لخص الداعية الإسلامى الدكتور صفوت حجازى «الهدف» من النقاب، إذ نصح مرتديته بأن تعمل «ودن من طين وأخرى من عجين» إزاء الآراء المعارضة له ونصح المنتقبة بعدم الانصياع للكشف عن هويتها، ومن ثم أسس «لحصانة» النقاب ولكن هنا فى مصر وليس فى مكة حيث لا أدرى بماذا ستجيب المنتقبة عندما يقولون لها إن الكشف عن الوجه أمر فى المسجد الحرام!! وأضاف لا فض فوه أن التى تخرج متبرجة وتظهر زينتها على الآخرين فهى عاهرة وتخفى معها الشيطان!! وفى هذا الكلام رفيع الأدب والمعبر فى رأيه عن الإسلام، حكم بأن كل من لا ترتدى النقاب عاهرة!.. وتلك هى لغة داعية إسلامى يتحلى بقيم الدين الحنيف الذى جعل من الكفر والإيمان شأناً إلهياً، وفاته ذلك ضمن ما فاته وفات كل الذين يعتبرون رأيهم أو رؤيتهم فوق الجميع بمن فى ذلك رجال الدين من مستوى شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية ووزير الأوقاف - على سبيل المثال لا الحصر - ويريد هؤلاء تعميم النقاب بعدما أخرجوا لنا من جعبتهم أنه من «ثوابت الدين» ووضع الدولة وبقية الناس أمام الأمر الواقع ولا تهم حرية الآخرين الشخصية تلك الحرية التى محظور أن يتمتع بها غيرهم وإهدار مبدأ أصيل من مبادئ الشريعة، بل إن الشريعة الإسلامية هى التى استحدثته، وهو مبدأ عدم التعسف فى استعمال الحق.. فإذا كان من حق المنتقبة أن ترتدى ما تشاء فمن حقى أنا وهذا حق أصيل أن أعرف هوية من معى بجانبى سواء فى موقع عمل أو شارع أو محل تجارى ولا يحق لأحد إهدار حريتى تلك. والمثير للانتباه أن تعميم الحجاب بدأ بنفس الطريقة.. إنه حرية شخصية ونحن نرى الآن أنه ليس قضية حرية بل هو «فرض» لزى معين على المصريات من سن الطفولة - حيث يستحيل أن يقال إن طفلة تمارس حريتها الشخصية - إلى سن الشيخوخة، والنقاب يعنى الحط من قدر المرأة واعتبارها «مصدراً للرذيلة يجب إخفاؤه» كما يقع على المرأة عبء تفادى وقوع الرجل الذكر فى هوة الغواية أو الشهوة وكأن كل رجال المسلمين لا هم لهم إلا «اللقاء الحميمى» بالمرأة.. أى امرأة سواء كانت فى سن البراءة أو حتى عجوز «رجلها والقبر».. فلم تعد المرأة «إنساناً» خصها الخالق عز وجل بالرحم الذى تولد فيه الحياة وكأنها ليست أما أو أختاً أو ابنة أو عالمة ذرة أو طبيبة أو ممرضة أو مدرسة.. إنها فقط «بؤرة شيطانية» يجب وأدها بطريقة غير تلك التى كانت سائدة فى الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام، بعزلها تماماً عن الحياة داخل تابوت متحرك - وقد كانت لدينا حضارة فى مصر مازلنا نفخر بها ولكن يعلم الله وحده إلى متى، فقد تصدر فتوى بأن ملكات مصر القديمة مثل حتشبسوت ونفرتيتى وكليوباترا «عاهرات» - على حد وصف الداعية المهذب، ولا أدرى ما هو بالضبط المجتمع الذى ينشدونه، هل ذوت المبادئ والقيم الإسلامية مثل العمل والعلم والأمانة والشرف والفضيلة والمجادلة بالتى هى أحسن، وبات الإسلام مختزلاً فى زى أى كان هذا الزى؟ وهل يمكن أن ننشر الإسلام من خلف ستار كثيف والأصل فى الإقناع هو التواصل بين البشر والتواصل مستحيل دون رؤية الآخر الذى يحاول إقناعى؟ وكيف ستتم الزيجات بين الناس.. هل سيطلب الرجل الزواج من فتاة أو امرأة لم يشاهدها و«بختك يا أبوبخيت؟!»، إن الحملة الضارية التى دخلت مرحلة النقاب ووصم كل من لا ترتديه بالعهر والفجور، تخفى وراءها نوايا شريرة تسعى إلى جرنا إلى عصور الظلام وما قبل الإسلام الذى أمرنا بالعمل والإنتاج حتى لا نظل عالة على العالم المنتج المبتكر الذى تقدم لأنه يقدس «الإنسان رجلاً كان أو امرأة» وهو ما جعل الإمام محمد عبده يقول إنه رأى فى أوروبا مسلمين بلا إسلام ورأى فى وطنه إسلاماً بلا مسلمين. وأكرر سؤال العالم الكبير الدكتور حازم الببلاوى: هل غير الرسول الكريم الزى الذى كان يرتديه قبل نزول الوحى بآخر بعده، وهل كان الكفار فى الجزيرة العربية يتجولون بالمايوهات والتى شيرت والشورت؟ وأين رأى هؤلاء «عريا» فى وطننا، أم أن كل من لا ترتدى النقاب باتت «عارية»؟! إنهم يسحبون مصر نحو النقاب.. وعليها أن تنتقب ومن ثم أن تنسحب.. وهو المطلوب!