أسدلت محكمة جنايات القاهرة الستار على أول فصول قضية «الاتجار فى الأطفال» المتهم فيها 11 شخصاً، بينهم أمريكيون، ومصريون يحملون الجنسية الأمريكية، بالاتجار فى البشر وبيع وشراء 4 أطفال حديثى الولادة، والتزوير فى محررات رسمية، وتهريب الأطفال المصريين إلى أمريكا مقابل مبالغ مالية بغرض التبنى المحظور قانوناً. أصدرت المحكمة أحكاماً تتراوح بين السجن 5 سنوات والحبس عامين، وغرمت كلا منهم 100 ألف جنيه عن الاتهامات المنسوبة إليهم فى القضية التى انفردت «المصرى اليوم» بمتابعة تفاصيلها والكشف عنها. قابل المتهمون أحكام المحكمة بثورة عارمة، بينما انفعلت الزوجة الأمريكية وظلت تصرخ أمام كاميرات التليفزيون ووسائل الإعلام بأن القضية سياسية، وأن هناك اضطهادا للأديان فى مصر، وأنها كانت تريد توفير حياة كريمة لطفلين هما: ألكسندر وفيكتوريا، ونفت أن تكون قدمت أى مبالغ مالية مقابل هذا التبنى، وقالت إنها تتعرض لظلم شديد وأن الحكم الصادر بحقها قاس رغم أن محاميها طعن بعدم الدستورية على بعض مواد القانون الخاص بالطفل، إلا أن المحكمة لم تلتفت إلى الطلب، بينما انخرطت أسر المتهمين فى البكاء بعد صدور الحكم، وحدثت بعض الاشتباكات بين أسر المتهمين والإعلاميين الذين حاولوا الاقتراب من قفص الاتهام للتصوير، إلا أن أجهزة الأمن نجحت فى فض الاشتباكات. من جانبهم، رفض مسؤولو السفارة الأمريكية الذين تواجدوا بالقاعة التعليق، وتواجد عدد من منظمات المجتمع المدنى داخل القاعة لمتابعة سير القضية، بينما قال محامى المتهمين، إن لديهم أملا كبيرا فى محكمة النقض، بعد صدور حيثيات الحكم وقراءتها والوقوف على أسباب الطعن فيها لإعادة محاكمة المتهمين أمام الجنايات مرة أخرى. استمرت الجلسة 10 دقائق، سبقتها 4 ساعات انتظارا للمستشار المحمدى قنصوة، حتى صعد على المنصة فى الثانية عشرة والنصف، بعد أن نظر القضايا الموجودة فى رول الجلسات داخل غرفة المداولة، وأصدر فيها أحكاماً على المنصة، وقضى ببراءة اثنين من المتهمين فى قضايا مخدرات، ومعاقبة 4 آخرين بالسجن المؤبد والسجن 15 عاماً، ثم نظر قضية الاتجار فى الأطفال وقضت المحكمة بمعاقبة كل من المتهمين الحاضرين عدا الثلاثة الهاربين حضورياً، أولاً: بمعاقبة مريم راغب مشرقى، المشرفة بجمعية «بيت طوبيا» للخدمات الاجتماعية، والدكتور جورج سعد، طبيب نساء وتوليد، وجميل خليل بخيت، أمين صندوق الجمعية، بالسجن 5 سنوات، وتغريمهم 100 ألف جنيه عما أسند إليهم من بيع وتسهيل بيع الطفلين ألكسندر وفيكتوريا مقابل مبالغ مالية بغرض التبنى المحظور قانوناً. ثانياً: الحبس لكل من إيريس نبيل عبدالمسيح، أمريكية الجنسية، وزوجها لويس أندراوس، أمريكى الجنسية، ورأفت عطاالله وجوزفين القس متى وعاطف رشدى أمين حنا، وسوزان جين هاجلوف وزوجها مدحت متياس بسادة وأشرف حسن مصطفى، طبيب، بالحبس عامين مع الشغل، وتغريم كل من إيريس وزوجها وجوزفين وزوجها 100 ألف جنيه عما أسند إليهم من اتهامات. كما قضت المحكمة بمصادرة المضبوطات وإلزام المتهمين بالمصاريف الجنائية وأتعاب المحاماة، وقضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية المقامة من المحامى وائل بهجت ذكرى، وإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة. استمرت الجلسة 10 دقائق واستغرق المستشار قنصوة منها 5 دقائق فى نطق الحكم فى القضية التى بدأت أولى جلساتها فى 14 مارس الماضى، وحجزتها المحكمة للحكم فى 22 يوليو الماضى، واستمرت 8 جلسات على مدار 183 يوماً. بدأت الجلسة بعد أن تم إيداع المتهمين داخل قفص الاتهام، الذين حضروا منذ الصباح وتواجدوا داخل سجن المحكمة، وقبلها انتظر الصحفيون منذ الثامنة صباحاً داخل