محافظ الغربية يعتمد المخطط التفصيلي لمدينة طنطا والأحوزة العمرانية ل36 عزبة    مستشار بمعهد الدراسات الإستراتيجية: موسكو بين ضغط العسكريين وتحذيرات الاقتصاد    الأربعاء.. رئيس الوفد يعلن رؤية الحزب بشأن قانون الإيجار القديم    لجنة بشأن الهدنة في العاصمة الليبية برعاية أممية.. ما دورها؟    إعصار مدمر يضرب كنتاكي وميزوري ويخلف أكثر من 20 قتيلا وعشرات الجرحى    ديكلان رايس يتفوق على نفسه مع أرسنال    علاء عبد العال: بيراميدز فرط في الصدارة.. والأهلي الأقرب لحسم الدوري    533 ألفا و963 طالبا وطالبة يؤدون امتحانات المواد غير المضافة للمجموع في الشرقية    باحث مصري يحصد الدكتوراه حول توظيف العلاقات العامة الرقمية بالمؤسسات الثقافية العربية    مصر تسترد 20 قطعة أثرية من استراليا    مهرجان الإسكندرية السينمائي لأفلام البحر المتوسط يعفي ذوي القدرات الخاصة من رسوم التسجيل    . حفيد عبد الحليم يرد على انتقاد موقف عائلة من نشر أسرار العلاقة السرية مع سعاد حسني    21 مايو .. انطلاق مؤتمر "الإبداع والهوية - صوت الشعوب".. في احتفال القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية    محافظ الجيزة: جهود مكثفة لتطوير المستشفيات والارتقاء بالخدمات الصحية    «الضرائب» توضح تفاصيل خضوع المطاعم والكافيهات ل«القيمة المضافة» وتحذر من حملات تحريضية    جهاز تنظيم الاتصالات يناقش أبرز تحديات المستخدمين في عصر الجيل الخامس    أتالانتا يتمسك بماتيو ريتيجي رغم اهتمام ميلان ويوفنتوس    تعليم الشيوخ تستكمل مناقشة مقترح تطوير التعليم الإلكتروني في مصر    أنغام تتألق في "ليلة العمر" بالكويت وتستعد لحفل عالمي على مسرح "رويال ألبرت هول" بلندن    أستاذة علوم سياسية: كلمة الرئيس السيسى ببغداد شاملة تتفق مع السياسة الخارجية المصرية    «الأعلى للجامعات» يعلن آليات اختبارات القدرات تنسيق 2025 (التفاصيل)    محافظة الجيزة تزيل 3 أدوار مخالفة فى عقار بحى العجوزة    احتفالا بذكرى مجمع نيقية.. اجتماع ممثلي الكنائس الأرثوذكسية    محافظ المنوفية يترأس اللجنة العليا للقيادات لاختيار مدير عام التعليم الفني    استعدادات «تعليم قنا» لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    "جلسة جديدة".. بايرن ميونخ يكشف تطورات المفاوضات مع ساني    منافس الأهلي بالميراس البرازيلي ل«أهل مصر»: لم نتفاوض مع كريستيانو رونالدو    وزير الدفاع الباكستاني: تلقّينا عرضًا هنديًّا للتفاوض حول كشمير والإرهاب.. ولا يمكن تجاهل الدور الدولي    حكم قضائي بحبس صالح جمعة شهرا لعدم سداده نفقة طليقته    اقرأ وتدبر    شراء الذهب بالتقسيط    إغلاق ميناء الغردقة البحري بسبب سوء الأحوال الجوية    بدء التصويت في الانتخابات التشريعية بالبرتغال    فصل التيار الكهربائي عن 5 مناطق بالعريش غدًا.. تعرف عليها    تواضع رغم النجاح| 4 أبراج لا تغريها الأضواء وتسعى للإنجاز بصمت    بداية من اليوم.. السكة الحديد تتيح حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى 2025    رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يتفقد سير امتحانات نهاية العام -صور    ما العيوب التي تمنع صحة الأضحية؟ الأزهر للفتوى يجيب    الحج رحلة قلبية وتزكية روحانية    حكم قراءة الفاتحة وأول البقرة بعد ختم القرآن؟.. علي جمعة يوضح    توريد 200 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    هل الكركم ضار بالكلى؟    الداخلية تواصل تيسير الإجراءات للحصول على خدمات الجوازات والهجرة    ترحيل المهاجرين لسوريا وأفغانستان.. محادثات وزيري داخليتي النمسا وفرنسا غدا    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع لسرقته    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    «مأزق جديد».. بيراميدز يدرس عدم خوض مباراة سيراميكا ويلوح بالتصعيد    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومى للبحوث تخدم 3200 مريض فى 6 أكتوبر    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    التريلا دخلت في الميكروباص.. إصابة 13 شخصًا في حادث تصادم بالمنوفية    أوكرانيا تعلن ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    النائب عبد السلام الجبلى يطالب بزيادة حجم الاستثمارات الزراعية فى خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الجديد    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معارك فكرية.. النثر الفنى
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 09 - 2009

رأى الدكتور زكى مبارك أن كتابه «النثر الفنى» الذى أصدره عام 1934م، منقحاً عن رسالته للدكتوراه التى حصل عليها من السوربون عام 1933م، رأى فى هذا الكتاب أنه يشكل دعامة مذهبه الأدبى، وأشار إلى أنه عكف على إنجازه طيلة سبع سنوات، كما أنه عصارة لجهود عشرين عاماً قضاها فى دراسة الأدبين العربى والفرنسى.
