علاجك مستقبلاً فى يد وزيرين حالياً، أولهما الدكتور حاتم الجبلى الذى يقع عليه عبء إعداد مشروع قانون التأمين الصحى الجديد، وثانيهما الدكتور يوسف بطرس الذى يقع عليه عبء التمويل! وكم نتمنى، لو أن الدكتور حاتم قد أرسل يطلب حضور الدكتور أشرف الفقى، الطبيب المصرى، الذى يعمل فى المركز القومى للأورام فى واشنطن، ويقيم هناك، فعنده أفكار مهمة فى أصل الموضوع، لو أن وزير الصحة قد أنصت إليه ساعة واحدة! وكنت قد عرضت جانباً هو الأهم فى أفكار الدكتور الفقى، صباح أمس، خصوصاً تلك التى تتعلق بمبدأ الوقاية، فى أى مشروع تأمين صحى يريد أن يكون ناجحاً، وهو مبدأ يتعين دوماً أن يتقدم العلاج فى المشروع ذاته، كهدف تسعى الدولة إلى إتاحته لكل مواطن فى المستقبل! وحين يكون طبيب مصرى من هذا النوع مقيماً لفترة خارج بلده، فإن عنده بالضرورة عدة ميزات ليست متوافرة لنا هنا داخل البلد، وربما تكون الميزة الأهم أنه يرانا هناك، من بعيد، وبالتالى فرؤيته أوضح، وأقدر على التخلص بطبيعتها من تفاصيل نحن غارقون فيها إلى آذاننا، ثم تأتى ميزة أخرى أكثر أهمية، هى أنه يتابع، بحكم عمله أولاً، وبحكم حنينه إلى بلده ثانياً، تفاصيل مشروع التأمين الصحى الذى يقاتل «أوباما» الآن، من أجل إقراره، ويواجه معارضة عنيفة من أكثر من جهة، وليس فقط من الحزب الجمهورى المعارض! طبعاً البلد فى حالة الولاياتالمتحدة، غير البلد فى حالة مصر، والظروف مؤكد غير الظروف فى جوانب عديدة منها، ولكن هناك فى النهاية أشياء لديهم مفيدة لنا، ويمكن أن نستفيد منها، وأن تكون إضافة حقيقية إلى مشروع للتأمين الصحى لابد أن يكون تأميناً حقيقياً، لا صورياً ولا شكلياً، وأن يشمل كل مواطن بمظلته، وأن يكون مثل هذا المواطن مطمئناً تماماً إلى أنه سوف يستند، عند حاجته إلى أى علاج، على حقائق فى مشروع للتأمين الصحى، وليس على أوهام! ويعرف الدكتور الجبلى، أن الدكتور طه حسين، كان قد أطلق فى وقت من الأوقات شعاره الشهير «التعليم كالماء والهواء» وقد انشغل الدكتور طه نفسه، وانشغلنا معه، بالشكل فى الشعار، عن المضمون.. وإلا.. فهل كان عميد الأدب العربى يتصور، مع خياله الواسع، أن يكون التعليم بحالته المأساوية الحالية، فى جميع مدارسنا وجامعاتنا، هو حصيلة إطلاق ذلك الشعار الشهير؟! لا نريد من الدكتور الجبلى، أن يعمل بطريقة أن التأمين الصحى للجميع، كالماء والهواء، دون أن يكون لديه التمويل الكافى فعلاً، الذى يجعل مشروع قانون التأمين، عندما يتحول إلى قانون، شيئاً مماثلاً للتأمين الذى نسمع عنه، ونراه ونرى أثره، فى بلاد تدرك تماماً، عائد العناية بصحة الإنسان، على إجمالى ناتجها القومى.. وأيضاً أمنها القومى. يا دكتور حاتم لا تكرر خطيئتنا مع شعار طه حسين.. ولا تسمح أبداً باستخدام مشروع التأمين الصحى كشعار لكسب الانتخابات المقبلة، سواء كانت برلمانية أو رئاسية، فبعدها لن يستطيع أحد أن يحاسب أحداً، حين نكتشف أن الموضوع كله كان مجرد شعار.