قاعة السادات، التى وقعت بها عدة مشادات انتهت إلى إخلاء القاعة لمدة دقائق عن طريق الرائد ياسر زعتر، رئيس حرس المحكمة، الذى قام بإعادة تنظيم دخول الصحفيين والكاميرات الفضائية إلى القاعة، كما شهدت الجلسة إجراءات أمنية مشددة من قبل قوات التأمين برئاسة اللواء عبدالواحد السودة، مدير إدارة الترحيلات. رفعت المتهمة سوزان صورة الطفل ألسكندر واحتضنت زوجها داخل القفص وأشارت بعلامة النصر قبل أن تنطق المحكمة بحكمها، فى حين قامت المتهمة الأولى فى القضية بخلع الإيشارب الخاص بها والاختفاء وراءه فى الوقت الذى قبل فيه لويس أندراوس زوجته إيريس داخل قفص الاتهام أكثر من 5 مرات وظل محتضنها أمام كاميرات التليفزيون وظل يداعبها طوال الوقت، أعقب ذلك صعود المستشار المحمدى قنصوة، والمستشارين محمد جاد وعبدالعال سلامة، بحضور هانى جورج، رئيس النيابة، وأمانة سر حسن الصيفى وعماد شرف. كان المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، أحال المتهمين فى القضية التى عرفت باسم «مافيا الاتجار بالبشر ببيع وشراء الأطفال حديثى الولادة»، بغرض التبنى المحظور قانوناً إلى المحاكمة الجنائية، حيث نسبت النيابة العامة للمتهمين الثلاثة الأُول، أنهم باعوا وسهلوا بيع الطفلين المسميين ألكسندر «البالغ من العمر شهرين تقريباً»، وفيكتوريا «البالغة من العمر شهرين تقريباً» للمتهمين إيريس نبيل وزوجها لويس كونستنتين مقابل مبلغ نقدى بغرض التبنى المحظور قانوناً، وذلك بأن اتفقت إيريس وزوجها لويس حال وجودهما بالولايات المتحدةالأمريكية، مع المتهمة الأولى، مريم راغب، بواسطة المتهم الثالث جميل خليل على شراء طفلين «ذكرا وأنثى» حديثى الولادة مقابل مبلغ نقدى قدره 26 ألف جنيه. جاء بأمر الإحالة أن المتهمة الأولى اتفقت مع المتهم الثانى، طبيب أمراض نساء وتوليد، على تدبير الطفلين، وقام الأخير إثر ذلك بتوليد سيدتين مجهولتين فى مستشفى «الأندلس الخاص» الكائن فى 14 شارع الوحدة العربية بجسر السويس، وحرر شهادتين تفيدان قيامه - على غير الحقيقة - بتوليد المتهمة الرابعة إيريس نبيل لهذين الطفلين المسميين «ألكسندر وفيكتوريا» وأنهما توأمان، وسلم الطفلين وشهادتى التوليد إلى المتهمة الأولى مريم راغب، التى احتفظت بهم فى جمعية «بيت طوبيا للخدمات الاجتماعية» الخاضعة لإشرافها. أضافت النيابة أن مريم راغب، أبلغت المتهمة الرابعة إيريس والخامس لويس فحضرا إليها برفقة المتهم الثالث جميل خليل، بعد سدادهما سلفاً المبلغ النقدى المتفق عليه ثمناً لشراء الطفلين، فتسلماهما والشهادتين المذكورتين، مما مكن المتهمين إيريس ولويس من استخراج شهادات ميلاد وجوازات سفر مزورة للطفلين وقدماها للسفارة الأمريكيةبالقاهرة لاتخاذ إجراءات سفرهما للولايات المتحدةالأمريكية لاصطحاب الطفلين. ونسبت النيابة للمتهمة الرابعة والمتهم الخامس أنهما اشتريا الطفلين المذكورين «ألسكندر وفيكتوريا» مقابل مبلغ نقدى بغرض التبنى، المحظور قانوناً، بأن اتفقا مع المتهمة الأولى بواسطة المتهم الثالث جميل خليل على شراء الطفلين المشار إليهما سلفاً. كما نسبت للمتهمين الثانى والرابعة والخامس أيضاً، أنهم اشتركوا مع موظفين عموميين حسنى النية «موظفى مكتب صحة زهراء عين شمس» بطريق المساعدة فى تزوير محررات رسمية هى شهادة ميلاد رقم «1985»، الصادرة من مكتب صحة زهراء عين شمس، باسم الطفلة فيكتوريا لويس كونستنتين أندراوس، والنماذج المعدة للتبليغ عن الولادة، وشهادة الميلاد رقم «1986» الصادرة من مكتب صحة زهراء عين شمس والنماذج المعدة للتبليغ عن الولادة باسم الطفل ألكسندر لويس كونستنتين أندراوس. كما اشترك المتهمون الثلاثة فى تزوير سجل قيد المواليد