وقال مشيراً لخصومه المتوقعين: «فإن رأوه أصغر من أن يورث للمؤلف شيئاً من الزهو فليذكروا أننى ألفته فى أيام سود لقيت فيها من عنت الأيام ما يقصم الظهر والعمر».
لقد لقى هذا الكتاب لزكى مبارك معارضة من أحد المستشرقين الكبار وهو «مرسيه»، الذى خالف مبارك الرأى وخالفه مبارك وغضب «مرسيه» لذلك، وأمر بحذف الفصلين موضع الخلاف فى الدكتوراه، بحجة أنهما استطراد لا يوائم روح البحث على النحو الفرنسى،
ورفض مبارك وأصر على إبقاء الفصلين بزعم أنهما الأساس الذى تنهض عليه نظرية النثر الفنى، لكن بعيداً عن «مرسيه» كان هناك من يتربص بزكى مبارك، وهو طه حسين الذى هاجم الفصلين نفسهما فى الكتاب ونقض رأى مبارك فى الرسالة كلها، واستمرت المعركة أشهراً ودخلت أطراف أخرى فى المعركة، وهى أطراف وقفت فى خندق طه حسين لتكيل الانتقادات لزكى مبارك، ومن هؤلاء محمد فريد وجدى.
ومن أبرز الآراء التى أثارت عاصفة النقد على كتاب زكى مبارك «النثر الفنى» أن مبارك قال إن العرب كانوا على قدر من الحضارة، فلما جاء الإسلام دفعهم إلى الأمام، وأن النثر الفنى كان موجوداً لدى العرب قبل الإسلام، وأن القرآن كان شاهداً من شواهد الشعر الجاهلى، ونعرض من فصول هذه المساجلة مقال محمد فريد وجدى ورد زكى مبارك عليه.
محمد فريد وجدى: كتابك معلول
1- إن استدلال الدكتور زكى مبارك على وجود ذلك النثر الفنى عند العرب بالقرآن لا نزال نراه معلولاً ولا يصح الإصرار عليه، فإنه إن كان القرآن وحياً سماوياً أو فيضاً وجدانياً من أى طريق روحانية فلا يجوز الاستدلال به على ما يظهر أن لدى الجاهليين من نثر لانقطاع الصلة بين ما هو إلهى وما هو بشرى. وإن كان ليس بنثر ولا بفيض وجدانى من طريق روحانية تميزه فلا يجوز الاستدلال به أيضاً فى هذا الوطن. لأن هذا الكتاب اعتبرته أمة بأسرها كتاباً إلهياً معجزاً للإنس والجن مجتمعين، ولشىء لا يعتبر إلهياً ومعجزاً إلى هذا الحد إذا كان فوق قدرة الذين يدينون بهذه العقيدة على الأقل.
كيف يفترض أن يكون لفئام الناس من الأميين نثر فنى وهو نقيض الكتابة والتمييز. أليس لو كان لهم شىء من ذلك لكان كتاباً يعتبرونه أساساً لديانتهم يقدسونه ويحتفظون به ككل أمة متدينة فى الأرض. إن الأمة التى ليس لها كتاب مقدس لا يعقل أن يكون لها شىء مكتوب على الإطلاق وإذا عدم المكتوب فقد عدم النثر الفنى ولا يجوز السؤال عنه ولا البحث فيه.
2- إنى لمعجب بالأسلوب العلمى الدقيق وبمهارته فى نقل المباحث الأدبية من مجال الظنون والأوهام إلى مجال النظر المباشر المجرد عن الملابسات الدينية والتقاليد.
ولسنا ننكر أن سلوك هذه الجادة على وضوحها واستقامتها لا يخلو من الخصال التى تستدرج الباحثين إلى ما لا يتفق والأسلوب الذى يحرصون على تطبيقه، فيضربون فى متاهاتها بمعزل عن الأعلام العلمية ويكون مثلهم فى تصرفهم فى تطبيق الأسلوب الأمثل كمثل خصومهم الذين يتخبطون فى بحوثهم بغير دليل.
