دخل محيى إسماعيل الاستديو وحيانى وهو يرتدى الكمامة على أنفه وفمه.. ورفض أن يصافحنى وقال لا أحضان ولا تقبيل.. الموقف خطير خطير.. حتى العشرون فى المائة التى كانت أمل النجاة.. تبخرت.. لم أفهم ماذا يقصد لكنه أوضح أنه قرأ فى جريدة الوفد أن ثمانين فى المائة مما نأكله من طعام.. مسرطن.. أقسم أنه وقف أمام الثلاجة فى بيته وبكى.. كان مندهشاً أننا انتظرنا كارثة أنفلونزا الخنازير لكى نفكر فى التخلص من مزارع الأوبئة المتفشية فى حزام العشوائيات حول القاهرة.. انتقل الحديث بنا إلى زينهم وإلى حكاية الرجل المخبول الذى رآه فى منطقة الحسين يتجه إلى مقهى يجلس عليه خواجة يشرب الشاى ويضع أمامه كوبا كبيراً من الماء.. امتدت يد المخبول وشربت الماء فضربه الخواجة.. فانصرف غضبان لينتقم من أربعة أشخاص عابرين لا ذنب لهم.. الخواجة أعجب بقوته واستدعاه.. جاء إليه حاملاً قطة ضخمة.. عقد معه الخواجة صفقة يأخذه وقطته ليعمل معه فى أمريكا ويزوج القطة من قط أمريكى يعيش فى بيته.. وتتوالى فنتازيا الحكايات وتتزوج قطة زينهم القط الأمريكى وتتم عملية أمركة المخبول الذى يعود ليدمر كل شىء يقابله.. رحت أسأل نفسى ما الذى يجعل نجماً سينمائياً يتجاوز همه وعذاباته المهنية إلى هموم سياسية كبرى.. الإجابة أبداً.. إنه واحد من ملايين المصريين يحلمون بالتغيير.. باستعادة الهوية.. بصحوة حضارية.. المدهش أن حواراتنا استمرت فى الاتجاه السياسى لتتحسر على ثلاثين ألف شاب مصرى يقال إنهم تزوجوا من إسرائيليات وذهبوا ليعيشوا فى تل أبيب، وآخرين أهلكتهم محاولات الهجرة غير الشرعية.. إنه واحد من المصريين الذين تتأرجح عقولهم بين مثالية هيجل الفيلسوف الألمانى وعبثية توفيق الحكيم ولا معقولياته حين يقول ياطالع الشجرة.. هات لى معاك بقرة.. تحلب وتسقينى.. بالمعلقة الصينى.. فاجأنى بالحديث عن السمك الصينى الذى يغزو أسواق مصر.. فقلت له.. الأخطر هو السمك الفيتنامى الذى أصاب الكثيرين بالتسمم.. ولماذا لا يوجد سمك مصرى فى الأسواق ولدينا بحيرة ناصر والبردويل والبرلس والمنزلة والنيل والبحر المتوسط والبحر الأحمر.. عجيبة أليست كذلك؟!.. عاد بنا الحديث إلى السينما صرخ متألماً من تفريط الدولة فى فرص استثنائية.. للتألق الثقافى عربياً وعالمياً.. لماذا رفعت الدولة يدها عن دعم السينما؟!.. لم أجد ما أقوله رداً سوى عنوان مقالة إسعاد يونس فى الشروق.. الداية قبل الجنين والأم والأب.. أنتم ضحيتم بالجنين والأب والأم.. أنقذوا الداية. وكانت الرسالة موجهة إلى وزارات الثقافة والإعلام والصناعة وجهاز صناعة السينما.. عاد محيى إسماعيل ليقول لى أرأيت أن المسائل كلها عبث فى عبث وبعد ذلك تلوموننى وتتهموننى بأنى غريب الأطوار ومجنون.. أتمنى أن تحافظوا على عقولكم وإلا فأنتم مرشحون لبطولة رواية المخبول.. كلكم.. جمعاء.. جمعاء. [email protected]