكانية تنفيذ تهديداتهم باقتحام المسجد الأقصي المبارك, وأداء بعض الطقوس التلمودية في باحاته وساحاته خلال أيام عيد الفصح اليهودي. وتواجه القدس عدوانا آخر يتمثل في المحاولات الدائمة لتهوديها سكانيا أيضا, فبعد أن نجحت إسرائيل في محاصرة المدينة العربية القديمة بحزام من المستعمرات اليهودية فأنها لاتألو جهدا في تهويد القدسالشرقية العربية, والحقيقة أن خطة الاستيطان وتهجير الفلسطينيين خاصة في القدس لم تبدأ مع عدوان1967 أو مع الحكومات التي تعاقبت في الحكم في اسرائيل منذ عام1948, إذ هما أساس الفكرة الصهيونية من أجل الاستيلاء علي فلسطين, فقد كانت البداية مستوطنات صهيونية ما لبثت أن تحولت الي دولة بالقوة عام.1948 وأصبح الاستيطان أهم مهامها وأخذ زعماؤها استكمالا للتوسع البشري يخططون لتحقيق التوسع الجغرافي وبعد عدوان1967 تمسكت اسرائيل بمبدأ عدم العودة الي حدود4 يونيو1967 وامتزجت الحجج الأمنية بادعاءات اقتصادية ودينية. ولتثبت التوسع الاقليمي شرعت في خلق حقائق استيطانية بشكل مكثف في بعض المناطق العربية المحتلة. وتولت زرع ما يزيد علي تسعين مستوطنة جديدة مختلفة من حيث الحجم والنوعية( مستوطنات زراعية وقري صناعية ومراكز مدنية وبلدية ومعسكرات) وذلك لازالة حدود ما قبل1967 ووصفت سياسة الزرع هذه بسياسة الضم الزاحف للأراضي العربية. وأخذت قضية الاستيطان في القدس والمنطقة المحيطة بها منذ عام1967 أهمية رئيسية. واتفقت جميع وجهات النظر في اسرائيل علي التمسك بالقدس وعلي ان عملية الاستيطان فيها انما تهدف الي جعل القدس يهودية لتصبح العاصمة الحقيقية لدولة اسرائيل. وذلك بالاتيان بربع مليون مهاجر يهودي جديد أو أكثر الي المدينة المقدسة, وامتداد الاستيطان الي ما وراء حدود القدس الحالية لتشمل دائرة تمر بحدود رام الله وبيت لحم والخان الاحمر, أي لتتحول القدس العربية الي جزيرة صغيرة وسط بحر يهودي, وهذا بالتالي سيرسخ عملية التحول اليهودي للمدينة ويكرس اسرائيل عليها, ويفصلها نهائيا عن المنطقة العربية. ومنذ يونيو1967 وضع التخطيط الجديد للقدس لتغطية المدينة كلها وربط شطريها, وقامت باعداده لجنة هندسية اسرائيلية عليا. وحاولت اسرائيل اضفاء الشرعية علي ما تنوي تنفيذه, فقام تيدي كوليك رئيس البلدية الأسبق بتشكيل لجنة استشارية باسم اللجنة الخاصة بالقدس من42 مهندسا وخبيرا من19 دولة مختلفة بحجة ان للقدس معني خاصا يتجاوز حدود اسرائيل. ولتغطية الأهداف الحقيقية التي تبغيها اسرائيل بحثت اللجنة في مواضيع أخري كالعلاقات العربية اليهودية والتعايش السلمي بين الشعبين والنشاطات الدينية في المدينة. والمناطق التي يشملها المشروع تضم الاحياء العربية التالية: حي باب العمود, حي الشيخ جراح, واجزاء من احياء المصرارة وسعد وسعيد, باب الخليل وطريق يافا, ساحة الساعة والمنشية ومأمن الله, حي جمعية الشبان, المستشفي الايطالي, المسكوبية. وهي مناطق سكنية تاريخية تشكل امتداد للمدينة ويؤدي تغييرملامحها الي تشويه كامل للمدينة القديمة نفسها مع فرض ابقائها علي حالها.