الخاص بمكتب صحة الزهراء بعين شمس، بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة بأن قدموا إليهم إخطارى الولادة المزورين من المتهم الثانى جورج سعد، فأثبت الموظفون حسنو النية تلك البيانات بالسجلات عهدتهم، فتمكن المتهمون من استخراج شهادات ميلاد ثابت بها، على خلاف الحقيقة، البيانات الخاصة ببنوة الطفلين المسميين ألكسندر وفيكتوريا للمتهمين إيريس ولويس، مع علمهم بتزويرها فوقعت الجريمة بناءً على تلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. ونسبت النيابة أيضاً للمتهمين جورج سعد وإيريس نبيل ولويس كونستنتين، أنهم اشتركوا مع موظفين عموميين حسنى النية «موظفى مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية» بطريق المساعدة فى تزوير تذكرتى مرور، هما جوازا السفر باسم الطفلين ألسكندر وفيكتوريا لويس كونستنتين أندراوس ومستندات استخراجهما من مكتب جوازات الأميرية بأن قدما، إيريس ولويس، شهادتى الميلاد المزورتين لاستصدار جوازى السفر المشار إليهما مع علمهم بذلك، فوقعت الجريمة بناءً على تلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. واتهمت النيابة العامة جورج سعد بأنه ارتكب تزويراً فى محرر عرفى بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة، بأن حرر إخطارى الولادة لكل من الطفلين المسميين فيكتوريا وألكسندر لويس كونستنتين أندراوس، وأثبت فيهما، على خلاف الحقيقة، قيامه بتوليدهما من المتهمة الرابعة إيريس نبيل، لتسهيل حصول الأخيرة على شهادتى الميلاد السالف ذكرهما. واعترف المتهمون، أمام النيابة، بارتكاب تلك الوقائع لإنهاء أزمات السيدات اللاتى يحملن أطفالاً سفاحاً، وفى الوقت نفسه مساعدتهن بمبالغ مالية مقابل شراء الأطفال، نظراً لمنع التبنى فى مصر، فقد اعترف المتهمون باشتراكهم فى تزوير بيانات هؤلاء الأطفال وعددهم 4 والتقدم للسفارة الأمريكية لاستخراج جوازات سفر لهم وتهريبهم إلى أمريكا مع هؤلاء الأشخاص الذين ادعوا أنهم آباؤهم على غير الحقيقة، وبدأ الكف عن نشاط هذه العصابة بعد أن تقدمت السفارة الأمريكيةبالقاهرة ببلاغ إلى قسم شرطة قصر النيل، عن تقدم سيدة تحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية للسفارة بطلب لإثبات بنوتها طفلين، تمهيداً لاستخراج جوازات سفر لهما ومنحهما الجنسية الأمريكية، وكشفت التحقيقات عن معلومات تفيد بتورط آخرين لم تتوصل إليهم التحريات فى جرائم بيع أطفال مصريين لسيدات من كندا وأمريكا طوال العام الماضى. شهدت جلسات محاكمة المتهمين، العديد من المفاجآت، أولاها عندما قال المستشار المحمدى قنصوة فى إحدى الجلسات: «تنكسر رقبة هيلارى على كلينتون نفسه.. محدش يتدخل فى أعمال القضاء المصرى»، معترضاً على محاولة أحد المحامين إقحام وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلارى كلينتون، بشأن تقرير أعدته حول القضية، مؤكداً استقلالية ونزاهة القضاء المصرى، كما شهد قفص الاتهام، فى نفس الجلسة، واقعة غريبة عندما أحضر أحد الأشخاص للمتهمة الرابعة إيريس نبيل «تورتة» للاحتفال بعيد ميلاد زوجها لويس أندراوس ال70. طالب دفاع المتهمين بوقف الدعوى لحين الفصل فى دعوى أقامتها المتهمة الرابعة إيريس نبيل، ضد زوجها المتهم لويس أندراوس لإثبات نسب الطفلين ألكسندر وفيكتوريا، اللذين قُدم المتهمون بسببهما للمحاكمة الجنائية، وتساءل: ماذا سيكون الموقف القانونى إذا أدانت المحكمة الجنائية المتهمين ثم صدر حكم بإثبات نسب الطفلين للمتهمين؟! مشيراً إلى أنه سيكون هناك مشكلة قضائية، لذلك يجب أن تفصل المحكمة الجنائية فى طلب إيقاف الدعوى لحين الفصل فيها بعيداً عن موضوع الدعوى الجنائية.