استبشرنا خيراً عندما ساهم الوزير أحمد المغربى وزير الإسكان بمبلغ 12 مليون جنيه دفعها من حصيلة بيع الأراضى للمساهمة فى إعادة تخطيط وتطوير ميدان الرماية بالهرم.. الوزير اعتبر هذه المساهمة واجباً وطنياً رغم أن هذا الميدان لا يدخل تحت مسؤوليته.. وللأسف هذه المساهمة ومعها 2 مليون جنيه من صندوق المحافظة تم إهدارها فى تخطيط فاشل.. محافظة الجيزة دفعت ال15 مليون جنيه فى إزالة بعض الأرصفة والجزر وتغطية مساحات محدودة من الطرق بطبقة من الأسفلت.. دون أن تكمل الطرق المؤدية إلى مطلع الطريق الدائرى من الصحراوى أو الطريق الممتد منه إلى ميدان الرماية.. المحافظ لأنه لا يخرج إلى الشارع المصرى فهو لا يعرف سوء حالة الطريق الصحراوى الذى ينحصر فى هذه المنطقة.. ولإثبات الوجود خرج علينا بتطويره الفاشل الذى قتل السياحة فى المربع الذهبى لهذه المنطقة. الميدان لم يشهد أى تطوير بل تحول إلى فتحات طولية.. من وجهة نظر المحافظ أنها حل جذرى لمشكلة الانفلات المرورى والاختناقات التى كانت تربك حركة المرور فى هذه المنطقة.. أنا شخصياً لم أكن أتوقع أن يخرج علينا محافظ الجيزة بتخطيط للميدان لا يتناسب مع ثقافته المعمارية ولا يمكن أن يقال إن هذا التخطيط له صلة بخبرة رجل عجوز مثله أعطى أحلى «سنين عمره» للتعمير حتى كافأه أحمد المغربى وقام بترشيحه محافظاً للجيزة، ولا أعرف هل لأنه أصبح فى موقع المحافظ فلم يعد مطلوباً منه أن يضع فكره أو فلسفته فى تخطيط ميدان حيوى مثل ميدان الرماية فاعتمد على صغار المهندسين عنده وكانت النتيجة هذا التخطيط الذى أحدث تفككاً لأهم منطقة سياحية.. تخيلوا مثلاً القادم من الطريق الدائرى ليأخذ طريقه إلى منطقة الفنادق مطلوب منه أن يخرج إلى شارع الهرم فى «لفة» غير مطلوبة ليخترق الشوارع الرئيسية المؤدية إلى مدخل فيصل ومنها إلى شارع خلف الفنادق ليخترق الطريق الرئيسى إلى فندق الموفنبيك وقد كان على بعد خطوات منه قبل هذه اللفة.. للأسف التخطيط الذى حدث فى ميدان الرماية كان له تأثير سيئ على حركة أتوبيسات الأفواج السياحية.. فبعد أن كانت السيارات القادمة من شارع الهرم تأخذ طريقها إلى مدخل الطريق الصحراوى من ناحية أسماك خريستو.. مطلوب منها أن تتوقف فى نهاية شارع الهرم لتنحرف يميناً فى «لفة» غير طبيعية حتى تسقط شمالاً إلى ميدان الرماية.. وتسلك الطريق المؤدى إلى الفيوم أو تنحرف شمالاً إلى مدخل الأهرامات.. هل هذا معقول. السؤال الآن.. كيف افتتح ثلاثة وزراء.. المحجوب والمغربى ومنصور هذا الميدان نيابة عن رئيس الحكومة الذى كان مقرراً له أن يشهد هذا الحدث بعد تطويره.. وكلنا نعرف أسباب اعتذاره فقد كان قدره أن تغيب عنه الفاضلة زوجته فى هذا اليوم بعد أن توفاها الله.. ولأن المفاجأة كانت مؤلمة للوزراء الثلاثة فلم تكن ظروفهم تسمح بمناقشة المحافظ فى هذا التخطيط.. رجال المرور فى الجيزة كانوا أتعس الناس لأنهم تحملوا عبء الإشراف على المنافذ الجديدة لتوعية قادة المركبات.. فى حين أن أى عاقل يسند له تخطيط ميدان مثل ميدان الرماية سيكون قراره هو إنشاء نفق مثل نفق صلاح الدين المواجه لكوبرى قصر النيل، إن هذا الميدان فى حاجة إلى نفق تعبر فوقه السيارات القادمة من الطريق الصحراوى ويكون لها طريق يمين للدخول إلى طريق الفيوم.. وطريق آخر دائرى يعبر من تحت النفق يميناً للمتجه إلى شارع فيصل.. نفس الاتجاه العكسى للقادم من شارع الهرم متجهاً إلى الطريق الصحراوى.. فله الحق أن ينحرف يميناً للمتجه إلى فيصل قبل الصعود فوق النفق.. ثم ينحرف فى طريق آخر دائرى تحت النفق يميناً للمتجه إلى طريق الفيوم.. أو يأخذ طريقه الطوالى إلى الطريق الصحراوى. هذا التخطيط لا يحتاج إلى عبقرى.. إذا أردنا تصحيح المسارات الخاطئة التى اخترعها عبقرى الجيزة.. بعد أن أربك حركة المرور فى المنطقة وأصبح قائد المركبة مطلوباً منه أن يلف ويلف على طريقة «دوخينى يا لمونة».. التخطيط الجديد يحتفظ بقوة هائلة من رجال المرور فى المنطقة فى حين أن المفروض أن أى تطوير جديد لا يعتمد على رجال المرور حتى نستفيد منهم فى مناطق مختنقة أخرى.. والذى يؤلم أن مدير المرور فى الجيزة اللواء كامل ياسين لم يكن له دور فى هذه المأساة مع أنه عقلية مرورية لا أعرف لماذا تجاهله عباقرة التخطيط فى الجيزة.. فالرجل يعرف أن قواعد التطوير للميادين لا تكون بإنشاء الطرق الطوالى ولكن بالطرق الدائرية تحت الأنفاق وميدان مثل ميدان الرماية كان فى حاجة إلى نفق.. لكن ماذا نقول للعباقرة الذين أرادوا علاج العشوائيات فى ميدان الرماية.. فقتلوا السياحة فى المربع الذهبى للميدان. على أى حال الذى حدث فى ميدان الرماية هو بداية غير مطمئنة على مستقبل التخطيط العمرانى فى الجيزة، ناهيك عن أن المحافظ هو الذى أشرف بنفسه على هذا التطوير الفاشل.. لكن من يحاسبه على إهدار 15 مليون جنيه ضاعت فى الهواء وخنق معها الفنادق فى المنطقة. [email protected]