إنى أوافق الدكتور زكى مبارك على أن حقيقة الحياة الأدبية عند العرب الجاهلية لا يصح أن تؤخذ عن الذين كتبوا فيها من المؤلفين الذين تأثروا بالروح الدينية ونحوا فى وضعها نحوا يتفق وروايات رجال ليس مرماهم تقرير الحقائق ولكن الإغراب والزلفى من الحاكمين.
3- رأى زكى مبارك أن العرب الجاهليين كانوا قد دخلوا فى تطور نحو ثلاثة قرون قبل البعثة عارضناه فيه، وأثبتنا له أن ثلاثة قرون تمضى فى التطور ولا تثمر لذويه توحيد كلمتهم وتعين غايتهم ولا تبعث فيها داعياً يهيب بهم إلى الأخذ بالأسباب وهو شرط لا محيص من وجوده.
إن مثل هذا التطور المجرد من جميع مميزاته المعروفة لا يصح القول به فى عرف علم الاجتماع، فإن من شروط الافتراضات العلمية أن تكون مرجحات وأعلاماً وإلا لفظت إلى عالم الأوهام.
زكى مبارك: هذا رأى المستشرقين
يرجع أصل الخلاف إلى رغبتى فى نقض ما أصر عليه فريق من المستشرقين، وشايعهم عليه الدكتور طه من أن النثر الفنى عند العرب لم يعرف إلا فى أواخر العصر الأموى حين اتصل العرب بالفرس واليونان، فهو فن اكتسبه العرب بعد الإسلام، ومن رأى المسيو مرسيه أن العرب يدينون فى نثرهم إلى الفرس وكان ذلك رأى الدكتور طه ثم عاد فقرر أن العرب يدينون فى نثرهم إلى اليونان، وحجة هؤلاء الباحثين أن العرب قبل الإسلام لم يكن لهم وجود أدبى ولا عقلى وأنه يمكن فقط الاعتراف بأنه كان عندهم شعر. لأن الشعر فن ساذج يوجد عند الأمم الهمجية.
ولا كذلك النثر فإنه لغة العقل: والعرب فى رأيهم كانوا قبل الإسلام يعيشون عيشة أولية لا يعرف فيها كيف تكون طرائق البيان، تلك حجتهم وذلك أصل الخلاف.
أما أنا فقد تطلعت إلى تحقيق هذه المسألة منذ سنوات، فقد نشر الدكتور طه حسين فى مجلة المقتطف سنة 1926 مقالاً عن النثر فى الخمسين سنة الماضية فقد تكلم عن بداية النثر العربى وتكلم عن المقفع، وكيف كان يلحن ويحرف الكلم عن مواضعه لأنه فى ظنه كان أول الثائرين ولا يخلو مبتدئ من تعثر واضطراب.
فلما ذهبت إلى باريس سنة 1927 وجدت المستشرقين يبدئون ويعيدون فى هذه المسألة، وعرفت أن المسيو مرسيه هو صاحب الرأى القائل بأن الغرب أخذوا مناهج النثر عن الفرس لأن أول ناثر عند العرب هو ابن المقفع وكان فارسى الأصل وبعد تأملات طويلة اهتديت إلى أن للنثر العربى أصولاً أخرى غير الأصول الفارسية، وتلك الأصول هى النثر عند الجاهليين وبذلك يكون النثر الأموى نثراً متطوراً عن النثر الجاهلى ولم ينقل نقلاً عن نماذج النثر الفارسى ثم بحثت عن الشواهد فرأيت القرآن أنصح شاهد وأصدق دليل.
ولما اطمأننت إلى نظريتى أعلنتها للدكتور طه حسين سنة 1928 على أنها محاولة، فراعه ذلك ورأى أن نظريته أو نظرية المسيو مرسيه أصبحت فى مهب الأعاصير ثم قال فى انفعال:
«إنت عاوز تكفر»
يرى خصوم نظرية النثر الجاهلى أن العرب قبل الإسلام لم يكونوا أهل معارف ولا أهل تفكير، وإنما كانوا يعيشون عيشة فطرية لا تساعد على إنشاء النثر الذى يخاطب العقل، وإن أمكن أن يكون لهم شعر وأن يكون لهم خطب صغيرة وأسجاع وأمثال فذلك لا يستلزم أن يكونوا عرفوا وتخاطبوا به متراسلين.
ونحن ننقض هذا الاعتراض ونعلن أن الإسلام كان تاجاً لنهضة أدبية وعقلية واجتماعية عند العرب، ونرى أن العرب أعدتهم الأيام للملك والفتح فى تطور طويل لا يقدر بأقل من ثلاثة قرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.